لماذا تنتقل الجاذبية بسرعة الضوء؟
كما هو الحال في الكثير من مجالات الفيزياء، فإن ذلك يتعلق بالنظرية النسبية العامة لأينشتاين. يتصادم مركز لنجمين ميتين قبل 130 مليون سنة في الفضاء في مكان بعيد. وكان التصادم قوي جدًا، لدرجة أنه سبب تموّج في الزمكان موجة جاذبية. وتنتقل موجة الجاذبية والضوء الصادر عن الانفجار النجمي معًا عبر الكون.
وصلوا -موجة الجاذبية والضوء- إلى الأرض بوجه متزامن في الساعة السادسة، وإحدى عشرة دقيقة بالتوقيت الشرقي في السابع عشر من آب.
أثار هذا الحدث اهتمام العالم بأسره، وأصبح الفجر الجديد “للفلك متعدد الوسائط” وهو مصطلح يشير إلى استخدام مصادر متعددة من الإشعاع لدراسة الأجسام الفلكية.
انتظر علماء الفضاء لأجيال من أجل هذه اللحظة، كما أنها الإثبات القاطع الأول على الإطلاق أن الجاذبية تنتقل بسرعة الضوء.
سرعة الجاذبية
جميعنا نعلم أن لسرعة انتقال الضوء حد، تقريبًا في 299,792.458 كيلومتر في الثانية (186000 ميل في الثانية). لا شيء أسرع من الضوء، ولكن لماذا يتحتم على الجاذبية أن تنتقل بنفس السرعة؟
تحتاج الإجابة عن هذا السؤال للتعمق في النظرية النسبية العامة لآلبرت آينشتاين، أو نظرية الجاذبية، نفس النظرية التي تنبأت بموجات الجاذبية منذ عقد من الزمن.
أطاح ألبرت أينشتاين بفكرة الزمن المطلق لإسحاق نيوتن. وقد اعتقد نيوتن أن الزمن يسير بالسرعة نفسها، بغض النظر عن كيفية إدراكنا له. وفقًا لتلك النظرية، فإن ثانية واحدة على الأرض مساوية للثانية الواحدة قرب الثقب الأسود (الذي لم يكن مُكتَشفاً حينها). اعتقد نيوتن أيضًا أن تأثير الجاذبية فوري بغض النظر عن المسافة.
كلّ شيء نسبي
لكن لاحقًا أظهر أينشتاين أن الوقت نسبي، ويتغير بتغير السرعة ويتأثر بالجاذبية. واحدة من تداعيات ذلك هي عدم وجود أفعال متزامنة عبر المسافات. لذا فإنّ أي نوع من المعلومات لديه سرعة محدودة سواء كان ذلك فوتونًا -الجزيء الحامل للضوء- أو الجاذبية، التي تحمل قوة الجذب.
يقول الفيزيائي جولين كريتون من جامعة ويسكونسن-ميلووكي الخبير في النسبية العامة وعضو فريق LIGO الذي رصد موجات الجاذبية لأول مرة: في النسبية هناك “سرعة المعلومة”، السرعة العظمى التي تمكنك من إرسال معلومة من نقطة ما إلى أخرى.
أوضح كريتون أنه في الكهرومغناطيسية عندما تحرّك الإلكترون فإن ذلك يؤدي لتغيير في الحقل المغناطيسي المنتشر بسرعة الضوء، وتعمل الجاذبية بالطريقة نفسها.
عند تحريك كتلة ما بسرعة فإن التغير الحاصل في حقل الجاذبية -موجات الجاذبية- ينتقل بالسرعة نفسها. لذا فإن حقيقة تساوي سرعة موجات الجاذبية وسرعة الموجات الكهرومغناطيسية تعود ببساطة؛ لأن كلاهما ينتقل بسرعة المعلومات، وهي الوقت اللازم لنقل المعلومات من مصدرها إلى وجهتها، وتعبر عن كمية المعلومات التي تُنقل خلال فترة زمنية محددة.
هناك طريقة سهلة لتخيل ذلك، تخيّل أن الشمس اختفت في هذه اللحظة. لن تنجرف الأرض للفضاء بصورة مباشرة، بعد 8 دقائق ستصبح الأرض مظلمة وتنجرف في الوقت نفسه بخط مستقيم.
- ترجمة: وداد عنتر
- تدقيق لغوي: غفران التميمي
- المصادر: 1