الوقت الذي نقضيه في رحاب الطبيعة له تأثير مثبط لدائيّ باركنسون والزهايمر
يبدو أن العيش في منطقة تتوافر فيها الأنهار والمنتزهات يبطئ تقدم أمراض عصبية مدمرة كباركنسون والزهايمر.
وهذا ما وجدته دراسة جديدة، ارتكزت على تعقب مخاطر المرض لعقد ونصف، وذلك ل62 مليوناً من الأمريكيين أعمارهم 65 عاماً فما فوق.
“يظهر بحث مسبق أن البيئة الطبيعية كالغابات، والمنتزهات، والأنهار تساعد في تقليل التوتر وإستعادة الانتباه، كما أن البيئات الطبيعية تُعد حاضنات للنشاطات البدنية، والتفاعلات الاجتماعية، وقد تقلل من التعرض لتلوث الهواء، والحرارة الشديدة وكذلك ضجيج حركة المرور” هذا ما لاحظه المؤلف الرئيسي يواكيم كلومبميكر، زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في Harvard T. H. Chan للصحة العامة في بوسطن.
وقد نظر هو وزملاؤهُ في قبولات المستشفى لمرضى الزهايمر والخرف، وكذلك باركنسون؛ في سبيل الاعتماد على هذه الملاحظات. فقد أكدّ كلومبميكر أن فريقه لم يكن يقيم المخاطر الأولية لتطور أيّ مرض، بل أراد الباحثون معرفة ما إذا كانت زيادة التعرض للطبيعة تخفض فرص تقدم المرض بسرعة أم لا.
وبهذا الخصوص، بين كلومبميكر أن الباحثون في هذا الشأن لاحظوا روابط هامة وهي أنه كلمّا كانت البيئة المحيطة بالفرد المسن أكثر إخضراراً؛ كلمّا انخفض خطر الإقامة في المستشفى نتيجة تلك الأمراض العصبية.
قد يكون هذا الاستنتاج مهماً لملايين الأميركيين؛ نظراً إلى أن مرضى الزهايمر وباركنسون من بين أكثر الأمراض العصبية شيوعاً في الولايات المتحدة.
وقد ركز الباحثون على كبار السن الذين يتلقون الرعاية الطبية والذين عاشوا في البر الأمريكي في الفترة بين 2000 و2016، وذلك بهدف إستكشاف الفائدة الوقائية المحتملة للطبيعة.
وقد قاربت النساء نسبة 55%، وحوالي 84% كانوا من البيض. وقد تراوحت أعمارهم بين 65 إلى 74 عاماً عند دخولهم الدراسة.
وخلال مدة الدراسة البالغة 16 عاماً، دخل ما يقرب من 7.7 مليون مريض زهايمر أو غيره من أشكال الخرف المستشفى، وحوالي 1.2 مليون شخص من مرضى باركنسون.
وطيلة فترة الدراسة، جمع الباحثون الرمز البريدي لكل مريض مقابل عدة أنواع من بيانات الإحصاء الجيولوجي التي جدولت إخضرار كل منطقة بشكل عام. حيث تضمنت هذه البيانات كمية المناطق النباتية الموجودة، وكذلك نسبة الأرض المخصصة للحدائق والمجاري المائية.
وقد ظهرت نتائج مختلطة.
فمن ناحية، لم يجد الفريق أيَّ دليل على أن المرضى الذين يعيشون في مناطق مع المزيد من الحدائق والممرات المائية كان لديهم خطر أقل من دخول المستشفى مع مرض الزهايمر. لكن خطر دخول المستشفيات بين أولئك الذين عاشوا في المناطق التي تحتوي على المزيد من الغطاء النباتي بشكل عام. إذ كانت النتائج أكثر إيجابية.
وقد كانت النتائج أكثر إيجابيةً فيما يتعلق باضطراب الحركة لداء باركنسون، فقد تبين من خلال جميع المقاييس المدروسة أن العيش في بيئة أكثر إخضراراً تعني إنخفاض مخاطر دخول المستشفى.
فعلى سبيل المثال، مقابل كل زيادة بمقدار 16% في المساحة التي تغطيها المنتزهات إنخفض خطر دخول المستشفى نتيجة باركنسون بنسبة 3%. والعيش في منطقة تحوي 1% أو أكثر من الماء، فقد انخفض ذلك الخطر بنسبة 3% مقارنة بالمناطق ذات مسطحات المياه الأقل.
وقد علق كلومبميكر بأن الدراسة لم تبحث عن أسباب معينة تربط إخضرار البيئة بتخفيض مخاطر هذه الأمراض العصبية. وقد أكمل قائلا: “إن العيش في مساحات خضراء وزرقاء قد يكون له عدة آثار صحية مفيدة كانخفاض كل من التلوث، والقلق، والضجيج”.
هذا وقد استعرض بابلو نافاريت هرنانديز، محاضر هندسة المناظر الطبيعية في جامعة شيفيلد في إنكلترا النتائج. فقد بين عمله أن الأشخاص الأكثر سعادة هم الأشخاص الذين منازلهم مفعمة بالكثير من الضوء الطبيعي. وقد أعرب عن دعمه لفكرة أن الفوائد الصحية للطبيعة لا ينبغي الاستهانة بها.
و استطرد بقوله: “أظهرت الأبحاث أن المساحات الخضراء تبعث المشاعر الإيجابية كالسعادة، وتقليل الغضب، وتخفيض مستويات التوتر، كما بيّنت التجارب المختبرية أن قضاء الوقت في الطبيعة بعد الأحداث التي تسبب التوتر سيساهم في تقليل استجابة الجسد للتوتر بما في ذلك مستويات هرمون الكورتيزول.
والذي بدوره يؤثر مباشرة على تطور داء ألزهايمر، إذ أشارت دراسات سابقة إن المستويات العالية من الكورتيزول تخفض حجم الحُصَين -وهي منطقة في الدماغ، ضرورية للتحكم برد فعل الجسم على التوتر وتنفيذ وظائف الذاكرة الرئيسية-.
وفيما يتعلق بداء باركنسون، أشار نافاريت هرنانديز إلى أن الأشخاص الذين يعيشون في مساحات مخضرّة يميلون لأن يكونوا أكثر نشاطاً بدنياً، والذي بدوره يلعب دوراً مهماً في حماية الوظائف الحركية على المدى البعيد.
- ترجمة: مريم قاسم القاسم
- تدقيق لغوي: سفوك حجي
- المصادر: 1