تشخيص سرطان البروستات بالإيكو
يمكن استخدام الأمواج فوق الصوتية لتحري حالات سرطان البروستات وفقًا للدراسات الحديثة.
وجد الباحثون في أكاديمية لندن الملكية، وكلية لندن الجامعية، ومؤسسة الكلية الملكية للرعاية الصحية التابعة لهيئة الرعاية الصحية الوطنية، بأن نوعًا جديدًا من الأمواج فوق الصوتية يستطيع تشخيص أغلب حالات سرطان البروستات بدقة جيدة في تجربة سريرية تضمنت 370 رجلًا.
فوّت الفحص بالأمواج فوق الصوتية حوالي 3.4 بالمئة فقط أكثر من حالات سرطان البروستات المهمة سريريًا -السرطان الذي ينبغي معالجته أكثر من مراقبته- مقارنة بتصوير الرنين المغناطيسي الذي اُستُخدِم مؤخرًا لتحري سرطان البروستات.
إن تصوير الرنين المغناطيسي مكلف ومضيعة للوقت. يعتقد الباحثون بأن الفحص بالأمواج فوق الصوتية يجب أن يُستخدم كاختبار أوليّ لتوفير الرعاية الصحية للمجتمعات المحلية وفي الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط إذ لا يمكن الوصول بسهولة لتصوير الرنين المغناطيسي عالي الجودة. كما ذكروا بأنه يمكن استخدامه بالمشاركة مع فحص تصوير الرنين المغناطيسي الحالي للوصول لزيادة الكشف عن السرطان. نُشرت الدراسة في مجلة Lancet Oncology.
قال البروفيسور هِشام أحمد المؤلف الأساسي للدراسة ورئيس علم الأورام في أكاديمية لندن الملكية: «إن سرطان البروستات هو السرطان الأكثر تشخيصًا في المملكة المتحدة. رجلٌ واحد من كل ستة رجال سيُشخص بسرطان البروستات بمرحلة ما خلال حياته، ويُتوقع أن يزداد ذلك الرقم.
إن فحوص الرنين المغناطيسي هي إحدى الاختبارات التي نستخدمها لتشخيص سرطان البروستات. بالرغم من فعالية هذه الفحوص إلا أنها باهظة، تستغرق حوالي أربعين دقيقة للتحضير وليست في متناول الجميع. أيضًا، هناك بعض المرضى غير قادرين على إجراء الرنين المغناطيسي كأولئك الذين يعانون من رهاب الأماكن الضيقة أو استبدال مفصل الورك. ومع تراكم قوائم انتظار السرطان نتيجة جائحة كوفيد-19، هناك حاجةٌ مُلّحةٌ لإيجاد اختبارات أرخص وأكثر فعالية للاستقصاء عن سرطان البروستات.
دراستنا هي الأولى التي تظهر بأن نوعًا خاصًا من الأمواج فوق الصوتية يمكن أن تُستخدم كاختبار ثانويّ لتحري حالات سرطان البروستات المهمة سريريًا مع إمكانية تحري معظم حالات سرطان البروستات بدقة جيدة بالرغم من أن فحص تصوير الرنين المغناطيسي أفضل قليلًا.
نعتقد بأن هذا الفحص يمكن أن يستخدم لضبط الدخل المنخفض والمتوسط من ناحية الوصول لمعدات تصوير الرنين المغناطيسي الباهظة الثمن صعب وحالات سرطان البروستات في تزايد.
سرطان البروستات هو السرطان الأكثر انتشارًا لدى الرجال في المملكة المتحدة بحوالي 52.300 حالة جديدة مُشخصة سنويًا. يتطور سرطان البروستات عندما تنمو خلايا غدة البروستات بطريقة غير طبيعية. يتطور سرطان البروستات ببطء ولا تظهر الأعراض كوجود الدم في البول إلى أن يتفاقم المرض ويصيب عادةً الرجال فوق عمر الخمسين وغالبًا الرجال ذوي التأريخ العائلي للمرض. يتأثر الرجال السود بشكل غير متناسب بالمرض وتخطت الوفيات الناجمة عن سرطان البروستات تلك الناجمة عن سرطان الثدي.
إحدى الطرق الأساسية لتشخيص سرطان البروستات هو نوعٌ محدد من تصوير الرنين المغناطيسي يُدعى التصوير بالرنين المغناطيسي متعدد المقاييس، إذ يساعد الأطباء على رؤية السرطان داخل غدة البروستات ومدى السرعة التي من المحتمل أن ينمو بها. ومع ذلك، يستغرق الاختبار حوالي أربعين دقيقة ويكلف حوالي 350 إلى 450 يورو.
بحثت الدراسة الجديدة في استعمال نوع مختلف من التصوير يُسمى التصوير بالأمواج فوق الصوتية متعدد المقاييس، إذ تستخدم الأمواج الصوتية لرؤية غدة البروستات. يتضمن الفحص استعمال مسبار يُدعى المُحول يأخذ صورًا لغدة البروستات، يُوضع داخل المستقيم ويرسل الأمواج الصوتية التي ترتد عن الأعضاء والبنى الأخرى. ثم تُجمع لتشكل صور الأعضاء المرادة.
يستخدم الأطباء أيضًا للقيام بالفحص نوعًا خاصًا إضافيًّا من التصوير بالأمواج فوق الصوتية كالاختبار التشخيصي elastography والفحص بالدوبلر Doppler وتخطيط صدى معزز بالتباين contrast-enhancement with microbubbles، للنظر لقوام العضو وكمية التروية الدموية الواصلة له.
ولأن السرطان أكثر كثافة وترويته الدموية أكبر فإنه يظهر بوضوح أكثر.
بالرغم من أن تقنية التصوير بالأمواج فوق الصوتية متعدد المقاييس متاحة بشكل أوسع من تصوير الرنين المغناطيسي متعدد المقاييس، فليس هنالك دراسات واسعة النطاق للتحقق من فعاليتها كاختبار للكشف عن حالات سرطان البروستات.
في التجربة الجديدة، والتي سميت بتشخيص السرطان بالأمواج فوق الصوتية متعدد المقاييس للبروستات، عيّن الفريق 370 رجلًا مُعرضًا لخطر الإصابة بسرطان البروستات إذ حددوهم بالاختبارات الأولية كاختبار مستضدات البروستات النوعية -وهو اختبار دمويّ يساعد على تحري سرطان البروستات، و/أو فحص المستقيم الرقمي غير العادي- وهو إجراء يتم فيه فحص القسم السفلي من المستقيم والحوض وجزء البطن السفلي.
جرت الدراسة في سبع مشافٍ في المملكة المتحدة تضمنت مشفى تشارينغ كروس كموقع رئيسي -جزء من مؤسسة الكلية الملكية للرعاية الصحية التابعة لهيئة الرعاية الصحية الوطنية- بين آذار/مارس 2016 وتشرين الثاني/نوفمبر 2019.
خضع الرجال لفحصي تصوير الرنين المغناطيسي متعدد المقاييس وتصوير الأمواج فوق الصوتية متعدد المقاييس معًا خلال زيارات متفرقة. وأعقب ذلك أخذ خزعات -والتي تتضمن استخدام إبر رفيعة لأخذ عينات صغيرة من أنسجة البروستات لتحلل تحت المجهز والتحقق من السرطان- لـ257 رجلًا الذين أظهروا نتائج إيجابية للفحصين. ثم قارن الفريق بين نتائج الاختبارات.
شُخص السرطان لدى 133 رجلًا، منهم 83 رجلًا شُخص بسرطان واضح سريريًا.
وبشكل فردي، فإن تصوير الرنين المغناطيسي متعدد المقاييس شخّص 66 حالة من الحالات الواضحة سريريًا مقارنة بـ77 حالة شُخصت بتصوير الرنين المغناطيسي متعدد المقاييس.
رغم أن التصوير بالأمواج فوق الصوتية المتعدد شخّص 4.3% من حالات سرطان البروستات الواضحة سريريًا أقل مقارنةً بتصوير الرنين المغناطيسي المتعدد فقد بيّن الباحثون بأن هذه الطريقة ستؤدي لإجراء خزعات أكثر بنسبة 11.1%، وذلك لأن التصوير بالأمواج فوق الصوتية متعدد المقاييس يُظهر المناطق غير الطبيعية حتى إن لم يكن هناك أي سرطان.
يعتقد الباحثون بأن هذا الاختبار يمكن أن يستخدم كبديل لتصوير الرنين المغناطيسي متعدد المقاييس كاختبار مبدئي للمرضى المعرضين لخطر الإصابة بسرطان البروستات، تحديدًا إذ لا يمكن تحمل تكلفة تصوير الرنين المغناطيسي متعدد المقاييس. فوّت كِلا فحصي التصوير سرطانات مهمة سريريًا شُخصت بوسائل أخرى. لذلك فإن استخدام الفحصين معًا يزيد فرص تشخيص السرطان مقارنةً باستخدام كل منهما على حدة.
قال المؤلف الأول الدكتور أليستير غراي Alistair Grey (كلية لندن الجامعية UCL، قسم الجراحة والعلوم الباطنية): «توفر نتائجنا اختبارًا دقيقًا لسرطان البروستات في المرضى الذين كانوا سابقًا بدون فحص باستخدام فحص رخيص وسهل الإجراء».
- ترجمة: هيام كلثوم
- تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
- المصادر: 1