خلال العصور الوسطى في إنجلترا، انتقل مرض الجذام بين البشر والسناجب
كان البشر يعيشون على مقربة من السناجب الحمراء بشكلٍ أكبر مما نحن عليه اليوم، حيث كانت فِراء السناجب الحمراء تُستَخدم بشكلٍ شائع لتزيين الملابس في تلك الفترة. كما كانت السناجب الحمراء تُربّى كحيواناتٍ أليفة. ولكن هناك دراسة جديدة تُشير إلى سبب انقطاع هذه العلاقة عبر الزمن، وهو مرض فتّاك يُعرَف باسم الجذام leprosy.
ما زال الغموض حول من أُصيب بالمرض أولًا، ولكن يبدو أن كل من البشر والسناجب الحمراء red squirrels التي تعيش في منطقة ونتشستر وإنجلترا بين القرنين 9 و14 كانوا يحملون نفس سلالة البكتيريا المُسببة للجذام وهي الفُطرية الجذامية Mycobacterium leprae.
أصبح نقل الأمراض الحيوانية موضوعًا مثيرًا للجدل؛ بسبب انتشار جائحة كوفيد-19 بين الأنواع المُختلفة، مما أدّى إلى سوء الصورة العامّة للخفافيش بشكلٍ كبير وتنفيذ عمليات قتل جماعي للنحل البرّي على مستوى البلاد، بالإضافة إلى ظهور مخاوف جدية بشأن حيواناتنا الأليفة.
يقول عالم الآثار فيرنيا شونيمان verena schünemann من جامعة Basel في سويسرا أنه لم يُنظر إلى الدور الذي قد تكون لَعبته الحيوانات في نقلِ وانتشار المرض في الماضي؛ وبالتالي فإن فهمنا لتاريخ مرض الجذام غير كامل حتى يُؤخَذ هذا العامل بعين الاعتبار.
كانت مدينة ونيشستر في انجلترا winchester مشهورة في العصور الوسطى بتجارتها في فراء السناجب، وكذلك بوجود مستشفى ماري مجدلين Mary Magdalen لمرضى الجذام (التي نشطت بين القرنين 11 و15) مما جعلها موقعًا مثاليًا للبحث عن الرابط الجيني الذي يربط بين مرض الجذام لدى السناجب والبشر في العصور الوسطى.
كان من السهل العثور على البقايا البشرية التي تحمل علامات جينية لمرض الجذام حيث كانت مدفونة في ساحة مستشفى ماري ماجلين Mary Magdalen، وتم إجراء تحليل جيني على 25 عظمة بشرية بعضها مصابة وبعضها غير مصابة؛ لإنشاء مرجع لسلالات من البكتيريا المسببة للجذام في العصور الوسطى. عُثِرً على بقايا السناجب الحمراء في أسطبل جاردن Staple Gardens وهو شارع تاريخي في وسط المدينة على بعد ميلين غرب مستشفى ماري مجدلين Mary Magdalen.
كان هناك أنواع مختلفة من عظام أقدام الحيوانات مدفونة في مكانٍ كان في السابق متخصصًا في صناعةِ الفراء في العصور الوسطى، وكثيرًا ما كانت هذه العظام مهملة من قبل الجلادين لأن الأقدام عادة ما تكون صغيرة ومعقدة للتعامل معها.
وقد تبيّن أن واحدة فقط من 12 عينة من السناجب كانت تظهر أدلة كافية على إصابتها بمرضِ الجذام وتم استخدامها للمقارنة، ولكن السلالة المكتشفة كانت متطابقة تمامًا مع ثلاث تسلسلات جينية كاملة لبكتيريا الجذام Mycobacterium leprae التي تم التعرف عليها من البقايا البشرية.
تقول شونيمان Schünemann خلال تحليل الجينات: «تمكّننا من تحديد السنجاب الحمراء كأول مضيف لمرض الجذام، حيث يعتبر البشر المضيف الرئيسي للبكتيريا الفُطرية الجذامية M. leprae وكذلك الفُطرية الجذامية الورمية M. lepromatosis الأقل شيوعًا، والتي يمكن أن تسبب تلفًا في الأعصاب وعمى وفقدان الشم وتساقط الشعر وجفاف الجلد، وإذا لم يتم علاجها فقد تؤدي إلى آثار مشوهة وضارة للغاية».
ومن المعروف أيضًا أن البكتريا الفطرية الجذامية Mycobacterium leprae تُصيب الحيوانات البرّية مثل حيوان المدرع armadillo في الأمريكتين والشمبانزي في غرب أفريقيا والسناجب الحمراء الحديثة red squirrels في جزيرة براونسي Brownsea في بريطانيا، والتي تحتضن سلالة قديمة تختلف عن تلك الموجودة في ونشستر winchester.
إن المقارنة بين السلالات الحيوانية القديمة والبشرية تمكننا من إعادة بناء الأحداث المُحتملة لانتقال العدوى مع مرور الزمن، وتساعد في تكوين استنتاجات حول إمكانية نقل الأمراض الحيوانية إلى البشر على المدى البعيد.
يأمل الباحثون أن تساهم هذه الاستنتاجات في توجيه محاولات الإدارة والقضاء على المرض في العصر الحديث خاصة في الحالات التي تشمل نقل العدوى بين أنواع مختلفة من الكائنات الحية.
- ترجمة: أسماء سيد
- تدقيق لغوي: فاطمة قائد
- المصادر: 1