هل يساعد عقار الميلاتونين على النوم؟
أنا طبيبة لأكثر من 20 عامًا، 12 منها مخصصة حصريًا لممارسة طب النوم. على مر السنين، رأيت إقبالًا هائلًا على استخدام الميلاتونين من قبل مرضاي وعائلاتهم، وعلى الرغم من أن الميلاتونين قد ساعد العديد من مرضاي، إلا أن هناك بعض المخاوف من استخدامه والتي تستحق المشاركة.
أولًا، لست متأكدةً من أن معظم مرضاي الذين تناولوا الميلاتونين قبل أن يُفحصوا سريريًا يعرفون بالضبط ما هو الميلاتونين.
الميلاتونين هو هرمون تفرزه غدة في الدماغ تسمى الغدة الصنوبرية،
وظيفته الرئيسية هي تنظيم النوم.
إذ تزداد مستويات الميلاتونين استجابة للظلام، مما يعطي إشارة للدماغ بحلول الليل وأن وقت النوم قد حان. وعند وجود إضاءة ساطعة، كما هو الحال في الصباح، يتوقف إنتاج الميلاتونين ويعرف المخ أن الوقت نهار.
تجعل خصائص تنظيم الميلاتونين والضوء (ليلًا ونهارًا) منهما عاملين رئيسين في إنشاء ساعة النوم والاستيقاظ الداخلية، أو ما يسمى (دورة الساعة البيولوجية).
يحدث اضطراب الساعة البيولوجية عندما لا تتطابق الساعة الداخلية والوقت المقبول اجتماعيًا للنوم أو الاستيقاظ، كما يحدث عندما يسافر شخص ما عبر رحلات جوية ذات فوارق زمنية. ويمكن أن يحدث ذلك أحيانًا في حالة عدم السفر. فعلى سبيل المثال عند البقاء في بيئة من الأضواء الساطعة حتى ساعات متأخرة من الليل، فإنك تخدع عقلك في التفكير بأن الوقت لا يزال نهارًا. في هذه الحالة، لا يحدث إنتاج للميلاتونين ولا تشعر بالنعاس حتى ساعات متأخرة من الليل، أو أحيانًا في ساعات الصباح الباكر.
لقد رأيت العديد من المراهقين يأتون إلى عيادتي لأنهم لا يستطيعون النوم حتى الساعة الثانية أو الثالثة صباحًا، بسبب إطالة السهر على أجهزتهم الإلكترونية حتى وقت متأخر من الليل.
عادةً ما أوصي مرضاي بإطفاء الأنوار في وقت معقول وأتوقع أن يبدأ الشعور بالنعاس في غضون ساعة واحدة. لكن الأمر يستغرق وقتًا حتى تتكيف الساعة الطبيعية مع جدول جديد، وغالبًا ما يفضل مرضاي استخدام مكمل الميلاتونين لتسريع ضبط الوقت اليومي.
لكن مع زيادة استخدام الأجهزة الإلكترونية، أصبحت اضطرابات النوم شائعة جدًا وزاد استخدام الميلاتونين. فبسبب خصائصه المعززة للنوم، يعد الميلاتونين أيضًا خيارًا رائعًا بشكل لا يصدق للأشخاص الذين يعانون من الأرق أو اضطرابات النوم.
الميلاتونين بدون وصفة طبية
في بعض البلدان، كالولايات المتحدة، يمكن شراء الميلاتونين بدون وصفة طبية مما يثير قلقي، لأن الافتقار إلى التنظيم يمكن أن يعني زيادة مخاطر تناول جرعة أو مكونات مختلفة عن تلك التي أُبلغ عنها. في الواقع، وجدت دراسة أجريت على مكملات الميلاتونين أن محتوى الهرمون يتراوح من -83% إلى 478+% من المحتوى الموصوف. كما وجد الباحثون أيضًا مواد أخرى لم يُبلغ عن وجودها في الدواء، بما في ذلك السيروتونين وحشيشة الهر.
في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وأستراليا، لا يُسمح بالحصول على الميلاتونين إلا بوصفة طبية لعلاج الأرق على المدى القصير. إذ يسمح هذا النهج بتنظيم وفهم وشرح أفضل للمخاطر والفوائد والبدائل لاستخدامه.
ورغم أن الميلاتونين هو هرمون طبيعي، إلا أنه لا يخلو من الآثار الجانبية، وأكثرها شيوعًا الصداع والدوار. كما يمكن أن يتفاعل أيضًا مع أدوية أخرى، مثل مضادات التخثر (الأدوية التي تساعد على منع تجلط الدم).
أفضل طريقة آمنة لاستخدام الميلاتونين هو الاستخدام قصير المدى فقط (من شهر إلى ثلاثة أشهر) وبجرعات منخفضة (0.5 – 1 ملغ)، إذ لا تزال الآثار طويلة المدى للميلاتونين مجهولة.
هل استخدمت الميلاتونين أو أوصيت به لمرضاي؟ إطلاقًا. ولكن فقط عندما أعرف بالضبط ما أوصي به، فقد يكون الأرق أحد أعراض اضطراب النوم مثل متلازمة تململ الساقين أو انقطاع النفس الانسدادي النومي، أو يمكن أن يكون أحد أعراض حالة أخرى، مثل الاكتئاب أو الربو أو الألم.
عندما يحدد اختصاصي النوم التشخيص الصحيح، يمكن حينها استكشاف خيارات العلاج. عندما أحتاج إلى وصف الميلاتونين، أوصي عادةً بالبدء بأقل جرعة ممكنة (0.5 ملغ) قبل ساعة إلى ساعتين من موعد نومهم الحالي، وأوصي بأن يطفئ المريض أضواءه أو يخفتها قبل تناول الميلاتونين، بالإضافة إلى تجنب العوامل الأخرى المساهمة في قلة النوم، مثل استهلاك المنتجات التي تحتوي على الكافيين بعد الساعة 3 مساءً، أو ممارسة التمارين الرياضية المجهدة في المساء، أو استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم.
تصحيح: ذكرت نسخة سابقة من هذه المقالة أن مكملات الميلاتونين متوفرة فقط بوصفة طبية في كندا. وهذا غير صحيح.
- ترجمة: عبير زبون
- تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
- المصادر: 1