لا يزال لون العيون من الميزات الأكثر إثارة التي يدرسها العلماء

لا يزال لون العيون من الميزات الأكثر إثارة التي يدرسها العلماء.

في إحدى الدراسات الأخيرة التي نُشرت في آذار/مارس 2021 في مجلة ‘Science Advances’، قام فريق من الباحثين من كلية الملك في لندن بدراسة لون عيون 195,000 شخص وتوصلوا إلى أن هناك العديد من الجينات التي تؤثر في هذه الميزة.

يقول بيرو هيسي أحد أطباء العيون في كلية الملك وأحد مؤلفي الدراسة: “لون العين هو أحد السمات البارزة في وجه الإنسان، وإن هذه النتائج ليست مجرد نظرة أفضل لفهم لون العين، بل من المتوقع أن تساعد الباحثين في اكتشاف علاجات لأمراض العين مثل الزرع اللوني والبهاق العيني أيضًا، وقد أثارت العيون فضول الأجيال على مر التاريخ”.

في الواقع، لم تكن دراسة مبتكرة نُشرت عام 2007 هي التي فتحت آفاقًا أكبر للبحث حول تعقيد العين وألوانها.

إذ قام الباحثون في معهد الأبحاث الجزيئية في جامعة كوينزلاند ومعهد كوينزلاند للأبحاث الطبية بنفي فكرة أن لون العين يعتمد على جين واحد. وحددت هذه الدراسة الأخيرة الآن أن هناك على الأقل 61 جينًا يؤثر في لون العين، ويقول مؤلفو الدراسة إن لون العين يعتمد تمامًا على الشخص الفردي (أي أنه ليس لدى أي شخص لون عين محدد مثل لون عينك).

لكن ما هو لون عينك الفعلي؟ ومن أين جاءت جميع هذه الظلال التي يبدو أنها لا تنتهِ في المقام الأول؟

لون العين 101

يحدد لون العين من خلال كمية الميلانين أو الصبغة الموجودة في قزحية العين، وبالتالي كلما زادت كمية الميلانين، ظهرت العيون بلونٍ أغمق.

ومن الناحية العالمية، يعتبر اللون البني هو اللون الأكثر شيوعًا للعيون، ففي الولايات المتحدة، يمتلك 45% من الأشخاص عيون بنية، في حين يعتبر اللون الأخضر هو الأندر، إذ يمتلكه 9% فقط من الأشخاص في الولايات المتحدة.

ومع ذلك، ليس لدى الأشخاص ذوي العيون الخضراء صبغة خضراء في قزحيتهم، أي أنّ اللون الذي نراه يعتمد على انعكاس الضوء.

نظرًا لأن الأشخاص ذوي العيون الفاتحة يمتلكون كمية أقل من الميلانين، فإن عيونهم تمتص كمية أقل من الضوء.

وعلاوة على ذلك، فإن لون العين الذي نراه يأتي من الطبقة العلوية من الطبقتين في القزحية، وبغض النظر عن لون العين لدى الشخص فإن الطبقة الخلفية من قزحية العين لدى الجميع -والتي تسمى الستروما- مكونة من صبغة بنية.

بينما نرى اليوم مجموعة متنوعة من ألوان العيون في جميع أنحاء العالم، إلّا أنّه لم يكن الأمر كذلك دائمًا، ووفقًا للكلية الأمريكية لطب العيون، فإنّه قبل حوالي 10,000 سنة، كان لدى البشر عيون بنية فقط.

من أين جاءت جميع الألوان الأخرى؟

يقول العلماء إنها نتيجة لطفرة واحدة وراثية أدت إلى التنوع اللانهائي في لون العيون الذي نراه اليوم.

ونظرًا لأن لون العين يتم تحديده بواسطة كمية الميلانين الموجودة في جسم الشخص (كما هو الحال أيضًا للون الشعر ولون البشرة)، يعتقد الباحثون أن إضافة مجموعة جديدة من الألوان مثل الرمادي والأزرق والأخضر والبني الفاتح كانت نتيجة لتغييرٍ في الجين الذي ينتج الميلانين؛ ويرجع العلماء هذه الطفرة إلى سلفٍ مشترك واحد.

يشير العلماء إلى أن تطور لون العين يوازي حركة أجساد أسلافنا من مناطق أكثر دفئًا إلى مناطق أكثر برودة؛ وذلك بسبب الاعتقاد أن الميلانين في العين يعمل أيضًا كحاجز واقٍ من أشعة الشمس.

تُلاحظ العيون البنية بشكل أكثر تواترًا في المناطق الأكثر حرارة مثل أفريقيا وآسيا، بينما في آيسلندا يكون الأشخاص ذوو العيون البنية هم الأقليّة.

يمكن أن يترك الحاجز الواقي -أو عدم وجوده- الأشخاص عُرضة لأنواع مختلفة من الأمراض.

تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص ذوو العيون ذات اللون الفاتح -أي ذوو الحماية الداخلية الأقل من المصادر الخارجية- أكثر عُرضة لتطور التدهور البقعي وسرطان العين ومرض قاع الشبكية السكري.

ولكن الأشخاص ذوو العيون البنية ليسوا خاليين من المشاكل العينية أيضًا. فالأشخاص ذوو العيون ذات اللون الداكن لديهم تهديدٌ أعلى للإصابة بالجُرحى (وهي تعكّرٌ للعدسة ناجمٌ عن تدهور البروتينات العينية مع مرور الوقت).

الأطفال ذوو العيون الزرقاء والأساطير الأخرى

هل يولدُ الأطفال بشكل طبيعي مع عيون زرقاء واضحة كالبلور؟

ينفي الباحثون في جامعة ستانفورد ذلك.

قام الباحثون بدراسة انتشار العيون الزرقاء لدى الرضع، ووفقًا للدراسة التي أجريت في عام 2016 يولد ثلثا الأطفال بعيون بنية ويبلغ نسبة الذين يولدون بعيون زرقاء حوالي 20% فقط، ويفقد العديد من أولئك الأطفال العيون الزرقاء خلال أشهر قليلة بعد الولادة.

ويلاحظ الباحثون أيضًا أن غالبية الأطفال الذين يولدون بعيون زرقاء هم من البيض، حيث يكون معظم الرضع الآسيويين والهسبانيين لديهم عيون بنية.

وإذا كنتما زوجان بعيون بنية ولديكما طفل ذو عيون زرقاء، فليس بالضرورة أن يُضرب به المثل.

في حين أن قوانين ‘مندِل’ جعلتنا نعتقد أنّه لا يمكن للآباء ذوي العيون البنية أن يحصلوا على أطفال ذوي عيون زرقاء، إلا أن العلم يمكنه أن يثبت لنا خلاف ذلك.

  • ترجمة: خلود شمالي
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1