هل تستغني السعودية عن اتفاقية البترودولار بعد أكثر من ٥٠ عامًا على اقرارها؟

ليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها الصين شراء النفط باليوان بدلًا من الدولار، وقد يكون الأمر مغريًا لبعض المشترين. إذ ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن المملكة العربية السعودية، التي تبيع ربع صادراتها إلى الصين، تدرس إجراء هذه المبيعات باليوان.

هذه المفاوضات، التي تصاعدت وتراجعت خلال نصف العقد الماضي، من غير المرجح أن تؤتي ثمارها قريبًا. مثلًا، تربط المملكة العربية السعودية الريال بالدولار، لذا فإن أي ضرر يلحق بالدولار عن غير قصد سيضر بعملتها. لكن الهيمنة الجيوسياسية للولايات المتحدة تقوم بشكل كبير على البترودولار مع 80% من معاملات النفط العالمية مقومة بالدولار لدرجة أن السؤال الذي يطرح نفسه دائمًا، كيف سيبدو العالم إذا أصبح البترويوان العملة المفضلة لصناعة النفط؟

كانت الهيمنة الاقتصادية للولايات المتحدة مبنية على البترودولار، فلطالما كانت مكانة الدولار القوية كاحتياط نقدي تدين بالكثير إلى قوة الاقتصاد الأمريكي. لكنه ينبثق أيضًا من السيولة الوفيرة للدولار، والتي تنتج جزئيًا عن احتفاظ البلدان بمجمعات من احتياطيات الدولار لشراء النفط.

صيغ هذا الارتباط في أوائل السبعينيات، بعد فترة قصيرة من قيام الرئيس ريتشارد نيكسون بفصل الدولار عن الذهب. في عام 1974، أبرمت واشنطن والرياض صفقة يمكن بموجبها للسعودية شراء أذونات الخزينة الأمريكية قبل طرحها في المزاد. وفي المقابل، ستبيع المملكة العربية السعودية نفطها بالدولار، ليس فقط لتوسيع سيولة العملة ولكن أيضًا لاستخدام تلك الدولارات لشراء الديون والمنتجات الأمريكية. وصف الاقتصادي السياسي ديفيد سبيرو، في كتابه «اليد الخفية للهيمنة الأمريكية»، كيف أقنعت المملكة العربية السعودية دول أوبك الأخرى بإرسال فواتير النفط بالدولار، وليس بأنواع العملات المختلفة.

إذا أزاح اليوان الدولار إلى درجة كافية في تجارة النفط العالمية السنوية البالغة 14 تريليون دولار – على الرغم من صعوبة تحديد ذلك لدرجة كافية- فسوف يتعين على البلدان الاحتفاظ باحتياطيات اليوان بدلاً من ذلك. (في الوقت الحالي، يُحتفظ بـ 2.48% من الاحتياطيات العالمية باليوان، مقارنة بـ 55% للدولار، وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي). وسيتعين على منتجي النفط الذين يحصلون على اليوان إنفاقه على الديون والواردات الصينية، مما يعزز الاقتصاد الصيني، ولكن إذا كان العالم غارقًا في اليوان بالأخص، فقد تبدأ تجارة أخرى تكون مقومة باليوان: على سبيل المثال، تجارة المعادن أو فول الصويا.

سيكون التأثير بالغًا على كل من الصين والولايات المتحدة. فللحفاظ على الدور الجديد لليوان، سيتعين على الصين ضمان الاستقرار السياسي والشفافية المالية، من قبيل ما وعدت به الولايات المتحدة في القرن العشرين. إن قدرة الولايات المتحدة على إصدار ديون بالدولار وكسب دولارات للصادرات سوف تنخفض، وبالتالي سيتراجع اقتصادها. في هذه الحالة، وقد يؤدي ضعف الدولار إلى حلقة مفرغة، تتمثل بهروب رأس المال بعيدًا عن الدولار باتجاه اليوان، مما ينهك الدولار.

يقول الخبراء أنه من غير المرجح حدوث ذلك، ومع هذا، فإن تحليل هذه الاحتمالات يعد تذكير مفيد حول إلى أي مدى من لحظتنا الحديثة -ابتداءًا من نجاح نظم الجزاءات إلى تقدم الذي أحرزته الطاقة المتجددة- يعتمد على قوة الدولار الأمريكي.

  • ترجمة: عبير زبون
  • تدقيق علمي ولغوي: علياء أحمد
  • المصادر: 1