هل تريد أن تكون أكثر إنتاجية؟ جرّب أن تقوم بعمل أقل

لقد عُلّمنا أنه إذا أردنا المزيد من المال والإنجازات والحيوية والسعادة، والسلام الداخلي، يجب علينا أن نعمل أكثر، لنضيف أعمالًا أكثر إلى قائمة مهامنا المتزايدة باستمرار.

ولكن ماذا لو قد عُلّمنا بشكل خاطئ؟ ماذا لو أن الجواب للحصول على المزيد مما نريد ليس الزيادة على الإطلاق، بل التقليل و الطرح؟

كما يتضح بالدليل، إذا أردنا أن نزيد إنتاجيتنا وسعادتنا، يجب علينا في الحقيقة أن نقوم بعمل أقل.

اكتشف ديفيد روك مؤلف كتاب your brain at work، أننا في الواقع نركز على أعمالنا لمجرد ستّ ساعات في الأسبوع، وهذا يتعاكس على نحو كبير مع دعمنا الجماعي لفكرة 40 ساعة عمل في الأسبوع.

عندما تتوقف عن القيام بأشياء تجعلك تشعر بالانشغال ولكنّها لا تقدّم لك أي نتيجة وتستهلك كل طاقتك أيضًا، عندها ستكسب أكثر مما يكفي من الوقت للأعمال المهمة وستشعر بالسلام الداخلي الذي أبقاه الإجهاد المستمر بعيدًا عن متناول يدك.

كيف يمكننا، كأناس يعيشون حياةً حافلة (أطفال، حياة مهنية، أصدقاء، رغبات، مخططات…) أن نطبق حكمة القيام بعمل أقل لنمنح أنفسنا المزيد من الوقت ولنخفف الضغط والتعب دون أن نعرض نتائجنا للخطر؟

نحتاج أن نحدد ما لا يجب أن نفعله. ولكن لا يمكن لهذا التحديد أن يكون عشوائيًا. يجب أن يكون منهجيًا ومدعومًا بالأدلة. خلال عملي مع نساء يحاولن التوفيق بين عملهنّ المهني وعملهنّ كأمهات، صنعت تمرينًا بسيطًا سهلًا للغاية لمساعدة الأفراد أن يقرروا ما النشاطات الموجودة على قائمة مهامهم التي تجلب لهم أقصى استفادة، وما النشاطات التي يستطيعون التوقف عن القيام بها.

إليكم كيف تقومون بالتمرين

الخطوة الأولى: ارسم خطًا طوليًا على منتصف ورقة.

الخطوة الثانية: قرر ما مجال حياتك أو عملك الذي ترغب أن تحصد نتائجًا أفضل فيه وتعبًا أقل. على سبيل المثال، ربما تريد أن تزيد من قيادتك الفكرية.

الخطوة الثالثة: على الجانب الأيسر من الورقة، دوّن ما تفعله من مهام ونشاطات في ذلك المجال من حياتك أو عملك. كقائد فكري طموح، اكتب مثلًا حضور المؤتمرات، اقتناص فرص للحديث، كتابة مقالات جديدة، القراءة والبحث وهكذا.

الخطوة الرابعة: على الجانب الأيمن، اكتب لائحة من أهم «انجازاتك» في ذلك المجال. مثلًا، إلقاء خطاب، محاضرة أبدعت فيها في العمل، أو قبول خطبة لك في دار نشر مهم. وقد تكون هذه الخطوة صعبة لبعض الناس؛ لأننا لم نبرمج ثقافيًّا لأن نحتفل بأنفسنا، فلذلك غالبًا سيترك الناس هذا الجانب فارغًا عند تسجيل «انجازاتهم».

يمكن لك أن تسجل على هذه القائمة أي نتيجة إيجابية حصلت عليها (حتى لو لمرة واحدة أو متكررة)، لا تنغمس في كتابة الأشياء «الصحيحة»، فقط سجل ما يخطر إلى ذهنك.

الخطوة الخامسة: ارسم خطًا يصل بين كل من انتصاراتك والعمل أو المهمة التي كانت مسؤولة بشكل أساسي عن تلك النتيجة، مثلًا، القراءة والبحث كانتا أساسيتين ليُقبل خطابك للنشر، فصِل هذين الأمرين سوية.

الخطوة السادسة: حوّط كل النشاطات والمهام على الجانب الأيسر من ورقتك والتي كانت مسؤولة عن انتصاراتك المهمة. الآن انظر إلى ما بقي، مهما كان الذي لم يحّوط فهي أشياء يجب عليك إما أن تتوقف عن القيام بها كليًّا، أو تقلّلها بشكل ملحوظ، أو تجعل شخصًا آخر يقوم بها إذا كان لا بدّ منها، على سبيل المثال، إذا اكتشفت ان السفر لحضور المؤتمرات كل شهر لم يساهم مباشرة في أي من انتصارتك، فعليك أن تمتنع عنه أو تخفّفه على الأقل.

يمكن أن تستخدم نفس هذا المنهج لتحدد ما يجب أن تقلل من فعله في مجالات حياتك الأخرى.

مثلًا، إذا كنت ترغب أن تتواصل أكثر مع أطفالك، يمكنك أن تسجل ذكريات محددة أو «انجازات» شعرت حينها حقًّا كأنك أفضل والد بوسعك أن تكونه، كغناء أغانٍ سخيفة مع طفلك الصغير بينما أنت تطوي الثياب في صباح الجمعة أو عندما أفضى لك طفلك المراهق ما بداخله وشعرت بالفخر كيف أنه يشعر بالأمان معك حتى يخبرك كل تلك الأمور الصعبة.

فكر الآن بالمهام التي تقوم بها بانتظام: غسيل الثياب، طبخ الغداء، تذكير أطفالك بواجباتهم المدرسية، اتباع تعاليم لجنة اجتماع المعلمين والآباء، التأكد أن ملابس الجميع مناسبة، وتنظيم مواعيد الذهاب لطبيب الأطفال.

بما أن هذه المهام ضرورية، يسمح لك هذا التمرين بأن تمضي وقتًا أقل على هذه الأعمال. اعتقادنا بأنه لا بد من القيام ببعض الأشياء، غالبًا سببه ببساطة أننا دائمًا ما نفعلها أو يفعلها أناس حولنا وظنّنا أنه ينبغي أن نقوم بها أيضَا.

يولّد هكذا منظور توترًا لا داعي له عندما نتأخر في إنجاز هذه المهام، أو نقترف الأخطاء، أو نطلب المساعدة.

بدلًا من العمل في مجلس المعلمين والآباء، يمكنك أن تحضر فقط الاجتماعات الدورية أو تتابع مع والد آخر يحضرهم بانتظام. تستطيع ربما أن تخلق نظامًا يكون أطفالك هم المسؤولون فيه عن التأكد من الانتهاء من واجباتهم المدرسية في وقت محدد كل يوم، بدلًا من تذكيرهم بنفسك. من جهة أخرى، إذا اكتشفت أن طبخ الطعام مع طفلك المراهق أتاح له الفرصة ليبادر حديثًا صريحًا معك، فربما ترغب أن تبقي هذا على لائحتك.

كرر هذا التمرين على كل مجال من حياتك تريد تحسينه عبر الطرح. كن شرسًا، ولا تنسى أن تراعي ما يجلب لك السعادة. لا تجعلك السعادة فقط أكثر إنتاجية ب 12% على الأقل، بل هي أيضًا ما يجعل الحياة تستحق العيش في المقام الأول.

الحياة ليست حول تكديس لائحة من الإنجازات. ماذا تستطيع أن تتوقف عن فعله لتوفير وقت أكثر لنفسك، وقت أكثر للسعادة، واستغلال وقتك بصورة مجدية أكثر؟

في المرة القادمة التي تحدد فيها هدفًا أو تقرر ماذا تريد أن تحسن من مجالات حياتك، أو ببساطة أن تخفف من الألم الذي يسببه ذلك المجال، تذكر أن تلجأ للطرح بدلًا من الإضافة. وتمتّع بنعمة العمل الأقل.

  • ترجمة: لبنى عبيد
  • تدقيق علمي ولغوي: علياء أحمد
  • المصادر: 1