الفيزيائيون يولدون موجات صوتية يمكنها السفر في اتجاه واحد فقط

تخيل ثلاث أشخاص مجتمعين في دائرة بحيث عندما يتحدث أحدهم، يسمعه شخص آخر فقط. ابتكر العلماء جهاز يعمل بهذه الطريقة، مما يضمن أنتشار الموجات الصوتية في هذا الاتجاه فقط.

تم تطوير الجهاز من قبل علماء في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ والمعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في لوزان، وهو مكون من تجويف على شكل قرص به ثلاثة منافذ متباعدة بشكلٍ متساوٍ، يمكن لكل منها إرسال واستقبال الصوت.

في حالة عدم النشاط، يمكن سماع الصوت المنقول من المنفذ 1 إلى المنفذ الثاني والثالث بنفس الحجم. كما ترتد الموجات الصوتية إلى المنفذ 1 على شكل صدى أيضاً.

ومع ذلك، عندما يكون النظام قيد التشغيل، فإن المنفذ 2 هو فقط الذي يسمع أصوات المنفذ 1.

تكمن الحيلة في نفخ الهواء الدوار في التجويف في سرعة وكثافة محددتين، مما يسمح لموجات الصوت بالتزامن في نمط محدد وبشكلٍ متكرر. وهذا لا يسمح بتوجيه الموجات الصوتية بشكل متكرر فقط، بل يمنح المزيد من الطاقة لتلك التذبذبات حتى لا تتبدد.

يقول العلماء أن تقنيتهم قد تساعد في تصميم تقنيات الاتصالات في المستقبل. من الممكن تصنيع مواد فائقة جديد قادرة على التلاعب ليس فقط بالموجات الصوتية، بل بالموجات الكهرومغناطيسية أيضاً.

ويقول الباحث الكبير نيكولاس نويري: “إن مفهوم انتشار الموجات غير المتبادلة المعوضة عن الخسارة هو في رأينا نتيجة مهمة يمكن نقلها أيضًا إلى أنظمة أخرى”.

مثل موجات الضوء أو الماء، تكون موجات الصوت في الوسط النموذجي متبادلة، وهذا يعني أن تذبذباتها يمكن أن تنتشر إلى الخلف بنفس السهولة التي تنتشر بها إلى الأمام.

بالنسبة لأي زوج من المرسل أو المستقبل، يمكنك تبديل الأدوار وستظل الوظيفة كما هي.

وبالعودة إلى السياق السابق، يمكن لشخصين في غرفة التحدث يتحدثان بنفس مستوى الصوت دون وجود عوائق بينهما أن يسمعا بعضهما بوضوح حيث تتحرك الموجات الصوتية بحرية في كلا الاتجاهين.

هناك أوقات حيث من المفيد جعل الصوت غير قابل للتبادل، ربما عندما يكون قمع الضوضاء مطلوباً.

في عام 2014 طور باحثون في جامعة تكساس في أوستن جهاز تدوير الصوت يستخدم مراوح صفيرة لنقل الهواء عبر حلقة رنينية. عندما يدخل الصوت من أحد المنافذ الثلاث، تصبح الموجات الصوتية غير متبادلة ولا يمكن سماعها إلا من أحد المنافذ الأخرى وليس في كليهما.

ولكن كان هناك مشكلة واحدة: فقد تبدد الصوت أثناء انتقاله، مما أدى إلى إضعاف الموجات التي وصلت إلى الوجهة. لذا شرع فريق المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ منع الموجات الصوتية من فقدان طاقتها في رحلتها في اتجاه واحد.

في هذه الحالة، يدخل الهواء المتدفق عبر الأنبوب إلى الحلقة من المركز، مما يتسبب في إصدار صوت صفير. وهذا يخلق تذبذبات ذاتية الاستدامة في الضغط الصوتي داخل التجويف. ومن خلال ضبط هذه التذبذبات على تردد الموجات الصوتية الداخلة، يمكن للموجات في الواقع اكتساب الطاقة، مما يمنعها من الضعف.

شرع الفريق ببناء الدائرة الصوتية واختبار تصميمهم، من خلال إرسال موجات صوتية بتردد حوالي 800 هيرتز من موجة واحدة وقياس كيفية وصولها إلى الموجهين الآخرين.

وبالفعل، بحلول الوقت التي وصلت فيه الموجات إلى الموجة الدليلية الثانية لم تكن ضعفت – بالعكس، فقد كانو أقوى عما كانو عليه عندما جرى بثها. لم يتم الرصد عن أي موجات صوتية عند الموجة الدليلية الثالثة، مما يدل على أن الهدفين قد تحققا.

ومن عجيب المفارقات أن فكرة استخدام التذبذبات لتقوية الموجات الصوتية نشأت من العمل الهادف إلى تقليلها. فالتذبذبات التي تتفاعل مع الموجات الصوتية قد تلحق الضرر ببعض الأنظمة، مثل محركات الطائرات، لكن نويراي أدرك أنه يمكن استغلالها لتحقيق الخير أيضًا.

ويقول الفريق إن جهاو التدوير الصوتي يمكن أن يساعد العلماء في دراسة انتشار الموجات الصوتية والتلاعب بها. بل أن المفهوم العام قد يُستخدم في توجيه الموجات الكهرومغناطيسية لتحسين أنظمة الرادار أو الاتصالات.

**الموجة الدليلية (Waveguide)** هي هيكل أو قناة تُستخدم لتوجيه الموجات الكهرومغناطيسية أو الموجات الصوتية أو أنواع أخرى من الموجات من نقطة إلى أخرى بأقل فقدان ممكن للطاقة. تُصمم هذه الهياكل بحيث تَحصر الموجة داخل مسار محدد، مما يمنع تشتتها أو فقدانها في البيئة المحيطة.

استخداماتها:

– تُستخدم بكثرة في **الهندسة الكهربائية** و**الاتصالات** (مثل نقل إشارات الميكروويف في الرادارات أو أنظمة الاتصالات).

– في **البصريات** (مثل الألياف البصرية التي توجه الضوء).

– في **الفيزياء الصوتية** (لتوجيه الموجات الصوتية في أنظمة معينة).

  • ترجمة: احمد بدر
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1