ستيفن هوكينغ وحل لغز الثقوب السوداء المشعرة!

يوجد مشكلةٌ في مركز كل ثقب أسود؛ تأخذ الثقوب السوداء معها قطعة صغيرة من الكون عندما تتهامس مع الخلاء على مر الدهور، وللصراحة فإنَّ هذه القطعة لا تخضع للقوانين.

إنَّها مفارقةٌ تركها لنا عالم الفيزياء المعاصر ستيفن هوكينغ كجزءٍ من عمله الثوري على هذه الأجسام الغامضة، ملهمًا الباحثين للعبث مع حلول محتملة لتحسين الفيزياء طوال نصف قرن.

يوجد خلل ضئيل لكنه مهم بين أعظم نظريتين وُضعتا في الفيزياء. سيمكننا إيجاد الحل إما من قولبة النسبية العامة لتشبه نظام الجسيمات أو فهم فيزياء الكم المدموجة مع الزمكان. هذا إن لم نجمع بين الاثنين.

أثارت محاولة علماء فيزياء من المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وإيطاليا لإيجاد نظرية جديدة بعض الاهتمام من الإعلام. ومع ذلك سنحتاج بعض الوقت قبل أن نعرف، بطريقةٍ أو بأخرى، إذا ما كان هذا هو الحل الذي نكافح لإيجاده.

بحسب الرياضيات فإنَّها التفافٌ ذكيٌّ حول فكرةٍ تُناقش في الآونة الأخيرة – والتي تقترح أن الثقوب السوداء (مُشعرة – hairy) نوعًا ما.

قبل أن نفهم لما قد يكون الثقب الأسود المشعر مفيدًا، من المهم معرفة لما هناك فرضية من الأساس.

إنَّ الثقوب السوداء كتلٌ مضغوطةٌ في حيّزٍ ضيق إذ إن جاذبيتها تحني الزمان والمكان لدرجة أن لا شيء قادر على الوصول للطاقة اللازمة للإفلات.

هذا لن يشكل مشكلة كبيرة حاليًا، لكن منذ قرابة نص قرن توصًّل هوكينغ إلى أن الثقوب السوداء يجب أن (تُشع)، لكن بطريقة فريدة من نوعها. سيغير حنيهم للكون الطبيعة شبه الموجية للحقول الكمية المحيطة ولذلك ينتج شكل من الإشعاع الحراري.

لتبقى الرياضيات متوازنة فإنًّ هذا يعني أن الثقوب السوداء ستشع طاقة بالتدريج، تنكمش على نحو متسارع، و أخيرًا تختفي من الوجود.

يتم تمثيل المعلومات التي تسقط في جسم مشع مثل النجم عادةً بالطيف الفوضوي من الألوان المنطلقة من سطحه، أو أنها تُترك في المخلفات الباردة والكثيفة بعد موته.

لكن الأمر مختلف بالنسبة للثقوب السوداء. إذا كانت نظرية إشعاع هوكينغ صحيحة فنحن لا نكسر قاعدة مهمة في فيزياء الكم، وهي القاعدة التي نقول أن المعلومات التي تجعل من الجسيم جسيمًا مصونة في الكون دائمًا (مبدأ مصونية الطاقة).

إنَّ قسمًا كبيرًا من الجدل حول طبيعة بنك المعلومات في الثقوب السوداء هو حول المدى الذي يستمر فيه سلوك وصفات المواد المبتلعة بالتأثير على الأمور المحيطة بعد اجتيازها لأفق الحدث.

توجد حلول للثقوب السوداء في النسبية العامة التي تبين أن كتلتها، وزخمها الزاوي، وشحنتها سيجذبون الأمور المحيطة القريبة. تُوصف أية اتصالات أخرى مع الكون بالشعر-hair من قبل النظريات التي تفترض ثبات الثقوب أو (نظريات النعم للشعر-yes-hair-theorems).

سيسمح امتلاك الثقوب السوداء بعضًا من الزغب-fuzz لمعلوماتها الكمية أن تبقى عالقةً في الكون رغم أنها تبدو وكأنها تتلاشى على مر الوقت.

لذا كان علماء النظريات مشغولين بمحاولة الوصول إلى طرق لإيجاد القوانين التي تحدد كيف ينحني نسيج الزمكان والتي تحدد كيف تتشارك الجسيمات معلوماتها.

يطبّق هذا الحل الجديد التفكير الكمي على الجاذبية وذلك على شكل جسيمات نظرية تدعى بالجرافيتونات-gravitons. هذه الجسيمات ليست حقيقية كالإلكترونات أو الكواركات-quarks لأنها لم ترَ من قبل. من الممكن ألا تكون موجودة حتى.

هذا لا يعني أننا لا نستطيع توقع كيف ستبدو في حال كان لديها شكل، أو إيجاد الحالات الكمية الممكنة حيث بإمكانها العمل.

توصّل الفريق بعد سلسلة من الخطوات المنطقية، انطلاقًا من كيف من المحتمل أن تتصرف الجرافيتونات تحت ظروف طاقية معينة، إلى نموذج منطقي يفسر كيف تستطيع المعلومات داخل الثقب الأسود البقاء متصلة مع الفضاء المحيط باستخدام طريقها ذو الاتجاه الواحد فقط على شكل اضطرابات في حقل جاذبية الثقب الأسود (الشعيرات).

كنظريةٍ قائمةٍ على هيكلٍ صلب فإنَّها تُعتبر مثيرةً للاهتمام، لكن ما زال أمامنا طريق طويل قبل أن نستطيع ختم «حُلَّت-solved» فوق هذه المفارقة.

هناك طريقتان يتقدم بهما العلم بشكلٍ عام؛ الأولى هي بملاحظة شيءٍ غريب ومحاولة تفسيره، والثانية هي بتخمين شيء غريب، ومن ثم محاولة إيجاده.

إنَّ امتلاك مثل هذه الخريطة النظرية هو أمرٌ ثمينٌ في رحلتنا نحو حل إحدى أكثر المفارقات إرباكًا في الفيزياء.

  • ترجمة: شادي الصعوب
  • تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
  • المصادر: 1