من هم الأعداء الأربعة للحياة السعيدة وكيف يمكنك التغلب عليهم؟

تكمن الكثير من الحقائق في الحكم القديمة الموجودة في جميع الأديان تقريباً، وهي أن الحب هو الحل الفعلي لمعظم المشكلات.

الأفكار الرئيسة

• حدد عالما النفس البوذيان “روبرت ثورمان” و”شارون سالزبيرغ” أربعة أعداء يمثلون عقباتٍ تحول دون عيش حياة سعيدة راضية، أحدهما واضح بينما يكمن الآخرون في مشاعرنا ونزعتنا في كبت أنفسنا

• لكن الحل لكل هذا يكمن في الحب.

فهو أداة قوية للغاية وأكثر تعقيداً مما يمكن أن نتصوره.

القائل: “جوني طومسون”

• أتذكُرُ المرَّة الأخيرة التي كنتَ فيها عابساً؟

من المحتمل أنك لم تكن مكتوف الأيدي، يرتسم على وجهك العبوس كما يبدو الكاريكاتير، الأرجح أن يكون ذلك الشعور الغامض الذي يشعّ وجوده كثيراً هو مرارة الألم والغضب المكمون والذي ينعكس على رغبتك في إلحاق الضرر بالشخص الذي تسبب لك في الألم، والانتقام منه رويداً لتتصوره وهو يتوسل إليك يطلب مسامحتك كي تكف عن ذلك.

• إننا نقوم بذلك جميعاً. فإذا مُنعت عن شيء أردته، أو أُهنت بطريقة ما، أو حتى أخفقت في مهمة أو تحقيق الانتصار في لعبة (عن عدلٍ أو لا)، سيبدو هذا الشعور عليك، إلا أنه عليك أن تخمد ثورة الغضب التي حلَّت بك لتفكر من جديد في تحسين الوضع إلى الأفضل، حيث نعتقد أنه إذا كان باستطاعتنا أن نستجمع قوانا، سيكون كل شيء على ما يُرام.

• إلا أن هذا يسيء فهم الأذى النفسي الناجم عن الكراهية، والغضب، والتعطش الشديد للانتقام عندما ننشغل بمرارة الألم التي لحقت بنا، ومن هنا سيبدو الاستياء.

هذا الذي كشفه فيديو نشره عالما النفس البوذيان “روبرت ثورمان” و”شارون سالزبيرج”.

ففي هذا الفيديو وفي كتابهما أحب أعداءك، أطلقوا اسم “الأعداء الأربعة” في الحياة.

فمن هم هؤلاء الأعداء، وما هي أفضل الطرق للتغلب عليهم؟

العدو الأول : العدو الخارجي

ويشمل (الناس، والمؤسسات، والمواقف التي تسبب في إيذائنا).

قد يكون ذلك الشريك الذي غشك، أو رئيسك الذي أعطاك تحذيراً، أو المطر الذي انهال عليك بكامل جسدك، أو أشرار القصص المصورة، أوالروايات، أو الأفلام. ولا يقتصر العدو على الناس فحسب، بل يمكن أن يكون أي شيء خارجي في العالم نراه بغيضاً ومخيفاً، وقد يتمثل في عدم المساواة، والعنف، والجوع، والإرهاب، والوحدة، وما إلى ذلك من الأفكار أو الظروف المجردة التي لا يمكن أن نراها أو التي يصعب تحديدها.

وأحد الأمثلة على العدو الخارجي الذي يشع وجوده كثيراً يكمن أيضاً في المضايقات.

التي لا تكمن فحسب على البعض الذي ينهال عليك بالضرب الغاشم لسرقة مال وجبة الغداء خاصتك، بل أيضاً ممن أحطّوا من شأنك، وأهانوك.

ولا يقتصر الأمر على الأشخاص الذين يمكنهم التنمر علينا فحسب، بل المؤسسات والأنظمة مشمولة بذلك أيضاً كما كتب “ثورمان” و”سالزبيرغ” أن (الأنظمة الاجتماعية تعزز التعرض إلى التنمر من خلال النمطية، والتسلسل الطبقي، أو أكثرهم مكراً من خلال أشكال السَّيطرة المختلفة على الفكر).

وإن النصيحة الوحيدة للتعامل مع كامل صور العدو الخارجي التي يتشكل بها تكمن في تلك الحكمة القديمة التي تقول: “حب أعداءك” فقابل الإساءة بالحب، وادفع العداوة بالطيبة؛ لأن المشكلة التي يعاني معظمنا منها هي أننا لا ندري ما يعنيه الحب في الواقع في هذا السياق. فأن تحب شخص هو أنك أن تكون قادراً على (جعله سعيداً) ويعزى السبب في أن البعض يعاملك بسوء أو بقسوة وكونهم أعداء لك إلى أنه على الأرجح يرونك عقبة تحول دون سعادتهم.

فأنت بطريقة ما تجعلهم تعساء أو على الأقل تنكر وجود سعادتهم، عندما نحب شخصاً، نعمل معا لجعله سعيداً، وبهذا، نمحو سبب العداوة.

العدو الثاني: العدو الداخلي

يكمن العدو الداخلي في العواطف التي تسمم أرواحنا: الغضب، والكراهية، والخوف؛ حيث نتحطم عندما نشعر بالإهانة، والهزيمة، أو الظلم بطريقةٍ ما. فنملأ هذه الفجوة بتلك المشاعر التي نعتقد أنها تجعلنا نشعر بتحسن.

كل هذا الألم والدموع يستحق هذا العناء؛ لأننا سننتقم من أعدائنا انتقاماً بارداً صالحاً ووحشياً.

إلا أن هذه المشاعر كالكثير من العقاقير التي سرعان ما يزول مفعولها، ولكنها ستلحق ضرراً أكبر بكثير على المدى البعيد. فنقلاً عن بوذا، كتب “ثورمان” و”سالزبيرغ” أن (الغضب كحريق الغابة يحرق خيراتها ) ويماثله بذلك الحنق الذي يعد كالسم المنتظر لصاحبه كي يموت.

إن أتى الغضب، والكراهية، والخوف ليهيمنوا على حياتنا، فسنتجرد من جميع الأشياء التي تجلب لنا السعادة.

وبجانب هذا اللهيب الحارق، يوجد مجال صغير للقيام بشئ أخر بمنأى عن وجودك مع الآخرين.

وذكر بحث جيد أن تلك المشاعر تلحق الضرر بالجسم. فالغضب، على سبيل المثال، (يطلق مواد كيميائية ضارة كالكوليسترول الذي يتسرب إلى مجرى الدم الذي يدمر الجهاز الدوري) ويعتقد أنه خلال ساعتين من انفجار موجة الغضب، تزداد فرص الإصابة بالنوبة القلبية بمقدار خمسة أضعاف، مما تزداد فرص الإصابة بالجلطة بمقدار ثلاثة أضعاف.

وإن البديل الأفضل لتلك المشاعر السامة هي ثلاثة أنواع من الصبر.

أولهم التغاضي وهو الاعتراف بالقدرة على أنه يتعين علينا الابتسامة وتحمل الإساءة، فلا يعني هذا السلبية أو الخضوعية، بل تقدير مدى الثبات الذي تتحلى به.

ثانيهما، الصبر الثاقب وهو تقدير مدى سطحية الأحكام وتفاهتها، فالعالم لا يطاردنا، لكننا في بعض الأحيان نضخم القضية أكثر مما ينبغي أن تكون.

وأخيراً، الصبر المتسامح وهو (مسامحة من تسبب لنا في ذلك الأذى مهما كان حجمه ) فهذا لا يسمح فحسب بالتخلص من الغضب والمرارة التي لحقت بنا، بل يعطينا القدرة على التحكم في الموقف أيضاً.

العدو الثالث : العدو السري

يكمن العدو السري في الصوت الداخلي الذي يحدد الطريقة التي نوجه بها أنفسنا تجاه العالم.

وكما كتب ثورمان وسالزبيرج :

( نحن ننغمس في سماع صوت الأنا المتكرر والمتواصل ونشعر أنه لا نستطيع إنكار هذا الصوت لاعتقادنا أنه صوتنا الوحيد).

فهذا العدو قاتل لأنه نادراً ما نتقبل المدى الذي يمكن أن يتغير به ذلك المونولوج الداخلي، فالمواقف التي يمكننا من خلالها التعامل مع الآخرين والتي يمكننا أيضا أن نوجه النقد لأنفسنا تنبع من هذا الصوت. وغالباً، ما يكون صوت “الانشغال الذاتي” ( وهو الجانب النرجسي الذي يرى العالم بأكمله مسخراً لخدمتنا أو عائقاً لنا)

إلا أن الانغماس في هذه الطريقة لا يقتصر فقط على كونها سطحية فحسب (فبوجه عام، ما من أحد يهتم لأمرك كما أنت تتصور)، بل يعيق الطريق إلى سعادتك.

يا لتنوع الدراسات التي بينت كم أن الأشخاص المتحورين حول ذاتهم تستهويهم “سعادة سطحية متقلبة” !

لأنها نوعاً ما سعادة قصيرة عابرة أما أولئك الذين يتمتعون بالإيثار، فهم أكثر الناس شعوراً بـسعادة خالصة دائمة ، مما يتمتعون بعمق القناعة، والرِّضا، والسلام الداخلي .

وباختصار، العدو السري هو أحدهم الذي يرى كل شيء من خلال عينيك ليجعلك شقيا.

العدو الرابع: العدو السري للغاية

وأخيراً، هذا العدو يمثل الجانب الأكثر عتمة لصوتك الداخلي (أعلاه).

ويتمثل في اشمئزاز الذات وكراهيتها؛ فهذا الصوت يستقر على نحو سيء، لأنه يرى الحياة محطة حزينة تلتقي عندها المصائب، مع القليل من الابتسامات إن حالفك الحظ.

وهذا الصوت يخبرك أيضاً أنه لا يوجد مثل هذا المفهوم الذي يسمى بالسعادة الحقيقية، وإن وجد فبالتأكيد لا يمكنك الحصول على هذا الشيء.

ويقول “ثورمان و سالزبيرغ” أن هذا “الشعور بالاحتقار، ونكران الذات، وكراهيتها هي مشاعر ناجمة عن عقدة النقص المتأصل فينا منذ الطفولة في ظل ثقافة ابتليت بالخوف والجهل”.

وسببها أيضاً العدو السري، فكلما ننشغل بأنفسنا، سنلتهي بسعادتنا الخاصة، وكلما نقوم بأبسط الأشياء لجعلها سعيدة، يتنامى لدينا الشعور بالاشمئزاز منها، لكن بكونك طيباً، عطوفاً، كريماً، محباً لمن حولك هو الذي سيجعلك سعيداً. فعندما نرى أنفسنا نقوم بأشياء ذات قيمة، سنرى أنفسنا كذلك،

وهنا أجرى بحث جيد لتحقيق هذه الغاية.

فوفقاً لدراسة نشرت في مجلة علم النفس الاجتماعي ،أولئك الذين يقومون بالأعمال الصالحة أكثر شعوراً بالرضا في حياتهم بشكل ملحوظ، وغيرها في جامعة كولومبيا البريطانيَّة تتوصل إلى أن (إنفاق المال على الآخرين – الإنفاق الاجتماعي الجيد – يؤدي إلى سعادة أكبر عن غيرها من الإنفاق على النفس فحسب).

إذن العدو السري للغاية لبغض الذات سام، بينما مساعدة الآخرين يمنع الشعور بها ويجعلنا أسعد.

فكل ما تحتاجه هو الحب.

ويعد كتاب “ثورمان” و”سالزبيرغ” حب أعداءك كتاب ذا رؤية ثاقبة، والفيديو الذي يستكشف أفكاره يستحق المشاهدة. فأفكاره الرئيسة تسلط الضوء على مدى اهتمامنا بالآخرين: فهي تعنى بالحب،

وهو الحل الوحيد للأعداء الأربعة، ومعناه أنك تريد ما هو أفضل للآخرين، وكبت العدو الخارجي، والحب هو أن تسامح وتتقبل النقيض للعدو الداخلي: الغضب، والكراهية، والخوف الذي يتغلب على انشغالك الذاتي، وعدوك الدَّاخلي بالتعاطف والرحمة.

والذي يرى الآخرين لا من منظور ما يمكنهم أن يقدموه لك، بل منظورهم الشخصي.

الحب هو ما يساعد ويوجه الدعم للآخرين وهو الذي يبطل أثر كراهية النفس المنبثقة من العدو السري للغاية.

وهذا يبين أن الحكمة القديمة موجودة في الكثير من الأديان والمعتقدات لسبب وهو أن الحب هو السلاح الأكثر فعالية في لغتنا.

فلا شيء يصبح سيئا بالحب، ولكن يوجد الكثير من الأشياء التي تحتاج إلى الكثير منه.

  • ترجمة: زينب محمد حسين
  • تدقيق علمي ولغوي: بلال سلامة
  • المصادر: 1