ماهو الشيء الأسرع على سطح الأرض؟
تقترب الجسيمات الموجودة في الفضاء من الأرض بشكلٍ مستمر، ولكن أيّها الأسرع؟
انطلاق سفينة فضائية، سيارة سباق سريعة حول الطريق، أو فهد مُندفع باتجاه الفريسة، من خلال ذلك يمكن ملاحظة بأن موطِننا مليء بأعمال ومآثر عالية السرعة.
ولكن ماهو الشيء الأسرع على سطح الأرض؟
الإجابة تعتمد على كيفية تعريفك لكلمة ‘أشياء’ و’على الأرض’، وأول المرشحين ليكونوا الأسرع ‘النيوترونات’ و’الفوتونات’ حيث لايمكن رؤيتها بالعين المجردة.
وإنّ الإجابة الأكثر وضوحًا هي الضوء.
في الخلاء ينتقل الضوء ما يقارب 186,000 ميل في الثانية (300,000 كيلومتر في الثانية)، لاشيء في هذا الكون يمكن أن يتخطّى هذه السرعة.
هل الضوء هو شيء؟ فكّر في ذلك.
لم يوافق الفيزيائيون بالمطلق على هذا، إذ قال بعضهم لا، لأن الضوء لايملك كتلة، بينما قال آخرون نعم؛ بسبب الالتواءات لميكانيكا الكم، فالضوء هو جسيم وموجة في نفس الوقت، ومعظم الفيزيائيين وافقوا على أن الجسيمات هي أشياء.
تدعى الجسمات الموجودة في الخلاء ضمن الفضاء بالفوتونات، وهي أسرع الأشياء تبعًا لتصنيف John Matthews عالم الفيزياء في جامعة Utah.
يصبح الأمر أكثر تعقيداً على الأرض، إلا في حالة كُنتَ في حُجرة مفرّغة. حالما يمسّ الفوتون سطح الغلاف الجوي للأرض يتباطأ قليلاً، وبعد ذلك وعند الظروف المناسبة يستطيع أن يدخل في سباق.
اكتشف Matthews الذي يُعَد جزء من الفريق الكثير من الجسيمات السريعة جدًا والناشئة عن أشعة طاقة كونية عالية، وهي عبارة عن وابل من الجسيمات اللاذريّة التي تنهمر على الأرض من الفضاء.
إحدى هذه الجسيمات، ملَّقب بجسيم Oh-My-God، اكتُشِف مِن قِبل أحد زملائه عام 1991، من الأشعة الكونية ذات الطاقة العالية التي لم يتم رصدها بَعد.
قال Matthews: “تبدأ الجسيمات بالتّحرك بسرعة عالية قريبة من سرعة الضّوء في الخلاء، ولكن عندما تصل الغلاف الجوي للأرض تبعًا لطبيعتها، تستمر في تقدّمها إلى الأمام، لهذا تتجاوز الجسيمات سرعة الضوء في الخلاء”.
هذا يجعل جسيمات Oh-My-God ضمن الأشياء ذات الكتلة الأسرع على الأرض، ولكنها ليست في قمة هذه الأشياء.
عِوضاً عن ذلك، نالت النيترونات تلك الأولوية وفق ‘Justin Vandenbroucke’ عالم فيزياء الجسيمات من جامعة Wisconsin-Madison.
من المحتمل أن يكون جسيم Oh-My-God بروتون، أو على الأقل يشبه البروتون، وهو ذات كتلة كبيرة إلى حد ما على مقياس الجسيمات اللاذريّة. إن كتلة النيترونات هي أصغر على الأقل بعشرة بليون مرة من كتلة البروتونات، وذلك بفضل القوانين الأساسية للفيزياء، حتى يمكنه الانتقال بشكل أسرع إذا تمَّ منحه نفس كمية الطاقة.
لكن في حين يمكن للنيترون -من الناحية النظرية- أن يتحرك بسرعة كبيرة، فمن الصعب تحديد سرعته تمامًا بشكل عملي.
قال Vandenbroucke ل Live Science: “يُعرَف النيترون بكونه حَذِرًا”.
على مدار التجربة طويلة الأمد في القطب الجنوبي -والتي عُرفت باسم IceCube- وضع الفيزيائيون كاشفات داخل جزء كبير من الجليد على عمق 0.2 ميلٍ مكعب (مايقارب واحد كليومتر تكعيبي)، متأملين إيجاد نيوترونات ذات طاقة عالية.
داخل الجليد، امتلك النيوترون طاقة كافية للانتقال بسرعة أكبر من التي يستطيع الضوء الانتقال بها. عندما يصطدم النيوترون عالي الطاقة مع نواة الذرة في الجليد، ينتج عن هذا الاصطدام جسيمات لاذرية مشحونة تستطيع الانتقال بشكل أسرع من الضوء.
تُصدر هذه الجسيمات السريعة وميضًا من الضوء معروف باسم ‘إشعاع Cherenkov’، مما يجعل النيوترون قابلًا للاكتشاف بشكل مباشر.
في عام 2016، اكتشف علماء IceCube نيوترون الأكثر طاقة والذي يتم العمل على تقييمه بحَذر حتى الآن.
أخبرَ Bill Louis، زهو عالم في مختبر Los Alamos الوطني، Live Science: “على حسب علمنا، هذه أسرع الجسيمات التي رأيناها حتى الآن”.
لاتستطيع الجسيمات ذات الكتلة أن تصل إلى سرعة الضوء في الخلاء، لكن إذا كانت خفيفة وتمتلك الكثير من الطاقة، يمكن أن تقترب كثيراً من تلك السرعة.
ولكن كيف يمكن أن يقترب؟
للحفاظ على السرعات المستقيمة يُحب Vandenbroucke التفكير بمصطلح 9 s، إذ أن بعض الأشياء التي تتحرك بسرعة 99.99% من سرعة الضوء سيكون لها أربع ثوانٍ حسب مصطلح 9 s.
قال العالم Vandenbroucke: “اكتُشِف أسرع نيوترون في عام 2016 واستغرق 33 ثانية من 9 s، وإن جسيم Oh-My-God سيستغرق بين 20 و24 ثانية من 9 s وفقًا للحسابات”.
هذا الجسيم يمتلك الكثير من الطاقة، ولكنه أيضاً يمتلك كتلة أكبر.
على سبيل المقارنة، فإن أسرع السرعات التي تصل إليها الجسيمات في مسرعات الجسيمات التي صنعها الإنسان مثل مصادم الهيدرونات الكبير (CERN’s) سيكون لها مدة سبع ثوان فقط حسب مصطلح 9 s.
في أثناء ذلك، قال Vandenbroucke: “هذه الجسيمات عالية السرعة المسجلّة يتم إنتاجها من قِبَل مسرعات الجسيمات الموجودة طبيعيًا في الكون. نحن لا نعرف كيف تعمل، لكنها تخبرننا حقّاً كم هي الطبيعة مدهشة مقارنةً بالبشر”.
- ترجمة: حلا عمران
- تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
- المصادر: 1