
ما هي المياه القلوية، وهل لها أي فوائد؟
على الرغم من الادعاءات الصحية التي تحيط بالمياه القلوية، تشير الأدلة العلمية إلى أن فوائدها المزعومة قد تكون مبالغًا فيها.
أصبح شرب المياه القلوية توجهًا شعبيًا، إذ تدّعي العديد من الشركات أنها تقدم مجموعة متنوعة من الفوائد، من تحسين التروية إلى الوقاية من الأمراض المزمنة.
لكن ما هي المياه القلوية؟ وهل لها أي فوائد؟
قال ‘سالومي كروجر’ (بروفيسور في مركز الامتياز للتغذية في جامعة ‘نورث ويست’ في بوتشيفستروم في جنوب أفريقيا) لمجلة Live Science: “إن هذه الادعاءات ليس لها ما يبررها”.
المواد القلوية هي مواد أساسية أو عكس الحمضية، أي أنها ذات ph مرتفع، أما الأحماض فهي ذات ph منخفض. تعكس مستويات الحموضة المنخفضة كمية أكبر من الجزيئات ذات الشحنات الموجبة. وعادةً ما تكون قيمة الph للمياه القلوية بين 8 و9 وهو أعلى من مستوى الph الموجود في مياه الشرب العادية التي عادةً ما تكون ‘معتدلة’ عند حوالي 7.
يمكن للماء أن يصبح قلويًا عندما يتدفق فوق الصخور ويلتقط المعادن القلوية، أو يمكن أن يُنتج صناعيًا عن طريق التحليل الكهربائي، وهو عملية يمر فيها الماء المصفى عبر جهاز يفصله إلى تيارات حمضية وقلوية. يحتوي التيار القلوي معادن مثل: الكالسيوم، والبوتاسيوم والمغنيزيوم.
عند استهلاك المياه القلوية، من غير المحتمل أن يكون لها أي تأثيرات طويلة الأمد على الجسم. وذلك لأن نسبة الحموضة لها تصبح معتدلة في اللحظة التي تلامس فيها المعدة وهذا بسبب السوائل المعدية التي تتمتع بنسبة حموضة بين 1.5 إلى 3.5.
تتفاعل البيكربونات الموجودة في الماء مع حمض المعدة لتشكل الماء وثاني أكسيد الكربون الذي يتم تجشؤه بعدها.
يتم امتصاص المعادن الموجودة في المياه في الأمعاء الدقيقة وتدخل مجرى الدم حيث يتم الحفاظ على نسبة الحموضة بين 7.35 و7.45 بفضل الكليتين والرئتين. وتُصفّى المعادن الزائدة في الدم وتُفرَز بواسطة الكلى.
لذلك، من غير المألوف أن شرب المياه القلوية يجعل الجسد قلويًا بشكل كبير.
علاوةً على ذلك، قال ‘كروجر’: “الدراسات العلمية حول التأثيرات المحتملة للمياه القلوية محدودة وغير جازمة في كثيرٍ من الأحيان”.
تشير دراسات الأنابيب إلى أن المياه القلوية يمكنها أن تثبط الببسين البشري، وهو أنزيم هضمي.
في الارتجاع الحمضي يصل الببسين إلى الحلق مؤدّيًا لإتلاف الأنسجة.
يقول ‘كروجر’ : “قد يبدو تثبيط الببسين في هذا السياق مفيدًا. لكن من الممكن أن يتسبب ذلك بتعطيل الهضم في المعدة، الأمر الذي قد يكون غير مرغوب”.
بينت الدراسات على الحيوانات فوائد محتملة، مثل امتداد فترة الحياة وفقدان الوزن عند الحيوانات التي استهلكت المياه القلوية لفترة طويلة من الزمن. لكن الباحثين لم يستطيعوا شرح الآليات خلف هذه التأثيرات، لذا من غير الواضح إن كانت ملائمة للبشر.
وجدت إحدى الدراسات الرصدية التي أُجريت على أكثر من 300 امرأة أن النساء اللواتي شربن المياه القلوية بانتظام لديهن مؤشرات كتلة جسم أقل ومستويات سكر دم أكثر انخفاضًا من النساء اللواتي شربن المياه العادية. لكن المجموعة الأولى كانت تتمتع بدخل أعلى وتغذية أفضل وتمارس النشاط البدني بشكل أكبر. وقال ‘كروجر’ : “عوامل نمط الحياة هذه معروفة أنها ذات أثر أقوى بكثير على خطر الأمراض المزمنة من مجرد شرب المياه القلوية”.
كما أنه لا يوجد دليل جازم أن المياه القلوية ترطِّب بشكل أفضل من المياه العادية. في دراسة أجريت سنة 2016، رأى الباحثون انخفاضًا في لزوجة الدم -سماكة الدم ولزوجته- لدى الأشخاص الذين يستهلكون المياه القلوية، وأشارت الدراسة إلى أن هذا يعكس ترطيبًا أفضل. على أي حال، تتبعت دراسات أخرى العلامات المباشرة للترطيب ولم تجد أي فروقٍ بارزة بين المياه القلوية والمياه العادية.
قالت ‘ليزا هيفمان-نيل’ وهي أستاذة مشاركة في مركز الامتياز للتغذية في ‘جامعة نورث-ويست’ في جنوب أفريقيا: “على نطاق أوسع، هناك مشاكل منهجية في بعض هذه الدراسات البشرية، مثل أحجام العينات الصغيرة والنقص في القياسات الأساسية، والتي تجعل من الصعب استخلاص استنتاجات مؤكدة”.
أشارت ‘هيفمان-نيل’ إلى أن هنالك بحثًا ناشئًا يلمّح أن المياه القلوية قد تعمل كمضاد للأكسدة مما يقلل الإجهاد التأكسدي والتلف العضلي الناتج عن التمارين الرياضية عالية الشدة أو طويلة المدة. لكنها نوهت إلى أن هذا العمل ما يزال في مراحله المبكرة.
إن كان للمياه القلوية أي فوائد، فقد تكون مرتبطة بمحتوى المياه القلوية المنحل كهربائيًا أكثر من ارتباطها بنسبة حموضة المياه القلوية.
و قال ‘كروجر’: “إن الأدلة المتوفرة تشير إلى أن المياه القلوية لها فوائد واضحة قليلة -إن وجدت- غير المياه العادية وإن شرب المياه القلوية قد يحمل بعض المخاطر”.
على سبيل المثال، شرب المياه ذات نسبة حموضة أعلى من 9 قد يضع بعض المخاطر بالنسبة للأشخاص الذين يتناولون أدوية تمنع إنتاج حمض المعدة، مثل: مثبطات مضخة البروتون، لأنه قد يرفع مستويات نسبة الحموضة في المعدة. وأيضاً، من الممكن للمعادن الزائدة من المياه القلوية أن تسبب خللًا في مستويات المعادن في الدم لدى الناس الذين يعانون من أمراض الكلى ولا يستطيعون تصفية هذه المعادن بشكل فعال.
إذا كان منتج المياه القلوية يحتوي على بيكربونات الصوديوم -كما يحتوي البعض- فمن الممكن أن تساهم أيضًا في تناول مفرط للصوديوم.
وقال ‘كروجر’: “إن العديد من الأشخاص يستهلكون بالفعل مستويات عالية من الصوديوم الموجود في ملح المائدة والأطعمة المعالجة، وبالتالي فإن الصوديوم الإضافي من المياه القلوية قد يؤدي إلى تفاقم هذه المشكلة”.
- ترجمة: نوّار المير ملحم.
- تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
- المصادر: 1