البحث عن النظرية الحقيقية للكهرومغناطيسية

يستكشف العلماء الخلفية الكونية الميكروية وإشعاع الثقب الأسود لاختبار فهمنا للكهرومغناطيسية.

تمّ اقتراح نظرية ماكسويل للديناميكا الكهربائية في أوائل ستينيات القرن التاسع عشر، حيث ساعدت في توضيح خصائص المجالات الكهرومغناطيسية واستخدمت لوصف خصائص الكهرباء والمغناطيسية والضوء بدقة.

على الرغم من نجاحها الذي لا يمكن إنكاره، إلّا أن هذه النظرية لها حدود.

على سبيل المثال، عندما يتم استخدامها لحساب كتلة الجسيم المشحون، فإن الإجابة التي تقدمها النظرية لا نهائية. من خلال التجارب، نعلم أن كتلة أي جسيم محدودة (وإلا فستتطلب قوة غير محدودة لتحريكها) مما يعني أنهُ لا يمكن استخدام نظرية ماكسويل لشرح خصائص الجسيمات دون الذرية بشكلٍ كامل.

في الثلاثينيات من القرن الماضي، اقترح عالمان في الفيزياء من جامعة كامبريدج هما: ماكس بورن، وليوبولد إنفيلد تعديلًا لنظرية ماكسويل المعروفة الآن باسم: الديناميكا الكهربائية بورن-إنفيلد. بحيث تصبح وفقها كتل الجسيمات المحسوبة محدودة.

منذ ذلك الحين، تمّ طرح العديد من البدائل لنظرية ماكسويل للديناميكا الكهربائية، ولكن المشكلة التي واجهتها كل هذه النظريات هي أن تنبؤاتها تنحرف بشكلٍ كبير عن تنبؤات ماكسويل فقط بالنسبة للحقول القوية، مثل المجال الكهرومغناطيسي حول الثقب الأسود. نتيجة لذلك، لا يمكن اختبار هذه النظريات حيث لا يمكن تكرار هذه الحقول في المختبر، مما يترك العلماء دون إجابات محددة.

مقارنة النظريات

لتسليط الضوء على هذه المسألة، اقترح فريق من علماء الفيزياء من إيطاليا وتركيا بقيادة أموديو كارليو من جامعة ساليرنو di Salerno وأوسيرفاتوريو أسترونوميكو دي كالياري Osservatorio Astronomico di Cagliari دراسة المجالات الكهرومغناطيسية التي لا توجد على الأرض، ولكن في الفضاء، حيث الظواهر المتطرفة مثل: الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية أو انفجارات السوبرنوفا وانفجارات أشعة جاما، يمكن لها أن تولّد مجالات قوية للغاية.

في دراسة نُشرت مؤخرًا في Annalen der Physik استخدموا تعديلات على نظرية ماكسويل للديناميكا الكهربائية لتحليل نوعين من الموجات الكهرومغناطيسية: الإشعاع من المادة التي تدور حول ثقب أسود (المعروف أيضًا باسم قرص التراكم) وإشعاع الخلفية الكونية الميكروي.

على الرغم من أن إشعاع الخلفية الميكروي ضعيف جدًا حاليًا، إلا أن خصائصه يمكن أن توفر أدلة على ما حدث خلال تلك اللحظات الأولى التي أعقبت الانفجار العظيم، عندما كانت الحقول الكهرومغناطيسية قوية بما يكفي لمقارنة نظرية ماكسويل بشكلٍ معقول مع المرشحين الآخرين، لاختبار مدى صحتها ضد البدائل.

لمقارنة نتائج دراستهم النظرية بالملاحظة، استخدم الفريق البيانات التي تم جمعها من التلسكوبات الفضائية، مثل مرصد بلانك. وجدوا أن طيف الخلفية الميكروية -كما نلاحظها اليوم- يتوافق مع نظرية ماكسويل ويتعارض بشكلٍ حاد مع التنبؤات التي قدمتها العديد من البدائل، مما يشير إلى أن النظرية الحقيقية للكهرومغناطيسية قد تكون مشابهة جدًا لنظرية ماكسويل.

فيما يتعلق بالثقوب السوداء، يتم إنشاء مجال كهرومغناطيسي “فائق القوة” بواسطة أقراص التراكم الخاصة بها. في الدراسة الحالية، حدّد تحليل الباحثين أن الخصائص المحسوبة لإشعاع القرص المتزايد باستخدام نظرية ماكسويل تختلف بالفعل عن تلك التي تنبأت بها النظريات البديلة، كما كان متوقعًا. لم يقارن المؤلفون حساباتهم بالملاحظات، لكنهم أشاروا إلى أن التجارب المستقبلية ستكون طريقة أخرى لمعرفة أي نظرية هي النظرية الحقيقية للكهرومغناطيسية.

التجارب المستقبلية

في حين أن هذه النتائج واعدة، يحتاج العلماء إلى إجراء المزيد من الأبحاث ومقارنة نتائجهم مع الملاحظات. على سبيل المثال، حساباتهم صالحة للدوران ببطء للثقوب السوداء، لكن العديد من الثقوب السوداء تدور بسرعة كبيرة، لذا ستحتاج الأبحاث المستقبلية إلى التحقق من خصائص الإشعاع في هذه الحالات.

قد تساعد الدراسات التجريبية فقط في العثور على الإجابة النهائية عن سؤال النظرية الحقيقية للكهرومغناطيسية. للتحقق من صحة أي حسابات نظرية، من الضروري قياس كثافة إشعاع قرص التراكم للثقب الأسود وحدود الخلفية الكونية الميكروية بدقة أكبر.

نأمل أن تصبح الأساليب والأدوات اللازمة متاحة في المستقبل القريب.

  • ترجمة: نغم تركية
  • تدقيق علمي ولغوي: فاطمة قائد
  • المصادر: 1