أخيرًا، حلّ اللغز للتسونامي البركاني الذي يبلغ عمره 373 عاماً

أعاد الباحثون بناء ثوران كولومبو الذي حدث عام 1650،

باستخدام تقنية التصوير ثلاثية الأبعاد والمحاكاة الحاسوبية.

عندما يذكر أمامنا “بحر إيجه”، فإنه غالبًا ما يخطر في بالنا صورٌ لليونان القديمة، أو الإجازات المريحة على الشاطئ، أو المياه الزرقاء المتلألئة.

ولكن تحت ذلك السطح اللامع يقع كولومبو، وهو بركان نشط تحت الماء، ثار في عام 1650 وتسبب في حدوث تسونامي مدمر. وبفضل تقنيات التصوير الحديثة، نجح الباحثون الآن في إعادة بناء ذلك الحدث، وتوصلوا أخيرًا لمعرفة “لماذا” و”كيف” حدث ذلك منذ ما يقرب من 400 عام.

ثوران بركان كولومبو عام 1650

إن فهمنا لثوران بركان كولومبو والتسونامي عام 1650 كان في المقام الأول بناءً على روايات شهود العيان، مثله مثل العديد من الأحداث التاريخية.

وفقًا لهذه التقارير، في أواخر صيف عام 1650، تمكن الناس من رؤية حريق وبرق شمال شرق سانتوريني. وفجأة، حدث انفجار هائل، كان يمكن سماعه على بعد أكثر من 100 كيلومتر (62 ميلًا)، وبدأ الخفاف والرماد والغاز السام في التساقط على جزر بحر إيجه.

قبل لحظات، كان البحر قد انحسر بسرعة، وعاد في شكل أمواج تسونامي قيل إن ارتفاعها وصل إلى 20 مترًا (66 قدمًا)، وكما لو أن ذلك لم يكن سيئًا بما فيه الكفاية.

فقد أوضح الدكتور ينس كارستينز، مؤلف ورقة بحثية توضح تفاصيل إعادة بناء ذلك الحدث، في تصريحه: “نحن نعرف هذه التفاصيل عن ثوران كولومبو التاريخي؛ لأن هناك تقارير معاصرة جمعها ونشرها عالم براكين فرنسي في القرن التاسع عشر”.

المشكلة في التقارير المعاصرة هي أنها لا تشرح الأسباب الكامنة وراء ثوران البركان والتسونامي الذي أعقبه. وقال كارستينز: “أردنا أن نفهم كيف حدث التسونامي في ذلك الوقت ولماذا انفجر البركان بهذه القوة”.

حلّ اللغز

استخدم فريق البحث لأول مرة تقنية التصوير الزلزالي لإنشاء صورة ثلاثية الأبعاد لفوهة كولومبو، والتي أظهرت علامات تدل على حدوث ثوران ضخم؛ كان طول الحفرة 2.5 كيلومتر (1.55 ميل) وعمقها 500 متر (1640 قدم). كما تعرض أحد جوانب مخروط البركان لتشوه شديد، مما يشير إلى حدوث انهيار أرضي.

ولكن ما الذي أدى إلى حدوث التسونامي عام 1650؛ هل هو الانهيار الأرضي أم الانفجار نفسه؟

كشفت مجموعة من الصور ثلاثية الأبعاد والمحاكاة الحاسوبية أن السبب في الواقع يعود لكلاهما. ومن خلال مطابقة الروايات التاريخية عن وقت انحسار المياه مقابل وقت سماع الانفجار العالي، توصل الباحثون إلى أن الجمع بين كل من الانهيار الأرضي والثوران العنيف الذي أعقب ذلك هو التفسير المحتمل لحدوث الأمواج الضخمة، ولم تكن الموجات الناتجة بالمحاكاة عالية جداً عندما كانت مجرد موجة واحدة أو غيرها.

وأوضح كارستنز أن: “كولومبو يتكون جزئيًا من حجر الخفاف ذي المنحدرات الشديدة. وهي ليست مستقرة للغاية”. وأضاف: “خلال الثوران، الذي استمر لعدة أسابيع، قذفت الحمم البركانية باستمرار. وتحتها، في غرفة الصهارة، التي تحتوي على كتلة من الصهارة، كان هناك الكثير من الغاز، وكان هناك ضغط هائل. وعندما انزلق أحد جوانب البركان، كان التأثير مثل فتح زجاجة من الشمبانيا: فقد سمح التحرير المفاجئ للغاز المضغوط في نظام الصهارة بالتوسع، مما أدى إلى انفجار ضخم”.

الخطوات التالية

يعتقد الباحثون أن شيئًا مشابهًا كان ممكنًا أن يحدث خلال ثوران بركان (هونجا تونغا-هونغا هاباي) العام الماضي، والذي كان أكبر انفجار طبيعي منذ قرن، وكانت له تأثيرات كبيرة على قاع البحر المحيط به وطبقة الأوزون أعلاه.

ويرى الباحثون أنه من الممكن استخدام أبحاثهم لوضع أسس وطرائق جديدة لمراقبة البراكين النشطة تحت سطح البحر.

قال كارستنز: “نأمل أن نكون قادرين على استخدام نتائجنا لتطوير أساليب جديدة لرصد الاضطرابات البركانية، وربما حتى تطوير نظام إنذار مبكر، يجمع البيانات في الوقت الحقيقي، سيكون هذا هو حلمي”.

الدراسة منشورة في مجلة Nature Communications.

  • ترجمة: شادي استانبولي
  • تدقيق لغوي: غفران التميمي
  • المصادر: 1