استراحة من وسائل التواصل الاجتماعي تحسن الصحة العقلية، هذا ما تقترحه دراسة
قد يؤدي حث الناس على التوقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لأسبوع واحد فقط لتحسناتٍ كبيرة في سعادتهم وعلى صعيد الاكتئاب والقلق أيضا، ويمكن في المستقبل أن يقترح ذلك بوصفه وسيلة لمساعدة الناس في التحكم بصحتهم العقلية، هكذا يقول المؤلفون في دراسة جديدة.
اهتمت الدراسة التي أجراها فريقٌ من الباحثين في جامعة باث في المملكة المتحدة بتأثيرات إيقاف استعمال وسائل التواصل الاجتماعي لمدة أسبوع في الصحة العقلية. بالنسبة لبعض المشاركين في الدراسة، كان ذلك يعني توفير تسع ساعات من أسبوعهم والتي كانوا سيقضونها بتصفح الانستجرام، والفيسبوك، والتويتر والتيك توك.
تقترح نتائج الدراسة التي نُشرَت بتاريخ (الجمعة 6 أيار 2022) في المجلة الأمريكية –Cyperpsychology, Behaviour and Social Networking – أن قضاء أسبوع واحد فقط بعيداً عن وسائل التواصل الاجتماعي حسن المستوى العام لسعادة الأفراد، وكذلك قلَّل أعراض القلق والاكتئاب.
لإجراء الدراسة، قسَّم الباحثون بشكلٍ عشوائي 154 فرداً تتراوح أعمارهم بين 18 و72 عاماً ممن استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي يومياً إلى مجموعات تدخل حيث طلب منهم التوقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمدة أسبوع واحد، أو مجموعة مراقبة حيث يمكنهم الاستمرار في استعمالها بشكلٍ طبيعي. في بداية الدراسة، سجلوا الدرجات القاعدية للقلق، والاكتئاب والسعادة.
أفاد المشاركون أنهم يقضون بشكلٍ وسطي 8 ساعات في الأسبوع على وسائل التواصل الاجتماعي في بداية الدراسة. بعد أسبوعٍ واحد، كان لدى المشاركين الذين طُلب منهم أخذ استراحة لمدة أسبوع تحسنات مهمة في السعادة والاكتئاب والقلق بعكس أولئك الذين استمروا في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، مما يقترح وجود منفعةٍ قصيرة الأمد.
أفاد المشاركون الذين طُلب منهم أخذ استراحة لمدة أسبوع باستخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي بمعدل 21 دقيقة مقارنةً بسبع ساعات لأولئك في مجموعة المراقبة. تم توفير إحصائيات استخدام الشاشة للتحقق من التزام الأفراد بفترة التوقف.
يوضح الباحث الرئيسي من قسم الصحة في باث، الدكتور جيف لامبرت قائلاً: “يعد تصفح وسائل التواصل الاجتماعي واسع الانتشار لدرجة أن الكثير منا يقوم به دون تفكيرتقريباً منذ اللحظة التي نستيقظ فيها وحتى نغلق أعيننا في الليل.
“نحن نعلم أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي هائل وأن هناك مخاوف متزايدة حول تأثيراتها في الصحة العقلية، لذا ومن خلال هذه الدراسة أردنا معرفة إذا كان حث الناس على أخذ استراحة منها لمدة أسبوع قد يعود بمنافعٍ على الصحة العقلية.
“أفاد الكثير من المشاركين لدينا عن تأثيراتٍ إيجابية للابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي مع تحسن الحالة المزاجية وقلق أقل بشكلٍ عام. هذا يُشير إلى أنه حتى الاستراحة القصيرة يمكن أن تحمل تأثير.
“بالطبع، تعد وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً من الحياة وبالنسبة للعديد من الأشخاص فهي جزءٌ لا يتجزأ من هويتهم وكيفية تفاعلهم مع الآخرين. لكن إذا كنت تقضي ساعات كل أسبوع بالتصفح وتشعر أنها تؤثر فيك سلباً، قد يكون من المفيد تخفيف استخدامك لمعرفة إذا كان ذلك سيكون نافعاً.”
يريد الفريق الآن البناء على هذه الدراسة لمعرفة إذا كان أخذ استراحة قصيرة يمكن أن يساعد مجموعات سكانية مختلفة (على سبيل المثال، الشباب أو الذين يعانون من ظروف صحية عقلية وجسدية). يريد الفريق أيضاً متابعة الأشخاص لفترة أطول من أسبوع، للتحري عن استمرارية الفوائد مع مرور الوقت. إذا كان الأمر كذلك، في المستقبل، فإنهم يتوقعون أنها ستشكل جزءاً من مجموعة الخيارات السريرية المتاحة للمساعدة في إدارة الصحة العقلية.
على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية، أحدثت وسائل التواصل الاجتماعي ثورةً في طريقة تواصلنا، أكدها النمو الهائل الذي لاحظته المنصات الرئيسية. في المملكة المتحدة، زاد عدد البالغين الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي من 45% في عام 2011 إلى 71% في عام 2021. من بين الأشخاص الذين تتراوح اعمارهم بين 16 و44 عاماً، يستخدم ما يصل إلى 97% منا وسائل التواصل الاجتماعي, ويعد التصفح هو النشاط الأكثر شيوعاً الذي نقوم به.
الشعور “بالإحباط” وفقدان البهجة من السمات الأساسية للاكتئاب، بينما يتصف القلق بالتوتر المفرط الخارج عن السيطرة. تشير السعادة إلى مستوى التأثير الإيجابي للفرد، والرضا عن الحياة، والشعور بوجود هدف. وفقاً ل Min. واحد من ستة منا يعاني من مشكلة صحة عقلية شائعة مثل القلق والاكتئاب.
- ترجمة: مجدي عوكان
- تدقيق علمي ولغوي: نور عباس
- المصادر: 1