تعلم فن السؤال لتحسين العلاقات وتعزيز التواصل
غالباً ما نفشل في اكتشاف ما يفكر، يشعر ويعلم الناس من حولنا.
إن التعمّق في هذه الأفكار الضمنية له القدرة على تحسين العلاقات ويعزز منْ التعلّم والتواصل.
ولاكتشاف ما يفكر ويشعر الآخرون به علينا تعلّم كيفية طرح الأسئلة الصحيحة بالطرق الصحيحة.
لا يقول الناس ما قد يفيدنا معرفيّاً مثل نواياهم الفريدة وأفكارهم الأصيلة ونحن لا نسأل.
أبعد مما نتوّقع، نبقى في حالة جهل بما يشعر ويعرف أولئك مما يدفعنا إلى أن نتّخذ أسوء القرارات ونبقى عالقين في ديناميكيّات محبطة ونفوّت على أنفسنا فرص التعلّم والتواصل.
ومن جانب آخر عندما نتعمّق في منجم الأفكار الخفيّة الذهبيّة يمكننا خلق علاقات أعمق وأكثر أهمية وسبر الآفاق لمستويات جديدة في التعلّم والنموّ.
يوثق هذا المنشور منهجاً بخمس خطوات لاكتشاف طرق تفكير من هم حولك وبما يشعرون به.
الخطوة الأولى: اختيار الفضول
يُخبر كل منّا نفسه عن قصص حياته الخاصة وعلاقة الناس بها. وندخل في فخ الحكم، الاستياء والقلق، واثقين من وجهة النظر الخاصة بنا لدرجة أننا لا نشعر بالفضول بشأن ما قد لا نراه.
يكون اختيار الفضول كنوع من الخروج من حلقات اليقين، نحن نميل تلقائياً إلى التأكيد بدلاً من الشك بسبب جملة من التوّجهات النفسية والشروط الاجتماعية.
إنها إستراتيجية البقاء: لا يمكننا أن نطور كل البيانات التي تّعرض علينا يومياً، وبشكل تلقائي، يختار دماغنا نطاقاً ضيقاً من تلك المعلومات لاتخاذ القرارات والإجراءات.
عندما تشعر في نفسك متيقناً، في المرة القادمة، حاول تضمين الشك في تفكيرك.
ما المعلومات أو الحالات المتعلقّة بهذا الشخص والتي من الممكن لك أن تبحث فيها؟
ما التحديّات الوارد حدوثها للشخص الآخر وأنت لا تستطيع رؤيتها؟
الخطوة الثانية: اجعلها آمنة
تطلّب الأمر عقوداً من البحث من قبل الأستاذة في كليّة هارفارد للأعمال في جامعة هارفارد آمي ادموندسون وغيرها من الذين توصلوا إلى شرح آلية ارتباط التحدّث بجرأة بالأمان النفسي.
وبمعنى آخر هم يحتاجون إلى الأمان النفسي، ومعرفة أنك لن تحكم عليهم أو تٌشعرهم بالخجل أو تعاقبهم لمشاركتهم معك أفكارهم على نحو واسع وتزداد أهميّة ذلك إذا تفاعلت مع خطوط الاختلاف مثل الأعمار، الأعراق والأنواع فكل منها تزيد من المخاطرة (الحقيقيّةً أو المتصوّرة) للتحدّث بصراحة.
والمفتاح هنا يتعلق بك ولجعل الأمر يبدو سهلاً، آمناً وجذّاباً بالنسبة لهم للتحدّث بأمانة.
وإن بدت أفعالك، في الماضي، سلبيّة أو حكميّة فإنه عليك بذل جهد مضاعف لجعل الأمر آمناً وحتى لو لم تفعل ذلك فمن المرجح أن يكون الشخص الآخر قد جرّب شعور الخجل أو التأنيب لمجرد تحدّثه بصراحة وسيعاني من عدم الأمان على بعض المستويات.
في حين أنه من السهل أن تشعر أنه “يجب” أن يشعر بالأمان أكثر معك.
وكما يجب أخذ خطوات إضافيّة، للتأكد من كونهم أكثر أماناً وبعداً عن الأسف.
الخطوة الثالثة: اطرح أسئلة نوعية
حان الوقت الآن لتبدأ طرح الأسئلة، لسوء الحظ يسأل أكثر الكبار أسئلة أكثر من اللازم وغالباً ما تكون الأسئلة التي يطرحونها مدفوعة بالرغبة وليس من باب التعلّم والفهم. طرح أسئلة /نعم أو لا/ (ألا توافق ؟).
أو تلك التي تضع الناس في مواقف دفاعيّة (بما كنت تفكر؟) لا تفضي إلى معلومات قيّمة بل يمكن أن تؤدي إلى إغلاق المحادثات.
وعلى العكس تساعد الأسئلة النوعيّة في تعلّم بعض الأشياء من الشخص الآخر. إنها تشير إلى الفضول الحقيقي الذي يعكس رغبة حقيقية في التعلّم من الشخص الآخر وفهمه – وليس من جهة إثبات نقطة ما أو التأثير عليه أو إحراجه.
فهم يدعون إلى الصدق من خلال كونهم واضحين ومباشرين، بدون وجود أجندة بديلة.
تتعمق الأسئلة النوعيّة بقصص الآخرين لتحدد أهميّة المعاني، الأسباب، العواطف والتجارب الأساسيّة.
الخطوة الرابعة: استمع لتتعلم
إن الطريقة التي تستمع بها تحدد مقدار ما تتعلمه ومدى عٌمق التواصل، وفي حين ما نسبته 96% من الناس يعتبرون أنفسهم مستمعين جيدين، تٌظهر الأبحاث أننا نستمع (نحتفظ) فقط لجزء بسيط مما يقوله الناس لنا.
ومن السهل الشعور وكأنك تستمع، بينما تكون في الحقيقة تنتظر دورك في الإجابة أو تتفحص كلمات الآخر بحثاً عن الثغرات التي يمكنك استخدامها كوسيلة للدفاع عن نفسك أو لرفض نقاشاتهم.
اسأل نفسك السؤال التالي كلما فعلتَ ذلك:
ماذا يمكنني أن أتعلّم من هذا الشخص؟
ثم اسمح لهذه النيّة بتوجيه استماعك. هدفك الوحيد هو أن تفهم ما يودّ الشخص الأخر مشاركته معك.
نعم كل شيء آخر- حتى أفضل نقاطك المقابلة- يجب أن تأخذ حيّزاً لتحرير موارد الانتباه التي تحتاجها من أجل الاستماع لمستويات متعددة من المعنى في وقت واحد.
الخطوة الخامسة: التفكير وإعادة الاتصال
أخيراً، يتعيّن عليك معالجة ما تسمعه إلى شكلٍ جديد يمكنك من خلاله التعلّم والنموّ.
اسأل نفسك هذه الأسئلة الثلاثة:
(1) كيف يمكن لما سمعته أن يغير قصتي عن الموقف؟
(2) بناءً على ما سمعت ما هي خطوات العمل التي يمكنني اتخاذها؟
(3) كيف يمكن لما سمعته أن يتحدى وجهات نظري، افتراضاتي أو طٌرق وجودي.
بمجرد التفكير، شارك ما تعلمته وما تخطط لفعله في الخطوة التاليّة.
فالخطوة الأخيرة تٌشكل مستقبل علاقتك بذلك الشخص في المستقبل. وعندما يتجرأ شخص ما في مشاركتك أفكاره أو مشاعره بصدق، إنما يريد أن يعرف إن الأمر كان يستحق العناء، وإذا لم تقم بإعادة التواصل، عندها ستترك لدى الشخص حالة سوء تقدير أو الاستغلال بشكل أسوء. بينما عندما تأخذ وقتا كافيا لمشاركة ما تعلمتّه، تفسح المجال لتواصل أعمق ولتعلّم منفتح يعود بالمنفعة عليكم.
لا ينقص هذه الخطوات القوى الخارقة، يمكن لأي شخص استخدامها لتحويل علاقاتهم ونشر التعلّم والتطور غير المسبوقين في كل مجالات الحياة. سنتعمق أكثر في مشكلة ما يكتمه الأشخاص، في المقالات القادمة، ولماذا، بالإضافة إلى كل خطوة من خطوات منهج السؤال.
- ترجمة: لينا شعبان
- تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
- المصادر: 1