نظام ملاحة جديد يعمل حتى مع فشل نظام GPS
باحثون يابانيون يقومون بتطوير “نظام ملاحة” جديد يعمل حتى في حال فشل نظام تحديد المواقع العالمي GPS.
يمكن أن تساعدنا الأشعة الكونية في التجول داخل الأبنية، وتحت الأرض، وتحت الماء.
نجح باحثون يابانيون في جامعة طوكيو بتطوير نظام ملاحة جديد، يعمل حتى في حال فشل نظام الملاحة العالمي GPS. وذالك بإستخدام الميونات، وإن هذا النظام الجديد يعمل تحت الأرض وفي داخل الأبنية وتحت الماء.
وبصدد ذالك قال الباحث هيرويوكي تاناكا: “تسقط ميونات الأشعة الكونية بالتساوي عبر الأرض وتسافر دائماً بنفس السرعة بغضّ النظر عن المادة التي تعبرها، وتخترق حتى كيلومترات من الصخور”. حيت قال ايضاً “إن النظام الجديد يمكن أن يساعدنا بتتبع الجزيئات دون الذرية التي تقصف الأرض باستمرار في التجول في داخل الأبنية وتحت الأرض وتحت الماء -أي في جميع الأماكن التي يفشل فيها نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) تكتشف فيه أجهزة الاستقبال الميونات- الجسيمات دون الذرية الناتجة عن الاصطدامات بين الأشعة الكونية”.
التحدي:
نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) هو مجموعة من 31 قمراً صناعياً، تنقل باستمرار إشارات راديوية من حوالي 12500 ميلًا فوق سطح الأرض. ثم تستخدم أجهزة الاستقبال في الهواتف، والسيارات، والطائرات، والسفن تلك البيانات من إشارات الأقمار الصناعية المتعددة لحساب مواقعها الخاصة على الأرض.
يقول هيرويوكي تاناكا: “على الرغم من أنّ نظام تحديد المواقع العالمي أحدث ثورة في النقل السطحي، إلّا أنّه من الممكن لانعكاس إشارات الأقمار الصناعية على الأسطح الصلبة أن تجعل نظام الملاحة غير قادر على تحديد مواقع أجهزة الاستقبال بدقّة في داخل الأبنية، وتحت الأرض وتحت الماء.”.
“ويمكن أيضاً تشويش إشارات نظام تحديد المواقع العالمي أو خداعها إذ يمكن للقوات العسكرية وقراصنة الإنترنت الاستفادة من ذلك لخرق نظام تحديد المواقع العالمي أو التسبب في قيام أجهزة الاستقبال بعرض معلومات غير دقيقة.”.
وتابع: “الآن، باستخدام الميونات، طورنا نوعاً جديداً من نظام تحديد المواقع العالمي، والذي أطلقنا عليه اسم نظام تحديد المواقع المانوميتري (muPS) والذي يعمل تحت الأرض، وفي داخل الأبنية، وتحت الماء”.
يمكن تحديد موقع جهاز الاستقبال من خلال النظر إلى المسافة بينه وبين أجهزة الكشف المرجعية المتعددة.
طريقة عمل نظام muPS:
يتطلب نظام muPS جهاز استقبال وكاشفات مرجعية متعددة موضوعة فوقه. يمكن استخدام الوقت الذي تستغرقه الميونات للانتقال عبر كاشف مرجعي إلى جهاز الاستقبال لتحديد المسافة بينهما.
ويمكن بعد ذلك تحديد موقع جهاز الاستقبال من خلال النظر إلى المسافة بينه وبين أجهزة الكشف المرجعية المتعددة.
صُمِّم التكرار الأول لفريق UTokyo لنظام الملاحة الخاص بهم، والذي تمّ الكشف عنه في عام 2020؛ لمراقبة التغييرات في قاع البحر، ومن خلال المحاكاة الحاسوبية، أثبتوا أنّه من الممكن تحديد إحداثيات جهاز الاستقبال تحت الماء، وكان لا بدّ من توصيل جهاز الاستقبال بمحطة فوق الماء عبر سلك، مما قيد حركته.
في دراستهم الأخيرة التي نُشرَت في دورية iScience، عرض الفريق نسخة لاسلكيّة من التكنولوجيا، والتي سمّوها “نظام الملاحة اللاسلكي المانومتري” (MuWNS).
في هذه المرة، وضعوا كاشفاتهم المرجعية في الطابق السادس من المبنى. ثمّ سار شخص يحمل جهاز استقبال مجتازاً الطابق السفلي، وباستخدام قياسات من أجهزة الكشف المرجعية وجهاز الاستقبال، تمكن العلماء من إعادة إنشاء مسارهم.
الماء البارد:
لم يعمل نظام الملاحة الجديد في الوقت الفعلي، ولا يزال هناك مجال كبير للتحسين من حيث الدقة.
قال تاناكا: “تتراوح الدقّة الحالية ل MuWNS بين مترين و25 مترا، مع نطاق يصل إلى 100 متر، اعتمادًا على عمق وسرعة الشخص الذي يمشي، وهذا لا يزال بعيداً عن المستوى العملي. إذ يحتاج الناس إلى دقّة متر واحد”.
استشراف المستقبل:
يعتقد تاناكا أن دمج الساعات الذرية على مستوى الرقائق (CSAC) في MuWNS سيجعل من إجراء قياسات الوقت الفعلي بدقّة متر واحد أمراً ممكناً، إلّا أنّ التكنولوجيا حالياً ليست بمتناول فريقه.
وأوضح أن “CSACs بالفعل متاحة تجارياً وهي أفضل بمرتين من حيث الحجم من ساعات الكوارتز التي نستخدمها حالياً، لكنها مكلفة للغاية بالنسبة لنا إذا رغبنا باستخدامها الآن، لكنني أتوقع أنّها ستصبح أرخص بكثير مع زيادة الطلب العالمي على CSAC للهواتف المحمولة.”.
إذا أصبحت CSACs شائعةً في الهواتف وتقنيات المستهلك الأخرى، فيمكن بالفعل جعل المكونات الأخرى اللازمة لMoWNS صغيرةً بما يكفي لتناسب الأجهزة. وهذا يعني أنّه قد يكون من الشائع في يومٍ من الأيام حمل جهاز استقبالٍ للكشف عن الميون أينما ذهبنا.
وقد يكون هذا مفيداً للغاية في أعقاب الكوارث التي يكون فيها الناس محاصرين تحت الأرض أو تحت الأنقاض.
وفقاً لما قاله تاناكا لمنصة Freethink، فإنّ تحليق الطائرات بدون طيار المزودة بأجهزة الكشف المرجعية فوق المنطقة يمكن أن يسمح للمستجيبين الأوائل بتحديد مواقع الهواتف المحمولة المدفونة -والأشخاص الذين يحملونها- بدقّة على مستوى السنتيمتر.
- ترجمة: هبة الزبيبي
- تدقيق لغوي: سفوك حجي
- المصادر: 1