كم عدد الفيلة المتبقية في العالم؟
تتجول هذه الحيوانات الضخمة في أفريقيا وآسيا، لكن أعدادها تتناقص، لذا إليك عدد الفيلة المتبقية في العالم وما يمكن القيام به لإنقاذ ما تبقّى من الفيلة.
الفيلة هي أكبر الثدييات البرية التي تجوب الكوكب، وأحد أكثر المخلوقات ذكاءً اجتماعيًا درسها العلماء.
إنها أمهات محبة تظهر تعاطفًا نحو بعضها، كما ويمكنها تقليد كلام الإنسان، وقد أثار فيل صغير مؤخرًا الجدل حول قدرته على تقشير الموز بنفسه.
ومع ذلك، لا يوجد الكثير من هذه الحيوانات الرائعة على الأرض.
كم فيلًا بقيَ في العالم؟
في عقود الثلاثينيات -ووفقًا لصندوق الطبيعة العالمي- كانت قارة أفريقيا موطنًا لأكثر من 10 ملايين فيل بري، لكن هذه الأرقام تراجعت بشكل كبير حتى عام 2016، وفقًا لتقرير حالة الفيلة الأفريقية من الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، لم يتبقّ سوى 415,000 فيل أفريقي في 37 دولة أفريقيّة.
كم عدد الفيلة الإفريقية المتبقية في العالم؟
الخبر السار هو أن بعض مجتمعات الفيلة الأفريقية في جنوب أفريقيا آمنة بل ومتزايدة، على سبيل المثال: تقول الحكومة الزيمبابوية أنه بفضل جهود الحفظ الناجحة والمنطقة المحمية (كافانغو-زامبيزي) -التي تعادل مساحتها مرتين مساحة المملكة المتحدة- زادت مجتمعات الفيلة بمقدار 16,000 فرد بين عامي 2014 و2021.
قال برونو أوبرلي، المدير العام للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) في بيان عام 2021: “عدة دول أفريقية قادت الطريق في السنوات الأخيرة، لتثبت إمكانية عكس انخفاضات أعداد الفيلة، ويجب علينا العمل معًا لضمان اتباع مثالهم”.
الفيلة الأفريقية في السافانا مقابل فيلة الغابات
إن الفيل الأفريقي ليس فقط حيوانًا واحدًا، إذ يوجد في الواقع نوعين مختلفين: فيلة السافانا الأكبر وذات الأنياب الطويلة، وفيلة الغابات الأصغر والأغمق.
في البداية كان يعتقد أنهما فرعان من نوع ‘الفيل الأفريقي العام’، ولكن كشفت الأبحاث في عام 2010 أنهما انفصلا في مدة لا تقل عن خمسة ملايين عام على شجرة التطور.
هل الفيلة مهددة بالانقراض؟
بينما تم إدراج فيلة السافانا الإفريقية ك فيلة ‘مهددة بالانقراض’ من قبل الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، فإن الفيلة الأفريقية الغابية التي توجد في أكثر من 50% من حوض الكونغو، تشكل الربع فقط من إجمالي عدد الفيلة الإفريقية وتكون صعبة للغاية في العد والتتبع، مما يجعلها مهددة بالانقراض بشكل حرج.
كم عدد الفيلة الآسيوية المتبقية؟
الوضع بالنسبة لفيلة آسيا أكثر خطورة، إذ أنّ هناك فقط 50,000 فيل آسيوي متبقٍّ وفقًا ل’براجنا باراميتا باندا’ مدير برنامج مجموعة الخبراء عن فيلة آسيا، مما يجعلها عشر العدد الإجمالي لفيلة أفريقيا.
في الواقع، اختفى أكثر من 95% من مجموعة الفيلة الآسيوية السابقة -التي كانت تمتد من العراق وسوريا حتى شرق الصين- وتعيش الفيلة في 13 دولة فقط في آسيا.
ويختلف تعداد الحيوانات بشكل كبير بين الدول المختلفة، وفقًا لفريق باندا.
حيث تحتوي الفيتنام على 100 إلى 120 فيلًا، بينما تضم الهند 30,000 فيل، وهذا يمثل أكثر من 60% من إجمالي سكان الفيلة الآسيوية في العالم. تليها سريلانكا بحوالي 6,000 فيل، أمّا نيبال تضم 220 فيلًا، وبنغلاديش حوالي 250 إلى 300، وكلًّا من كمبوديا ولاوس تضمان حوالي 600 فيل. يقول باندا: “نحن حقًا قلقون بشأن استمرارية الفيل الآسيوي، ويجب ألا تتجه نحو حافة الانقراض”.
وضع الفيلة الآسيوية وفقًا للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة هو ‘مهددة’ منذ عام 1986.
من أجل سلامة الفيلة الأفريقية، فإن جرائم الصيد البري هي أكبر تهديد.
الصيد غير القانوني
منذ عقود الثمانينيات، يقوم الصيادون بقتل أكثر من 100,000 فيل أفريقي سنويًا لأغراض العاج غير المشروعة، وهو ما يؤثر بشكل أسوأ على فيلة الغابات الأفريقية.
شهد العقد الماضي ارتفاعًا في جرائم الصيد البري لأغراض العاج، وفقًا للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، وهو العقد الأسوأ الذي عاشته القارة الأفريقية منذ السبعينيات؛ مما يؤثر بشكل كبير على منطقة شرق أفريقيا بصورة خاصة.
فقدان الموطن الطبيعي
وفقًا ل باندا، فإن الصيد الجائر في آسيا ليس في الواقع التهديد الأبرز والأكثر قلقًا للفيلة، بل القلق يتمحور حول فقدان الموطن الطبيعي والتجزئة، نتيجةً للتغييرات في استخدام الأراضي واقتحام مواطنها الغابية.
كانت فيلة آسيا في الماضي تجوب أكثر من 9 مليون كيلومتر مربع، في حين تم تقليل مساحة توزيع السكان للفيلة إلى 2.48 مليون كيلومتر مربع الآن.
يقول باندا: “هناك مستوطنات، ومزارع، وصناعات، وزراعة، وتعدين، وأيضًا السكك الحديدية والطرق، إنها تتقاطع بشكل مستمر في مناطق الغابات لأن الجميع يتطلع إلى التنمية”.
والأهم من ذلك كله، أن هذا الاقتحام يعني أن البشر والفيلة يحتاجان للعيش بشكلٍ متقارب، مما يسبب الصراع.
ويضيف باندا: “الفيلة يفكرون ‘أوه، كانت هذه غابتنا أين اختفت’، والبشر يفكرون ‘أوه، هذه أرضنا، لماذا تأتي الفيلة وتتلف محاصيلنا وتدمر منازلنا، ولماذا يقتلوننا؟. إنهم يرغبون في الاستقلال التام عن بعضهم البعض، ولكن الاتجاه الحالي نحو محاولة تغيير مستوى حدّة الصراع بين البشر والفيلة ويتجه نحو إمكانية عايش الإنسان والفيلة”.
تسبب تدخل البشر في مجال الفيلة في الكثير من الحوادث القاتلة، ففي آسيا يموت 600 شخص سنويًا بسبب النزاع بين البشر والفيلة، ويتم قتل حوالي 450 فيلًا انتقامًا.
ووفقًا لما قاله باندا فإنه في الهند -وكل عام- يموت 500 شخص بسبب النزاع بين البشر والفيلة، ويتم قتل 100 فيل للانتقام، بينما في سريلانكا -وعلى الرغم من كونها بلدًا أصغر حجمًا- يقتل الفيلة حوالي 100 شخص كل عام، ويُقتل أكثر من 250 من قبل البشر.
القطارات
تصطدم القطارات وتقتل بعض هذه الفيلة، إذ أنّه في الهند وحدها، بين عامي 1987 و2021، قتلت القطارات حوالي 350 فيل، بينما يموت البعض الآخر بصورة مقصودة أو عرضية جراء التنويم الكهربائي أو التسميم.
على سبيل المثال: تقوم المجتمعات الساكنة على حافة الغابة -في بعض الأحيان- بربط خيولهم بمصادر الكهرباء المركزية، وتتورط الفيلة بطريق الخطأ فيها أثناء مرورها. وأحيانًا أخرى، يضع الفلاحون السموم لصد الحيوانات وتصبح الفيلة فريسة لفخهم.
كيف يمكننا إنقاذ موطن الفيلة في العالم؟
أوضح باندا، أنّه كما هو الحال مع جميع المشاكل الكبيرة في مجال الحفاظ على الحياة البرية مثل هذه، ليس هناك إجابة واضحة على ما يمكننا القيام به لمساعدة هذه المخلوقات على الازدهار.
يجب أن يكون النهج متعدد الجوانب، وينبغي التركيز بشكل رئيسي على أنه ليست هناك مساحة كافية في العالم.
ويقول: “السؤال ليس كم عدد الفيلة الموجودة، ولكن كم عدد الفيلة التي سنكون قادرين فعلًا على الحفاظ عليها؟ وفي حالة سيناريو مثل هذا، كم الفيلة الآسيوية يمكن أن تنجح فعلًا بالنجاة في منطقة فقيرة حيث يكون هناك ضغط بشري هائل على النوع؟”، مشيرًا إلى أنه مع تضاعف عدد الناس في آسيا، ستنخفض مساحة موطن الفيلة إلى النصف.
و يقترح باندا النوع الأول من الإجراءات المطلوبة وهو تدخل الحكومة، ويمكن أن يتم ذلك من خلال إقرار خطط عمل وطنية للفيلة.
توضح هذه الخطط الحقائق حول الأنواع المحلية وتهديدها وتدابير الحفاظ عليها.
ويضيف، أنه يجب أيضًا على الحكومات وضع خطط تعويض للتخفيف من غضب المزارعين الذين دمرت محاصيلهم ومنازلهم، ومساعدتهم على التعافي من الصدمة الاقتصادية.
إدارة محميات الفيلة والممرات
يجب أيضًا أن تشمل هذه التشريعات خططًا حول كيفية إدارة محميات الفيلة -بتنسيق دولي- بالإضافة إلى خطط لإدارة الممرات.
ويتابع باندا قائلًا: “الفيلة أنواع هجرية كبيرة، ومهما فعلت لا يمكنك أن تحتويها فعليًا في موطن معين، وإن إنشاء محميات للفيلة يعني أيضًا تحديد ممرات للفيلة تكون محمية ومؤمنة”.
إذ أنه في بعض الأحيان، تحتاج الفيلة إلى عبور الحدود الدولية، لذا يجب على الدول المختلفة العمل معًا لتخطيط الممرات.
ما الذي يمكن فعله للتخفيف من نزاع البشر مع الفيلة؟
يوجد أيضًا عدة طبقات من التدابير للتخفيف من النزاع بين الإنسان والفيل. بعضها تقنيات مبتكرة وفعالة من حيث التكلفة وصديقة للبيئة يقوم الناس بتنفيذها كوسائل ردع للفيلة بالفعل.
وقد وضعت منظمة ‘إنقاذ الفيلة’ مجموعة أدوات تعايش الإنسان والفيل لمشاركة نصائح وحيل للمزارعين حول كيفية القيام بذلك بشكل أفضل.
موانع الضجيج والروائح
للحفاظ على عدم دخول الفيلة إلى أراضيهم، قد يستخدم البعض فلفل الشيلي الأحمر -والذي يكره الفيل رائحته- لتشييد السياجات أو قنابل البراز الصغيرة.
كما أن تشييد السياجات باستخدام شرائط معدنية معلقة تطقطق وتدق في الرياح، والمعروفة أيضًا باسم السياجات كاساين، تشكل مانعًا جيدًا للضوضاء.
تثبيت نظام من خلايا النحل المحيطة بالأراضي يعمل أيضًا كمرعب رائع للفيلة، إذ تجعل الحشرات اللاسعة الثدييات تهرب بعيدًا وتنتج العسل الذي يمكن للمزارعين بيعه.
كما أن جمعية ‘حماية الفيلة’ تساعد أيضًا في نشر الأجهزة الطنانة (وهي أجهزة تصدر صوت الطنين للنحل لصد الفيلة دون الحاجة إلى استخدام الحشرات الحية).
برنامج الفيل الحدودي يحاول الوصول إلى جذر الصراع بين الفيلة والبشر. إنهم يدرسون سلوك الفيلة المتعلق بتحمل المخاطر واتخاذ القرارات، وفهم ما يحدث في دماغها، ومعرفة إلى أي مدى هي واعية بصراعها مع البشر.
يقول باندا: “ما لم تتمكن التنمية والحفاظ من السير جنبًا إلى جنب، ويكون هناك توازن، فمن الصعب جدًا على الفيلة -أو بالنسبة لأي حيوان بري آخر- أن يزدهر”.
- ترجمة: خلود شمالي
- تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
- المصادر: 1