كيف تحدّ النجوم من الحياة في الكون؟
تَقَصّى العلماء خلال العقود الماضية عن الكواكب خارج نظامنا الشمسي، وقد اكتشفوا في الوقت الحالي إن الإشعاع الذي يصدر من النجم المركزي للكوكب، هو عامل لجعل تلك الكواكب صالحة للحياة.
ففي عام 1992، دُهِش مجتمع علم الفلك في اكتشاف الكواكب خارج النظام الشمسي للكرة الأرضية، والتي تسمى بالكواكب الخارجية، ما غيّر بحث البشرية عن الحياة خارج الأرض إلى الأبد.
ومع اكتشاف أكثر من أربعة آلاف كوكب خارج المجموعة الشمسية حتى الآن، يواجه العلماء تحديًا في تحديد أيّها يمكن أن يصلح للحياة، إذ تبعد بعضها مسافة معينة من نجمها، مما يطرح احتمالية احتوائها على الماء، الذي يعدّ أساس الحياة على كوكب الأرض.
تُعرف هذه المسافة بالمنطقة الصالحة للسكن، وتساهم في الإجابة فيما إذا كان الكوكب الخارجي صالحًا للحياة.
كما يمكن أن تكون تلك المنطقة قريبة نسبيًا من النجم المركزي حتى تحظى الكواكب بدفء كافٍ للماء، وكما يعلم مستخدمو الواقيات الشمسية، تنتج النجوم إشعاعات يمكن أن تكون ضارة، وتكون هذه الإشعاعات أعلى بكثير في الأوقات التي يكون فيها سطح النجم نشطًا بشكل خاص، والمعروفة باسم الأحداث الشمسية “solar events”.
ما أثار فضول الدكتور (أتري) الباحث في جامعة نيويورك في أبو ظبي، لمعرفة كيف يمكن للإشعاع أثناء الأحداث الشمسية أن يؤثر على الحياة وعلى الكواكب الخارجية في المناطق الصالحة للسكن.
وقد أظهرت دراسات سابقة أخرى أن الإشعاع يمكن أن يؤثر على ظروف كوكب ما، والتي تعتبر ضرورية للحياة مثل الغلاف الجوي، إلاّ أن (أتري) أراد معرفة مقدار الإشعاع الذي يمكن أن يمر عبر الغلاف الجوي ليصل إلى أشكال الحياة على سطحه.
ونظرًا لأن أقرب الكواكب الخارجية تبعد 4.2 سنة ضوئية، والعديد منها أبعد من ذلك بكثير، لم يتمكن البشر بعد من أن يقيسوا عبر الأجهزة مقدار الإشعاع الذي يصل إلى السطح بشكل مباشر، ما دفع الدكتور (أتري) إلى إنشاء نموذج حاسوبي لإظهار كيفية يتفاعل الإشعاع مع سمك الغلاف الجوي المختلف.
وقد طوروا نموذجًا يوضح كيف تنتقل الجسيمات عبر الغلاف الجوي وتصل إلى أسطح الكواكب، وذلك باستخدام برنامج طورته CERN -المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية- في سويسرا، وكذلك رصد إشعاع الشمس.
وبشكل عام، يتيح النموذج للعلماء الآخرين التنبؤ بجرعة الإشعاع لأنواع مختلفة من الكواكب باستخدام البعد عن النجم المركزي وكميات الإشعاع من الأحداث الشمسية والكثافات الجوية. وللتأكد من دقة النموذج، تفحص الدكتور (أتري) بيانات الإشعاع من المريخ وقارنها بما تنبأ به نموذجه، وقد بيّن أن الكواكب التي تبعد تقريبًا نفس المسافة التي تبعدها الأرض عن الشمس لا تتلقى مستويات عالية من الإشعاع.
بالإضافة إلى أن بعض الكواكب حول النجوم الأصغر سنًا والتي تدور أسرع من الشمس تتعرض لكميات عالية من الإشعاع، ويعود ذلك إلى أن النجوم بتلك الصفات تتمتع بأحداث شمسية أكثر بمائة مرة من الشمس، ما يعني أن كواكبها من المحتمل أن تحوي حياة جيدة المقاومة للإشعاع، وقد كشف النموذج أيضًا أن كثافة الغلاف الجوي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على جرعة الإشعاع بسبب قدرتها على الحماية، وأن الحقل المغناطيسي حول الكوكب مهم لجرعة الإشعاع، ولكنه لا يقارن بأهمية الغلاف الجوي.
وعلى الرغم من أن نموذج (أتري) أظهر أن الإشعاع يمكن أن يكون له تأثير على صلاحية الكواكب الخارجية للحياة، إلاّ أنه ما يزال من الممكن تحسين تقديراته لمقدار الإشعاع الذي يصل إلى الكواكب الخارجية من خلال فهم أفضل للإشعاع الصادر عن الأحداث الشمسية ومدى تكرار حدوثها، كما استنتج الدكتور (أتري) أنه يمكن أن يكون لطقس الفضاء تأثيرٌ عميق على أسطح الكواكب، كما أوضحنا، فلديه القدرة على إحداث خلل في الظروف الملائمة للحياة على الكواكب الخارجية الصخرية، مما يعني أن الإشعاع يؤثر على الكواكب.
- ترجمة: مريم قاسم القاسم
- تدقيق علمي ولغوي: غفران التميمي
- المصادر: 1