ما القادم في الفضاء؟ وما هي التطورات التي لحقت بالرحلات والمهمات الفضائية في الوقت الحاضر؟

القمر، رحلة خاصّة للفضاء، والنظام الشمسي المتوسّع ستكون المهمات الرئيسية للإثني عشر شهراً القادمة.

ل جوناثان أوكالاغان.

2022-ديسمبر- 22

سنعود للقمر -ثانيةً- في 2023.

تم التخطيط للعديد من الرحلات خلال الإثنا عشر شهراً القادمة، مدفوعةً بالجهود المتجدّدة في الولايات المتحدّة لإعادة البشر إلى سطح القمر خلال العقد القادم من الزمن.

إنّ كلّاً من شركات الفضاء والوكالات المحليّة متوجّهة لجعل رحلة 240,000 ميل المضنية للسماء المجاورة ممكنة، حيث أنهم سيختبرون إمكانيات الهبوط، البحث عن الجليد قابل الاستخدام والمزيد، فالأعوام السابقة كانت “بالكامل عن المرّيخ”.

كما يقول جيل ستوارت، خبير سياسةالفضاء من مدرسة لندن للإقتصاد في المملكة المتحدة: “الآن قد عدنا إلى القمر”.

وهذا ليس كل ما في جعبة عام 2023، حيث يبدو أننا سنرى خطوات هامّة تمّ إنجازها برحلات فضائيّة خاصّة، متضمّنة أول رحلة تجاريّة إلى الفضاء، ومهمّات لأهداف أخرى مسافرة إلى أو عائدة من وجهات أخرى في النظام الشمسي، وصواريخ جديدة مُعدّة لنقل الرحلات.

إليكم ما تم تخطيطه للفضاء في العام المقبل:

1. الهبوط على سطح القمر:

أحدهم سيكون في طريقه ليهبط على سطح القمر ببداية 2023.

انطلق في ديسمبر على متن صاروخ سبيس إكس فالكون 9 (Space X Falcon 9) مركبة الفضاء الخاصة هاكوتو-ر (Hakuto-R) المطورة من قبل الشركة اليابانية آيسبيس (ispace) تعمل على رحلة أربعة أشهر لتصل إلى القمر، حيث ستنشر الرحّالة المجهّزين من قبل وكالات الفضاء اليابانيّة والإماراتيّة.

من الأهداف الأُخرى -لو نجح- المركبة هاكوتو-ر (Hakuto-R) من الممكن أن تكون أول مهمة خاصة تهبط على سطح القمر في مارس، ونقول “من الممكن” لأنه هنالك مهمّتين من الولايات المتحدة، إحداها من شركة أستروبوتيك والأُخرى من شركة إنشويتيف ماشينز، تدعيان بيرغرين ونوفا-س على الترتيب أيضاً متهيّئتان للوصول إلى القمر بنفس التوقيت تقريبًا.

إن كلاً من المهمتين مدعومتين من قبل ناسا بمختلف المعدّات على متن المركبة لدراسة بيئة القمر، كجزء من برنامج وكالة خدمات النقل التجاري للحمولات إلى القمر، والذي يهدف لتشجيع الاهتمام التجاري في القمر بالتزامن مع الرحلات البشريّة المخطط لها هذا العقد ضمن برنامج أرتيميس.

الجزء الأول من برنامج أرتيميس هذا، عبارة عن مركبة أوريون بدون طاقم تنطلق إلى القمر عن طريق نظام ناسا الجديد والعملاق لإطلاق الصواريخ في نوفمبر 2022.

في حين أن مهمة أرتيميس، مركبة مأهولة بطاقم للدوران حول القمر لن يتم التخطيط لها حتى 2024، للإثني عشر شهراً القادمة سيركّز الاهتمام للعمل من الأرض لأرتيميس لدراسة سطح القمر وحتى البحث عن المياه المتجمّدة والذي قد يكون هدفاً محتملاً للمهمّات البشرية مستقبلاً من بين الأهداف الأُخرى.

“القمر سيحظى الآن بالكثير من الاهتمام مقارنة بما حصل عليه بالعديد من السنوات “.

يقول جون كاوارت، مدير رحلات الفضاء البشريّة السابق في ناسا والآن في شركة ايروسبيس في الولايات المتحدة.

أينشويتف ماشينز لديها مخطط لهبوط ثانٍ على سطح القمر في 2023.

أيضاً في الدّور مهمّات هبوط من قبل وكالات الفضاء الهنديّة واليابانيّة، بمركبات شاندرايان-3 وسليم “هابط ذكي لاستكشاف القمر”، على الترتيب،

والهند تأمل أن ترسل المركبة في آب 2023.

ستكون محاولة البلد الثانية حيث أنَّ الأولى هبطت اضطراريّاً على القمر في 2019.

أمّا تاريخ هبوط مركبة سليم “التي ستختبر دقة الهبوط على القمر”، لم يتم اختياره بعد.

يقال أن روسيا أيضاً لديها خطط للقمر في 2023 بمركبتها لونا-25، لكن الهدف من مهمتها غير واضح.

2. السفر إلى الفضاء الخاص:

منذ عام 2020، سبيس إكس كانت تستخدم طاقم مركبة دراغون لنقل رواد الفضاء إلى الفضاء، البعض إلى محطة الفضاء (ISS) الدولية بالتعاقد مع ناسا، وآخرون على رحلات خاصة.

لكن رحلة سبيس إكس المسماة بولاريس داون تم تعيين موعدها حاليا لتكون في مارش 2023، وستكون خطوة جديدة كبيرة.

أربع رواد فضاء تجاريين، من ضمنهم البليونير “جيراد إساكمان”، الذي يدفع ثمن الرحلة وأيضًا قد موّل رحلة سبيس إكس البشرية الخاصة الأولى في 2021، التي ستستهدف مدار 1200 كيلومتر، أعلى من أي مركبة بشرية منذ مهمة أبولو.

وفي المركبة البشرية التجارية الأولى، يمكن للطاقم أن يرتدي البزة الفضائية ويغامر خارج المركبة.

“بولاريز داون ممتعة حقًا” تقول لورا فوركزيك من شركة استشارات الفضاء أستراليتيكالز: “حسبما فهمت أن كامل المركبة ستكون مفرغة، الجميع على الأقل سيخرجون رؤوسهم”.

المهمة قد تساعد ناسا لتقرر ما إذا كان بالإمكان استخدام طاقم مركبة دراغون بأن يخدموا تيليسكوب هابل، والقدرة التي كانت الوكالة تحقق فيها مع سبيس إكس.

“جميعنا لديه بعض الأفكارما إذا كانت ممكنة”، تقول فوركزيك.

مهمتان أخريان خاصتان تستخدمان طاقم دراغون –أكسيوم-2 وأكسيوم-3– مخطط أن تصلا إلى محطة الفضاء الدولية في 2023، كما أن مركبتين لناسا تستخدمان طاقم دراغون.

مركبة منافسة من الولايات المتحدة شركة بوينغ أيضًا، متهيئة لإطلاق صاروخ بطاقم للمرة الأولى في أبريل 2023، بعد عدة تأخيرات.

في هذه الأثناء نحن ننتظر شركة جيف بيزو وهي “بلو أوريجين” أن يسمح لها بإطلاق صاروخ مأهول بالبشر ثانية.

وقد أدت الشركة هبوطًا مباشرة بعد إقلاع صاروخ فاشل بدون طاقم في سبتمبر 2022.

مركبة فضاء خاصة رائدة أخرى “فيرجين غالاكتيك” هدأت نسبيًّا منذ إقلاعها بصانعها السيد ريشارد برانسون إلى الفضاء في يوليو 2021.

كل هذه التطورات في رحلات الفضاء البشرية التجارية قد تطغى عليها أول محاولة طيران مداري لصاروخ “ستارشيب” الضخم والقابل لإعادة الاستخدام من سبيس إكس.

التي كانت تخضع لاختبارات لوحة التشغيل في وقت سابق من هذا الشهر ويجب إطلاقها في عام 2023، إن لم يكن بحلول نهاية عام 2022.

إذا نجح الصاروخ الذي سيتفوق على نظام الإطلاق الفضائي التابع لوكالة ناسا باعتباره أكبر صاروخ يصل إلى المدار، يمكن أن يحول استكشافنا للفضاء.

يقول أوما بريغمان، الخبير في استراتيجيات الفضاء من شركة أيروسبيس: “القدرة على زيادة الكتلة تفتح الأبواب لفرص جديدة”.

يمكن أن يشمل ذلك يومًا ما مهمات بشرية إلى المريخ أو ما بعده، ولكن لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه.

يقول كاوارت: “إنه بالتأكيد عام مهم (بالنسبة إلى ستارشيب) لديهم الكثير ليفعلوه”. سيكون أحد أهدافها على المدى القريب هو التحضير للقمر. اختارت ناسا المرحلة العليا من ستارشيب لتكون أول مركبة هبوط على سطح القمر لبرنامج أرتيميس.

3. في النظام الشمسي:

أقمار الكواكب الكبرى في المجموعة الشمسية أيضًا من ضمن أجندة العام المقبل، حيث سيشهد أبريل 2023 إطلاق مهمة جديدة جذابة من وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) تسمى جويس، من أجل “مستكشف أقمار جوبيتر الجليدية”.

من المقرر أن تصل المركبة الفضائية إلى مدار كوكب المشتري في عام 2031، وستقوم بإجراء دراسات مفصلة عن أقمار جوفيان جانيميد، كاليستو، وأوروبا، والتي يُعتقد أنها تحوي محيطات يمكن أن تحتوي على حياة تحت أسطحها الجليدية.

يقول مارك ماكوغرين كبير مستشاري العلوم والاستكشاف في وكالة الفضاء الأوروبية: “إنها المهمة الأولى التي تركز أساسًا على الأقمار الجليدية، نحن نعلم الآن أن هذه الأقمار الجليدية بها محيطات عميقة جدًا، ويمكن أن تكون لديها الظروف الملائمة لتطور الحياة”.

ستعمل جويس على رسم خريطة لهذه المحيطات بأدوات الرادار، لكن ماكوجرين يقول أنها ستكون أيضًا قادرة على البحث عن البصمات الحيوية المحتملة على سطح جليد أوروبا، والتي يمكن أن تتساقط من أعمدة تنطلق إلى الفضاء من المحيط تحت السطحي.

في وقت لاحق من عام 2023، من المقرر أن تشهد وكالة الفضاء الأوروبية إطلاق مهمة رئيسية أخرى تدعى “تلسكوب إقليدس”، الذي تحول من صاروخ روسي إلى صاروخ سبيس إكس فالكون 9 بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. سوف يسبر التلسكوب “الكون المظلم”، ويراقب بلايين المجرات على ثلث السماء لفهم المادة المظلمة والطاقة المظلمة في الكون بشكل أفضل.

في أكتوبر، يجب أن تطلق ناسا مهمة علمية خاصة بها عندما تحلق سايك بعد تأخير من عام 2022. ستتوجه المركبة الفضائية إلى سايك 16، وهو كويكب غير عادي غني بالمعادن لم يسبق رؤيته عن قرب.

من المتوقع ظهور عدد من التطورات الأخرى المثيرة للاهتمام في عام 2023. ومن المقرر أن تعود مهمة أوسيريس-ريكس التابعة لوكالة ناسا إلى الأرض في سبتمبر بقطع من كويكب يسمى بينو، والتي يمكن أن تقدم نظرة ثاقبة جديدة حول بنية وتشكيل النظام الشمسي.

تهدف أمازون إلى إرسال الأقمار الصناعية الأولى لمشروع كايبر في أوائل عام 2023، بداية بشبكة اتصالات تدور حول 3000 قمر صناعي تأمل أن تنافس كوكبة ستارلينك التابعة لشركة سبيس إكس، ومن المقرر إطلاق العديد من الصواريخ الجديدة، بما في ذلك صاروخ فولكان سنتور التابع لتحالف الإطلاق المتحد (سيحمل مركبة الهبوط على القمر التابعة لشركة أستروبوتيك وبعض أقمار أمازون الصناعية) وربما صاروخ نيو غلين الضخم من شركة بلو أوريجين، كلاهما صاروخان ثقيلان ويمكنهما حمل العديد من الأقمار الصناعية إلى الفضاء.

  • ترجمة: محمود الدخيل
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1