لماذا يجد الكثيرون صعوبة في العثور على شريك والتمسك به؟
هل من السهل عليك البدء في علاقة عاطفية؟ وإذا كُنت في علاقة هل من السهل الحفاظ عليها؟
ربما قد تكون من أولئك الناس الذين يمتلكون مهارات قوية لخوض هذه العلاقة، ولكنه بالنسبة للبعض، فإن الدخول في علاقة عاطفية والحفاظ عليها تبدو كهدف صعب المنال.
في بحث جديد يشير أبوستولو وآخرون أنه “إذا كنت في حيرة من خوض لعبة المواعدة الغرامية، أو الرغبة في شريك رومانسي، ويبدو أنك لا تستطيع إيجاده او الاحتفاظ بعلاقتك معه؛ فإنك من بين مجموعة كبيرة وبشكل مدهش تعاني من نفس المشكلة” (2023).
المجتمع الحديث قد يعيق مهارات العلاقة
يشير أبوستولو وآخرون لمصطلح أداء التزاوج “إلى القدرة على إيجاد شريك وتأمينه” (2023). ومن منظور تطوري، تبدو أن مهارات العلاقة لابد من أن تكون عالمية ومع ذلك، فإنّ بقاء النوع البشري يعتمد على نجاحنا العام في أداء التزاوج وهو ما يشير إلى أن مثل هذه المهارة لا بدّ من أن تكون سمة منتقاة بدقة.
إنّ أسلافنا الذين نجحوا في جذب شريك، وأمنوا وصولهم الجنسي إليه، هم من يُمررون جيناتهم، وكذلك الذين لديهم مهارات في الحفاظ على علاقة الأبوة والأمومة المشتركة، عززوا إمكانية بقاء أيّ نسل على قيد الحياة حتى مرحلة البلوغ (عندما يمكنهم تمرير جيناتهم)، وبالتالي فإن مهارات العلاقة التي تحدد أداء التزاوج تبدو وكأنها يجب أن تكون عالمية تقريباً.
إنّ المشكلة التي ناقشها أبوستولو وزملاؤه في بحثهم هي أنّ التطور ربما أدى إلى بناء أداء التزاوج في الدماغ البشري، ولكن المجتمع الحديث يختلف كل الاختلاف عن الطريقة التي عاش بها أسلافنا جيلاً بعد جيل بينما كانت أدمغتنا تتطور. لذلك فإنّ التكيفات التي نجحت مع أسلافنا قد لا تعمل بشكل جيد في المجتمع المعاصر (2023). وإن كان هذا صحيحاً، فسنرى أشخاصاً يكافحون من أجل تكوين العلاقة وبنائها بالرغم من الدور الرئيسي لهذه المهارات في التناسل. وإن قصور أداء التزاوج قد ينعكس على العزوبية في الوقت الحاضر.
يُعد أداء التزاوج المنخفض واقع فعلي بالنسبة للكثيرين.
سألَ أبوستولو وزملاؤه في دراسة مثيرة للأعجاب عبر الثقافات أكثر من 7000 شخص من 14 دولة مختلفة مجموعة من أسئلة أداء التزاوج (كجزء من دراسة أكبر) (2023). تم التحقق من صحة هذه الأسئلة في أبحاث سابقة لتتوافق مع الصفات التي تحرك الناس نحو النجاح في الحصول على شريك رومانسي وهي سلوكيات، مثل مهارات المغازلة والذكاء العاطفي (أبوستولو، بابادوبولو، وآخرون، 2019؛ أبوستولو، بافيتي، وآخرون، 2019). تضمنت الاسئلة المطروحة أيضاً تفاصيل عن حالة العلاقة بما في ذلك الحالات التي ينطبق عليها بقاء المشاركين أعزاباً طوعاً أو قسراً.
تُظهر نتائج دراسة أبوستولو وآخرون، أن تكوين العلاقة والحفاظ عليها ليس بالأمر السهل بالنسبة لجزء كبير من المشاركين. في الواقع أقر حوالي نصف المشاركين (48%)، بأنّ البدء في علاقة يمثل تحدياً لهم، وأكثر من (30%) من الذين لديهم علاقة بالفعل وجدوا صعوبةً، أو لم يبلوا بلاءً حسناً في هذه العلاقات. وبإلقاء نظرة مختلفة على البيانات قرر الباحثون أن 1 من كل 4 أشخاص قد أبلغوا عن مشاكل في أداء التزاوج، وآخرون أفادوا أن العثور على شريك هو أصعب من الاحتفاظ به! (2023).
الأعزاب يعانون من قصور في المهارة ولكن ليس دائماً
أبلغَ حوالي 13% عن العزوبية القسرية، وهذا يعني أنهم يفضلون أن يكونوا في علاقة على بقائهم وحيدين. وذكر 15% بأنهم ع طواعية. بشكل عام أشارت النتائج إلى أنّ الأداء الضعيف للتزاوج مرتبط بالعزوبية. توقع ارتفاع نقطة واحدة أعلى في أداء التزاوج بزيادة بنسبة 254% في احتمالية أن يكون الشخص في علاقة مقارنة بكونه عازباً قسراً. يعد هذا أمراً جوهرياً. في الحقيقة كان الأداء الضعيف للتزاوج تنبؤياً بشكل خاص للعزوبية الطوعية مما يسلط الضوء على التمييز المهم بين الرغبة أو عدمها في البقاء عازباً.
ومع ذلك، هنالك تباين دقيق في الصلة بين مهارة العلاقة وحالة العلاقة. حيث أفاد بعض من الذين هم في علاقة عن أداء تزاوج منخفض والبعض العازب أخبر عن مهارات تزاوج قوية. وبرغم شيوع الأداء الضعيف للتزاوج أفاد معظم الناس بأنهم على علاقة أو متزوجون (أبوستولو وآخرون 2023). هذا يشير إلى أن الأحكام الذاتية للمهارات الضعيفة تعود للعُزوبية القسرية في كثير من الأحيان، ولكن ليس دائماً، وفي المقابل يمكن لمستويات مهارة الناس أن تتغير مع مرور الوقت. في الدراسة الحالية ارتبط السن الاصغر بأداء تزاوج ضعيف، ولكن مع تقدم العمر قد يكتسب الناس طرقاً للتكيف مع بعض التحديات التي يواجهونها في العلاقات، وهذا يعطي الأمل في عدم التوافق الحالي بين التطور الذي أُعد له، وكيف يتعامل عالمنا المعاصر مع المواعدات الغرامية.
- ترجمة: احلام العبسي
- تدقيق لغوي: فاطمة الكبريتي
- المصادر: 1