لماذا يصعب علينا تناول الطعام الصحي رغم أننا نعرف أهمية ذلك لصحتنا؟!

يحمينا النظام الغذائي الصحي من عدد من الأمراض المزمنة، منها أمراض القلب، والسكري، والسرطان.

منذ الصّغر ونحن نتلقى الكثير من المعلومات عن ما يجب تناوله لننعم بصحة جيدة ونخفض إحتمالية الإصابة بالأمراض. ولدى أغلب الناس ثقافة جيدة حيال ما يعتبر طعامًا صحيًا.

ورغم ذلك، لا تؤدي هذه المعرفة إلى اتباع نظام غذائي صحي.

في بحثنا الجديد، سنحاول معرفة المزيد عن السبب الذي يدفع الناس للأكل بطريقتهم الحالية، وما الذي يمنعهم من اتباع نظام أفضل. على سبيل المثال، كان الافتقار إلى الوقت أحد أكبر العوائق المانعة للطهي وتناول طعام صحي أكثر.

كيف تختار ما ستأكله؟

تحدثنا مع 17 شخصا بالغًا في المركز الإقليمي في ولاية فيكتوريا. إذ اخترنا المقر الإقليمي نظرًا لقلة الأبحاث التي أُجرِيت مع أشخاص يقطنون خارج المناطق الحضرية، إضافةً إلى ارتفاع مستويات البدانة والمشاكل الصحية الأخرى المتعلقة بالنظام الغذائي في مثل هذه المناطق في أستراليا.

يمثل المشتركون خليطًا من الناس، منهم من قال أنه تجاوز “حدود الوزن الطبيعي” ومنهم من كان قد اتبع حمية غذائية لفقدان الوزن سابقًا. وفي المجمل كان جميع المشاركين إما:

-نساء شابات بين سن 18 و24 وليس لديهن أطفال.

-نساء بين سن 35 و45 لديهن أطفال في المدرسة الابتدائية.

-رجال تتراوح أعمارهم بين 35 و50 يعيشون مع شريك ولديهم أطفال في مرحلة التعليم الابتدائي أو ما قبله.

واخترنا هذه المجموعات بغية استهداف الفئات العمرية ومراحل الحياة التي قد تحدث فيها تقلبات في سلوكيات الأكل. كذلك بيّنَت الأبحاث السابقة أن النساء الأصغر سنًا غالبًا يكن مهتمّات بالمظهر خاصةً بدلًا من تناول الطعام الصحي. بينما توجه النساء اللواتي لديهن أطفال اهتمامهن لإعالة أسرهم في الغالب. ويُبدي الرجال قليلًا من الاهتمام حيال ما يأكلون.

سألنا المشتركين أسئلة مثل: كيف يقررون ما الطعام الذي سوف يتناولوه؟ ومتى؟ وما الكمية؟ وما الذي يحول دون اتخاذ خيارات صحية؟

الأمر لا يقتصر فقط على الطَّعم والصِّحة.

رغم أن هذه القرارات تتخذ بصورة جزئية بناءََ على تفضيلات المذاق واعتبارات الحالة الصحية، لكننا وجدنا أنها تأثرت كثيرًا بمجموعة من العوامل الأخرى، والتي تقع خارج سيطرة الفرد. وتشمل تفضيلات أفراد الأسرة الآخرين للطعام، والأنشطة العائلية، وقيود العمل، وضيق الوقت، والراحة، والتكلفة.

إذ يُقصَد بالأكل الصحي اتباع نظام غذائي متوازن وغني بالعناصر الغذائية، متضمّنًا مجموعة متنوعة من الفواكه، والخضار، والحبوب الكاملة، والبروتينات الخالية من الدهون، والدهون الصحية. يتوجب كذلك تقليل استهلاك الأغذية المُصَنّعة والسكريات المُضافة والملح الزائد. يشتمل الغذاء الصحي أيضًا على الطريقة التي نأكل بها، وطريقة تفكيرنا حيال الطعام والأكل، كوجود علاقة إيجابية مع الطعام.

فعلى سبيل المثال، ذكرت امرأة من بين الفئة العمرية 35 و45 أن عائق الوقت وتفضيلات العائلة جعلت من الصعب تحضير طعام صحي: “يسرّني الوقت الذي يمكنني فيه تحضير وصفة طعام وجلب جميع مكوناتها وإعدادها بشكلٍ صحيح، ولكن ذلك لا يحدث كثيرًا، فهي في العادة حسب ما يوجد وما هو سريع. وما يقبل الجميع تناوله”.

كما أشار أحد الرجال الذين يتراوح أعمارهم بين 35 و50 إلى الدرجة التي تملي فيها نشاطات العائلة وتفضيلات الأطفال للطعام ما يتم اختياره من الوجبات: “في الواقع، لدينا أيام محددة من الأسبوع، مثل أمسيات الأربعاء والتي يجب أن نتناول فيها المعكرونة بالجبن والدجاج المقلي، فهذه رغبات الصِّبيَة بعد حصة السباحة”.

وتظهر الأبحاث أنه غالبًا يكون الأطفال متقبّلين للأنواع الجديدة من الطعام أكثر مما يعتقد آباؤهم. ولكن يتطلب تقديم الأطباق الجديدة المزيد من والوقت والإعداد.

بيّنت إحدى النساء من عمر 18 و24 الدور الذي يؤديه ضيق الوقت، وأنشطة والديها، والأسعار، وقالت عن انعكاس ذلك فيما تأكله ومتى: “يذهب والدي للعبة البلياردو في أيام الاثنين والأربعاء مساءََ، لذلك دائمًا نشرب الشاي في وقت أبكر ونطهو الطعام البسيط والسريع، وذلك لكي يتناول والدي العشاء قبل الذهاب بدلًا من شراء الوجبات من الحانة والتي تكلفه المزيد من المال”.

ورغم اعتقادات الناس، فالحمية الغذائية الصحية ليست مكلفة مقارنةً بالغذاء التقليدي غير الصحي. فهناك دراسة تقارن بين الحمية المتبعة حاليًا (غير صحية) وبين ما نصحت به المبادئ التوجيهية الغذائية الأسترالية أن يتناوله الناس، التيىاكتشفت أن الحمية الجيدة أرخص بنسبة 12 إلى 15 بالمئة من الأكل الغير صحي، بالنسبة لعائلة مكونة من فردين بالغين ومن طفلين. لكنّ تعلم وإعداد أطباق جديدة يتطلّب وقتاََ وجهداََ.

ببساطة، تعليم الناس عما يجب تناوله ليس بالضرورة أن يأتي بعادات تغذية صحية. إذ يرغب الناس في تناول طعام ذو قيمة صحية أكبر، أو لنقل أنهم يعلمون بحاجتهم لتغيير أنواع طعامهم، ولكن هناك ما يعيق سبيلهم.

فإحدى مفاتيح النجاح في تطوير سلوكيات الغذاء عند الناس يكمن في تسهيل ظروف تناول الغذاء الصحي.

إحدى السياسات المُيسِّرة لتناول الناس للغذاء الصحي قد تقضي على دعم إنتاج الأغذية الصحية، كالمنتجات الغذائية الطازجة، وتقديم حوافز للبائعين حين توفيرهم لخيارات طعام صحية، وضمان الحصول على وجبات غذائية مفيدة في المدارس وأماكن العمل.

إذًا، كيف لنا أن نسهّل اختيار الطعام الصحي؟

نورد لكم خمسة نصائح لتخفيف صعوبة اتخاذ الخيارات الصحية ضمن المنازل:

1- إن كنت منشغلًا جدًا في أيام محددة من الأسبوع وليس لديك متسع من الوقت لإعداد طعام طازج، اعتمد الطّهي بكميات كبيرة في الأيام الأقل انشغالًا، وخزّن الطعام الزائد في البراد أو الثلاجة ليكون تحضيره أسرع حينها.

2- إذا كان الوقت ليس وفيرًا في النهار في أغلب الأحيان، ويدفعك ذلك لتناول ما يسهل الحصول عليه، فيمكنك أن تبقي بعض الوجبات الصحية السريعة جاهزة ومتوفرة. كوضع وعاء من الفواكه في منتصف طاولة المطبخ، أو وضع بسكويت الحبوب الكاملة، والمكسرات الغير مملّحة في متناول اليد.

3- ناقش ما يفضله أفراد أسرتك من الطعام وتوصّل إلى وجبات مفيدة يرغب بها الجميع. أما للأطفال الأصغر سناََ، جرّب تقديم كمية قليلة من الطعام الجديد، وكذلك تقديمه جنبًا إلى جنب مع طعام يألفوه ويحبون تناوله من قبل.

4- إن كنت ممن يعتمد كثيرًا على الوجبات السريعة أو على خدمات توصيل الطعام، جرب إعداد لائحة بأسماء المطاعم والوجبات التي تحبها والتي تعدّ وجبات صحيّة قبل وقت الطلب. بإمكانك اختيار اللحوم الخالية من الدهون، أو الدجاج، أو السمك الذي يعد بطريقة الشوي، أو الخبز، أو السلق، فهي أفضل بكثير من القلي. وكذلك اختيار أطباق تحتوي الكثير من الخضار مثل السلطات.

5- تذكر أن الفواكه والخضار تكون ذات مذاق ألذّ وغالبًا أرخص في مواسمها. ولكن تبقى الخضار المعبئة والمثلجة بديل سريع ومفيد.

  • ترجمة: حسن شاهين
  • تدقيق علمي ولغوي: عهد محروقة
  • المصادر: 1