ماذا يحدث للرمال حين يضربها البرق؟

حين يضرب البرق الرمال، يطلق دفعةً هائلة من الطاقة، تولّد حرارةً قد تصل إلى 30,000 كلفن (ما يعادل 54,000 درجة فهرنهايت)، وهي حرارة تفوق حرارة سطح الشمس. تؤدي هذه الحرارة الشديدة إلى صهر السيليكا (ثاني أكسيد السيليكون) الموجودة في الرمال على الفور، فتحوّلها إلى زجاج منصهر. ومن خلال هذا التحوّل السريع، تتكوّن تشكيلات زجاجية طبيعية تُعرف باسم الفولغورايت، وتُسمّى أحيانًا بـ “البرق المتحجّر”.

تتألف الرمال في معظمها من السيليكا (SiO₂)، غالبًا على هيئة الكوارتز، وهو معدن بلوري ذو درجة انصهار عالية تبلغ نحو 1700 درجة مئوية (3092°F). وقد تحتوي بعض أنواع الرمال على معادن أخرى مثل الفلسبار، أو كربونات الكالسيوم، أو مواد عضوية، مما يؤثّر على الهيئة النهائية للفولغورايت.

كيف يتكوّن الفولغورايت؟
تسخين شديد: ترفع ضربة البرق درجة حرارة الرمال إلى ما يفوق بكثير نقطة انصهار السيليكا، فتنقلب في لحظة إلى زجاج منصهر.
تبخّر الشوائب: تتبخّر الرطوبة وما في الرمال من شوائب بشكل فوري، مما يخلّف تجاويف أو فراغات داخل البنية الناتجة.
انصهار حبيبات الرمل: يبرد الزجاج المنصهر سريعًا، فتلتحم حبيبات الرمل وتتماسك، مشكلةً أنابيب زجاجية دقيقة. وللرمل المحيط دور مهم في تبريدها السريع بامتصاص الحرارة.
الشكل والبنية: تنتقل طاقة البرق عبر الرمال على طول المسار الذي يقدّم أقل مقاومة، فتتشكّل أنماط متفرعة تُشبه الأغصان أو الجذور.
والنتيجة سجلّ طبيعي نادر يحفظ أثر القوة الجبارة للبرق. تُعد الفولغورايتات، بتشكيلاتها المتشابكة المتفرعة، بمثابة آثار طبيعية حيّة تتيح للعين تأمل القوى الهائلة التي أطلقها البرق في لحظة خاطفة.

ما شكل الفولغورايت؟
تظهر الفولغورايتات في هيئة أنابيب ملتوية، طويلة أحيانًا، ذات سطح خارجي خشن رملي، وداخلي أملس زجاجي. وتماثل بنيتها مسار البرق الذي أنشأها، وتتميّز بعض الفولغورايتات بتفرعات دقيقة تُشبه الأشجار. وقد يتفاوت حجمها تفاوتًا كبيرًا حسب قوّة ضربة البرق، فمنها ما لا يتجاوز بضع بوصات، ومنها ما يمتد أقدامًا عدّة تحت سطح الأرض متتبعًا مسار التفريغ الكهربائي.
ويتأثر لون الفولغورايت بمكوّنات الرمال التي تشكّلت منها؛ فقد يكون رماديًا، أو أسود، أو مائلًا إلى الأخضر، بحسب ما تحويه الرمال من معادن وشوائب. وبعضها يظهر بلون شفاف، مما يدل على نقاء الرمال أو تفاعل كيميائي معيّن خلال التكوين. أما السطح الداخلي فيكون غالبًا ناعمًا لامعًا، في حين يكون الخارجي خشنًا ومساميًا نتيجة التبريد السريع.

أهمية الفولغورايت
للفولغورايتات قيمة علمية وجمالية معًا؛ فهي تُمكّن الباحثين من دراسة التفاعلات ذات الطاقة العالية بين البرق ومواد الأرض، كما تحفظ سجلًا طبيعيًا لضربات البرق عبر التاريخ. ويدرسها الجيولوجيون لفهم أنماط الطقس القديمة والبيئات التي نشأت فيها.
ليست الفولغورايتات مجرد تكوينات زجاجية نادرة، بل هي شواهد صامتة على قوى الطبيعة الخالدة، توثّق لحظة خاطفة من الضوء والنار جمّدها الرمل في هيئة خالدة.

  • ترجمة: ماهر حبيب احمد
  • المصادر: 1