لأول مرة في العالم: حمل القرود بهياكل أجنة معدلة جينياً
طوّر العلماء نماذج تشبه الأجنة باستخدام الخلايا الجذعية للقردة لأول مرة، والتي عند زرعها في “أمهات” القرود البديلة بدا أنها تنمو خلال المراحل المبكرة من الحمل!
تم بالفعل إنشاء نسخ بشرية من نماذج الخلايا الجذعية، ولكن حتى وقت قريب تم وضع حد 14 يوماً للعلماء الذين يزرعونها للبحث.
والأكثر من ذلك، إن زرعها في أم بديلة بشرية طريقة غير واردة حالياً، ما يجعل من الصعب استخدام النماذج الحيوانية لدراسة التطور الجنيني في ظل ظروف العالم الحالية.
بحثاً عن نهج بديل، حوّل فريق من الباحثين الصينيين البحث إلى الأنواع الأكثر ارتباطاً قدر الإمكان وهو قرد المكاك آكل سرطان البحر (Macaca fascicularis).
عرّض العلماء الخلايا الجذعية الجنينية لقرود المكاك في مزرعة الخلايا لمجموعة مختارة بعناية من عوامل النمو. شرعت الخلايا في تشكيل هياكل شبيهة بالجنين تعرف باسم الأرومات (وهو مصطلح يميز هذه الهياكل المشتقة من الخلايا الجذعية عن الكيسات الأريمية التي تحدث بشكل طبيعي).
إذ تقدم ربع الخلايا الجذعية للتجربة إلى شكل أريم، ويعد معدل نجاح على قدم المساواة مع التجارب السابقة باستخدام الخلايا الجذعية الجنينية البشرية، ثُم تَّم زرعها في المختبر حتى بدأت في تشكيل ثلاث طبقات متميزة، وهي لحظة رئيسية في التطور الجنيني وتعد حجر أساس للجسم.
تقدمت العديد من تلك الأرومات لتشكيل كيس صفار وسائل أميونوسي (الغشاء المملوء بالسائل الذي يغطي الجنين النامي).
لاحظ العلماء تحت المجهر أن الأرومات لها ميزات مماثلة لأجنة المرحلة السابعة (في البشر، تحدث هذه المرحلة حوالي 18 إلى 21 يوماً بعد الإخصاب).
يميل نموذج الخلايا الجذعية لجنين القرد إلى التماوت حوالي اليوم 18 خارج الجسد، على الرغم من تخطيط الباحثون في التجارب المستقبلية لاستكشاف أنظمة أخرى نجحت في زراعة أرومات الفئران.
كان إنشاء أرومات القرود نصف التجربة فقط حيث تم زرع بعضها في أرحام ثماني إناث.
اختار العلماء الأرومات التي تم حضنها لمدة سبعة أيام والحاوية على كتلة خلية داخلية وخارجية وتجويف مرئي كون هذه هي السمات الرئيسية للأجنة الطبيعية.
تم زرع كل بديل، من 8 إلى 10 أرومات في الأرحام ومراقبتها باستخدام الموجات فوق الصوتية واختبار الهرمونات على مدار ال 20 يوماً التالية.
تم زرع الهياكل الشبيهة بالأجنة بنجاح في ثلاث من الأمهات البديلات وتشكيل أكياس الحمل المبكرة (الغشاء المملوء بالسائل الذي يحيط بالجنين والسائل الأمنيوسي) واستمر الحمل لمدة أسبوع أو أكثر بعد الزرع.
كان لدى الأمهات البديلات أيضاً مستويات متزايدة من هرمون البروجسترون وHCG هرمون موجهة الغدد التناسلية المشيمية، وهي هرمونات مرتبطة بالحمل.
اختفت جميع الهياكل الجنينية تماماً بعد حوالي أسبوع، لكن حقيقة أنها زرعت وتسببت في إطلاق هذه الهرمونات تشير إلى أن القرود كانت حاملاً في الواقع ولو للحظة وجيزة.
إن إجراء تجارب مماثلة باستخدام الخلايا البشرية والبدائل قد يخبرنا الكثير عن بيولوجيا، فيزيولوجيا أجسادنا، والآليات الإمراضية، لكنها معرفة تأتي مع ضريبة أخلاقية لن يستطِع الكل دفعها.
تترافق تجارب الهندسة الجينية، ومنها هذه التجربة على المكاك آكل سرطان البحر مع جدلها الخاص ولن ننسى ذكر أنها محظورة في العديد من الأماكن في أنحاء العالم.
مؤلف مشارك لهذا البحث وعالم الأعصاب تشيانغ سون، مدير منشأة الرئيسيات غير البشرية في الأكاديمية الصينية للعلوم (CAS)، حيث أجريت هذه التجربة.
ابتكر في حياته المهنية زوجاً من المكاك المستنسخة: Zhong Zhong وHua Hua.
واكتشف إختصاراً للنضج الجنسي عن طريق تطعيم أنسجة خصية المكاك الصغيرة على الفئران.
يعتقد سون أن توليد كمية كبيرة من نماذج القرود المعدلة جينياً بسرعة وكفاءة “سيعزز تطوير نماذج حيوانية ذات صلة بالإضطرابات البشرية ويعمق فهمنا الميكانيكي لعلوم الحياة”.
يقول آخرون إن مثل هذه التجارب لا يمكن تبريرها لأن الدراسات على الحيوانات لا تتنبأ بالنتائج البشرية بشكل موثوق، ونادراً ما تُترجم إلى علاجات بشرية في العالم الحقيقي.
وقال المؤلف المشارك تشن ليو، عالم في مجال الإنجاب، إن التجربة ستساعد في فهم التطور الجنيني البشري، لأن القرود ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالبشر.
قال ليو: “نأمل أن تعمق دراسة هذه النماذج فهمنا للتطور الجنيني البشري، بما في ذلك تسليط الضوء على بعض أسباب الإجهاض المبكر”.
تم نشر هذه الورقة البحثية في مجلة الخلية الجذعية Stem Cell.
- ترجمة: رند طه
- تدقيق لغوي: سفوك حجي
- المصادر: 1