أفتك حرائق الغابات تلك التي يسببها البشر، وإليك السبب

في يوم لاهب من صيف عام 2021، اندلعت نيران مفاجئة في دغل غابات سييرا نيفادا (في ولاية كاليفورنيا)، وسرعان ما اجتاحت الغابة وتجاوزت ألسنتها قمم الأشجار.

امتد حريق كالدور caldor هذا على مساحة 222 ألف فدان، واتهم والد وابنه بأنهما تسببا به باستخدام معدات الرماية الخاصة بهما. وهما من بين الآلاف المتهمين بالأعم الأغلب من حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا منذ عام 2000. إضافة إلى المدراء التنفيذيين في شركات الخدمة العامة، الذين ساهمت معداتهم الكهربائية الرديئة في أكبر حرائق الغابات وأفتكها في الولاية. ويزعم أن القائمة تتضمن راكبي الدراجات النارية الذين يزيلون موانع الشرر من دراجاتهم، علاوة على الأزواج الذين يحتفلون بالذكرى السنوية لزواجهم بإشعال فوانيس السماء (الفوانيس الصينية التي تطير كمنطاد). قال كريغ توماس Craig Thomas، مؤسس مجموعة معالجة الحرائق غير الربحية، في هذا الصدد: «إنه إهمال بشري بشكل أو بآخر».

تزداد عرضة غابات كاليفورنيا للحرائق باطراد بسبب سوء إدارتها والتغير المناخي. أما فيما يخص الاشتعالات الفعلية، فقد وثق العلماء زيادة تدريجية في دور الإنسان فيها، ومن المرعب الإقرار بعظم دورنا. إذ إن 95% من كل حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا كانت لأسباب بشرية.

تشارك كريغ توماس وموظف إدارة حرائق الغابات -المتقاعد من خدمة الغابات الأمريكية- برينت سكاجس Brent Skaggs في تحري سجلات خدمة الغابات العامة، وكشفا أن 19،543 من حرائق الغابات التي حدثت على أراضي خدمة الغابات في كاليفورنيا منذ سنة 2000 حتى سنة 2022 كانت أسبابها بشرية. لم تقتصر تلك الأسباب على نيران المخيمات وأعقاب السجائر، فربعها تقريبًا كان بسبب الاستخدام المتهور للشاحنات والمناشير اليدوية وسواها من معدات. والحوادث الأخرى كانت بسبب الألعاب النارية غير القانونية، وتوليد الطاقة. ذلك وفق إحصاءات الوكالة التي حللها توماس وسكاجس لمجلة Scientific American.

النار جزء طبيعي من معظم أنظمة الغابات البيئية، وكانت كذلك قبل ظهور البشر بكثير. إذ إن الصواعق كانت تسبب معظم حرائق الغابات لآلاف السنين. ولكنها لا تسبب اليوم إلا 5% من مجمل الحرائق التي تحدث في غابات كاليفورنيا. عادة ما تكون الحرائق بشرية المنشأ أفتك وأقتل من التي تسببها الصواعق، لأنها كثيرًا ما تحدث قرب الأراضي المُعمَّرة التي فيها عدد أقل من الأشجار، وفي موسم يباس العشب حين يكون أسرع اشتعالًا (لا تحدث الحرائق الطبيعية في هذا الموسم عادة، وتكون الأعشاب قابلة للاحتراق إلى حد كبير).

وتعد حرائق غابات كاليفورنيا التي ألقي اللوم فيها على البشر بين السنوات 2012 و2018 أكبر ب 6.5 مرة من التي سببتها الصواعق، وأهلكت ثلاثة أضعاف عدد الأشجار، فضلًا عن كونها أكثر تكلفة لأنها تهدد المنازل (بحكم حدوثها قربها في العادة)؛ إذ إن أكثر من نصف تكاليف مكافحة الحرائق ناتجة من الدفاع عن المنازل من الاحتراق.

تقول جينيفر بالش Jennifer Balch، الباحثة في علم بيئة الحرائق في جامعة كولورادو بولد: يمكن أن يساعد فهم مصدر الشرارة التي تشعل الحرائق -لا فقط الظروف التي تتيح لها الانتشار- في إنقاذ الأرواح والمنازل والنظم البيئية». وتؤكد أهمية الوقاية من خلال الإعلامات العامة وإنفاذ القوانين المصممة للحد من بدء الحرائق غير القانونية. تقول بالش: نحن أسياد النار… يمكننا فعل الكثير لتغيير مسارها في المشهد.

لقد باتت المسؤولية العامة ضرورية لوجود الغابات القابلة للاشتعال، وتقلبات الطقس المتزايدة. يقول توماس في هذا الصدد: «لا تقم بأعمال غبية في الغابات… هذه الغابات لا تتحمل تهور الإنسان».

  • ترجمة: لمى القوتلي
  • تدقيق علمي ولغوي: موسى جعفر
  • المصادر: 1