اكتشاف ثوري في التعديل الجيني
يوفّر إنزيم نظام كريسبر الجديد تعديلًا متعددًا للحمض النووي مُحافظًا على كفاءة التعديل الحالي وقد يحسن من علاج المَرضى.
طوّرت أداة تعديل جيني جديدة تعتمد على نظام كريسبر، قد تُحسّن علاج مرضى الاضطرابات الجينية. الأداة هي إنزيم AsCas12 f الذي تم تعديله ليوفّر نفس الكفاءة بثلث حجم إنزيم Cas9 المستخدم حاليًا في التعديل الجيني. الإنزيم المضغوط يعني إمكانية تحميل كمية أكبر منه في الفيروسات الناقلة وإيصاله إلى الخلايا الحية وبالتالي زيادة الكفاءة.
ابتكر الباحثون مكتبة للطفرات المحتملة على إنزيم AsCas12 f ودمجوا مجموعة منها لتصميم إنزيم AsCas12 f ورفع قدرته على التعديل ل10 مرات أكثر من النمط الغير طافر.
اجتاز إنزيم AsCas12 f المُعدّل الاختبارات على الفئران بنجاح ويمكن استخدامه للعلاجات الجديدة والأكثر فعالية للمرضى في المستقبل.
في هذا الوقت، ربما سمعت بتقنية كريسبر، أداة التعديل الجيني التي تُمكّن العلماء من تبديل وتغيير أجزاء من الحمض النووي. على غرار الخياطين، يقوم العلماء بتجارب “قص” الجينات التي تجعل البعوض حامل للملاريا، وتعديل المحاصيل الغذائية لتصبح مغذية أكثر ولذيذة، وفي السنوات الأخيرة بدأوا تجارب على الإنسان للتغلب على بعض الأمراض والاضطرابات الوراثية الأكثر تحديًا.
إنّ احتمالية تحسين كريسبر لحياتنا مذهلة جدًا، لذا حصلت الباحثتين جينيفر دودنا وايمانويلا شاربانتييه اللتان طورتا النسخة الأكثر دقة من هذه التقنية وأطلقتا عليها اسم CRISPR-Cas9 على جائزة نوبل في الكيمياء عام 2020.
ولكن حتى Cas9 لديها حدود. فالطريقة الشائعة لإيصال المادة الوراثية إلى داخل خلايا المضيف هي عن طريق فيروس مُعدّل يُستخدم كناقل. تعتبر الفيروسات المرتبطة بالأدينو (AAVs) غير ضارة بالمرضى ويمكنها أن تصيب أنواع مختلفة من الخلايا لتوصيل إنزيمات كريسبر مثل إنزيم Cas9 كما أنّها تُحدث أدنى حد من الاستجابة المناعية مقارنة ببعض الطرق الأخرى. وكما خدمات تسليم الطرود هناك حد للحجم المسموح إيصاله.
وضّح البروفسور أوسامو نوريكي من قسم العلوم البيولوجية في جامعة طوكيو قائلًا: “لcas9 حدود متعلقة بالحجم لذلك ظهرت الحاجة لبروتين cas أصغر يمكن حمله بشكل أكثر كفاءة داخل الفيروسات المرتبطة بالأدينو وتقديمه كأداة تعديل جيني”.
إنّ الحجم الكبير ل cas9 يعني انخفاض كفاءته عند استخدامه في التعديل الجيني. لذلك قام فريق كبير من عدة مؤسسات بالعمل على تطوير إنزيم cas أصغر، فعّال مثله وبكفاءة أعلى.
اختار الباحثون إنزيم يسمى AsCas12 f من جراثيم Axidibacillus sulfuroxidans. يتميز هذا الإنزيم بأنّه واحد من أصغر إنزيمات Cas التي تم العثور عليها حتى الآن، وحجمه أقل من ثلث حجم Cas9. إلّا أنّه لم يُظهر أيّ نشاطٍ جيني في الخلايا البشرية.
ووضّح نوريكي قائلًا: “باستخدام طريقة فحص تسمى مسح الطفرات العميق، أنشئنا مكتبة من الاحتمالات الجديدة وذلك باستبدال كل حمض أميني في إنزيم AsCas12 f بالأحماض الأمينية العشرين التي تعتمد عليها جميع الكائنات الحية. من خلال هذا، تم التعرف على أكثر من 200 طفرة حسنّت فعّالية تعديل الجينوم. وبناءً على الملاحظات المستخلصة من تحليل بنية إنزيم AsCas12 f، اخترنا ودمجنا هذه التحولات في الأحماض الأمينية المعززة للفعالية لتصميم AsCas12 f المُعدّل. يتمتع AsCas12 f المُعدّل بأكثر من 10 أضعاف فعالية تعديل الجينوم مقارنة بالنوع العادي من AsCas12 f وهو مشابه لCas9، إلّا أنّه أصغر بكثير”.
أجرى الفريق بالفعل اختبارات باستخدام الإنزيم المُعدّل على حيوانات التجربة، وذلك بربطه مع جينات أخرى وإعطائه إلى الفئران الحيّة. إنّ إعطاء العلاج مباشرة داخل الجسم أفضل من استخراج الخلايا وتعديلها في المخبر وإعادتها للمرضى مما يستغرق وقت أطول وكلفة أكبر.
أظهر نجاح الإختبارت أنّ AsCas12 f المُعدّل يمكن استخدامه في العلاجات الجينية، مثل علاج الهيموفيليا أو الناعور، وهو مرض يسبب عدم تخثر الدم بشكل طبيعي.
اكتشف الفريق العديد من التركيبات الفعالة المحتملة لتصميم نظام تعديل الجينات AsCas12 f المُحسّن، لذا، يعترف الباحثون أنّ الطفرات المختارة قد لا تكون الأكثر فعالية من بين جميع التركيبات المتاحة. كخطوة مقبلة، يمكن استخدام النمذجة الحاسوبية أو التعلم الآلي لجرد التركيبات وتوقع أي منها قد يقدم تحسينات أفضل.
قال نوريكي: “إنّ تحسين مستوى إنزيم AsCas12 f ليظهر فعّالية مشابهة لCas9 في تعديل الجينات هو إنجاز مهم وخطوة أساسية في تطوير أدوات لتعديل الجينوم جديدة وأصغر حجمًا. بالنسبة لنا، الجانب الحاسم في العلاج الجيني هو إمكانية مساعدة المرضى حقًا. إنّ التحدي التالي هو تطبيق العلاج الجيني لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات وراثية باستخدام AsCas12 f المُصمم الذي طورناه”.
- ترجمة: وداد عنتر
- تدقيق علمي ولغوي: عهد محروقة
- المصادر: 1