دراسة تاريخية تربط بين استخدام الهاتف الخليوي وانخفاض عدد الحيوانات المنوية

منذ أن بدأ عصر الهواتف المحمولة، حذر العلماء من أن الإشعاعات المنبعثة منها قد تسبب مشاكل لدى خصوبة الرجال، وتشير دراسة جديدة طويلة الأمد أجريت في سويسرا إلى أن هذه المخاوف قد تكون مبررة.

وكما أوضحت جامعة بازل في ملخص البحث الجديد، كان هناك الكثير من الدراسات التي تظهر أنه على مدار الخمسين عامًا الماضية، انخفض عدد الحيوانات المنوية بشكل ملحوظ. إذ انخفض متوسط ​​العدد لكل ملليلتر من 99 مليونًا إلى 47 مليونًا فقط.

ومع ذلك، لا يبدو أن هناك دراسات ألقت نظرة واسعة النطاق على العلاقة الواضحة بين إشعاع الهاتف الخليوي وانخفاض عدد الحيوانات المنوية حتّى الآن.

وعلى الرغم من عدم وجود إجابة محددة حول كيفية تأثير الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من الهواتف المحمولة على عدد الحيوانات المنوية -أو على أي شيء آخر في أجسامنا- كان هناك الكثير من الدراسات السابقة التي يبدو أنها تثبت وجود صلة بين استخدام الهاتف الخليوي وانخفاض عدد الحيوانات المنوية.

ومع ذلك، وكما يشير البيان الصحفي لجامعة UB، فإن تلك الدراسات السابقة لم تكن واسعةً بالعموم أو طويلة بما يكفي لدرء الانتقادات المهنية حول منهجياتها.

قالت ‘ريتا طهبان’، باحثة في الطب الوراثي والمؤلفة الأولى للدراسة والقائدة المشاركة بها، في بيان صحفي: “لقد أجريت الدراسات السابقة التي تقيّم العلاقة بين استخدام الهواتف المحمولة وجودة السائل المنوي على عدد صغير من الأفراد نسبيًا، ونادرًا ما أُخذ في الاعتبار معلومات عن نمط حياة هؤلاء الأفراد، كما كان هناك تحيز في اختيارهم الذي كان يتم عبر عيادات الخصوبة، وكل ذلك أدى إلى نتائج غير حاسمة”.

ويبدو أن هذه الدراسة الحديثة، التي نشرت في مجلة الخصوبة والعقم وأجرتها فرق بحثية في مدينتي بازل وجنيف السويسريتين، تختلف عن تلك التي سبقتها، بسبب حجمها ومدتها في المقام الأول.

وكما كتب الباحثون، أجريت الدراسة المقطعية على مدى 13 عامًا، بين عامي 2005 و2018، ودرست في بداية البحث ما يقرب من 3,000 رجل تتراوح أعمارهم بين 18 و22 عامًا.

وعلى الرغم من أن الباحثين وجدوا روابط بين الاستخدام المتكرر للهواتف المحمولة مع المستخدمين الأكثر تكرارًا (أولئك الذين يستخدمون هواتفهم أكثر من 20 مرة يوميًا)، وانخفاض عدد الحيوانات المنوية لأولئك الذين يملكون أقل عدد منها (44.5 مليون لكل مليلتر)، إلا أنهم لاحظوا أيضًا مع مرور الوقت، أن هذه العلاقة تتراجع مع تحسن التكنولوجيا الخلوية.

وقال مارتن روسلي، الأستاذ المشارك في المعهد السويسري للصحة الاستوائية والعامة وجامعة بازل، في البيان الصحفي: “يتوافق هذا الاتجاه مع الانتقال من 2 G إلى 3 G، ثم من 3 G إلى 4 G، الأمر الذي أدى إلى انخفاض نقل الطاقة في الهواتف، وبالتالي انخفاض إشعاعها الكهرومغناطيسي”.

ويخطط الباحثون في الدراسات المستقبلية ليس لدراسة العلاقة بين تكرار استخدام الهاتف وعدد الحيوانات المنوية مع مرور الوقت فقط، وإنما أيضًا لدراسة نوع النشاط الهاتفي الذي ينخرط فيه الرجال لأن بعضها، مثل: (الرسائل النصية)، تنبعث منه موجات كهرومغناطيسية أقل من المشاهدة المتواصلة.

وهكذا، يمكن أن تكون هذه الدراسة التاريخية مجرد بداية لبحث مثمر حول هذا الموضوع.

يقول رابان: “هل الموجات الدقيقة المنبعثة من الهواتف المحمولة لها تأثير مباشر أم غير مباشر؟ هل تسبب ارتفاعًا كبيرًا في درجة حرارة الخصيتين؟ هل تؤثر على التنظيم الهرموني لإنتاج الحيوانات المنوية؟ كل ذلك يجب اكتشافه مستقبلًا”.

  • ترجمة: عبير ياسين
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1