الصراخ على الأطفال مرتبط بالاكتئاب
وجدت ورقة بحثية حديثة أنّ هناك علاقة تربط بين تدني الحالة المزاجية، وتعاطي المخدرات والانحراف (السلوك المعادي للمجتمع) وبين الإساءة اللفظية للأطفال، والتي تتضمن الصراخ عليهم ومناداتهم بأسماء.
يرى مؤلفو الدراسة الجديدة أنه يتم التغاضي عن الإساءة اللفظية كونها تعتبر جزءاً من الإساءة العاطفية (وهي فئة تشمل العديد من أنواع السلوك الضار تجاه الأطفال مثل التلاعب بهم وإذلالهم) وهذا بذاته يعتبر «مشكلة خفية». ويذكر المؤلفون أنه ينبغي الاعتراف بالإساءة اللفظية في مرحلة الطفولة كفئة خاصة بها من سوء معاملة الأطفال.
على الرغم من وجود قيود على الدراسة البحثية إلّا أنها مصممةٌ بشكل جيد ومهم وخاصة في المساعدة في تحديد هذا النوع من الإساءة العاطفية.
فهم سوء المعاملة
**الأطفال الذين يتعرضون لسوء المعاملة والإهمال هم أكثر عرضةً لمواجهة المشاكل الصحية في وقتٍ لاحقٍ من الحياة مثل ضعف الصحة العقلية. أشارت إحدى الدراسات إلى أنه يمكن أن يتم منع 80 مليون حالة من القلق والاكتئاب في جميع أنحاء العالم إذا انخفض معدل سوء المعاملة على مستوى العالم بنسبة %25.**.
**لقد حاولت الحكومات الحد من سوء المعاملة عبر جعل أنواع معينة من ممارسات الأهل القاسية غير قانونية. مثلاً يُحظَر صفع الأطفال في اسكتلندا وويلز. ومع ذلك فإن الصفع هو سلوك يمكن تحديده بسهولة إلى حدٍ ما. ليس من السهل معالجة السلوك الذي يشكل الإساءة العاطفية.
ولكن عندما نسأل البالغين إذا كانوا قد تعرضوا للإساءة أو الإهمال أثناء طفولتهم، فإن أكثر من الثلث سيقولون إنهم تعرضوا للإيذاء العاطفي. وهذا يجعله من الإساءات الأكثر شيوعًا التي يُبلغ عنها البالغون.
يرى مؤلفو الدراسة أنه يمكن تغيير سلوك البالغين الذي يعتبر إساءة لفظية في مرحلة الطفولة عبر تحديده أولاً ثم من خلال برامج تدريب الوالدين.
تحديد المشكلة
الدراسة البحثية هي مراجعة منهجية وهي دراسة علمية تجمع وتلخص نتائج الأبحاث الموجودة حول موضوع معين.
يمكن للدراسات البحثية الفردية التوصل إلى استنتاجات مختلفة. قد يكون هذا مربكًا وخاصةً عندما يكون هناك مئات الدراسات في مجال البحث. تساعد المراجعة المنهجية على فهم جميع الأدلة المتاحة والعثور على الأنماط.
اطلع المؤلفون على 149 دراسة كمية و6 دراسات نوعية حول هذا الموضوع، ووجدوا أنهم استخدموا 21 مصطلحًا مختلفًا لتعريف الاعتداء اللفظي على الأطفال. وكان السلوك الأكثر شيوعًا هو الصراخ. كانت كلمات التهديد والتسمية بالألقاب والانتقاد من السلوكيات الشائعة الأخرى. ولم تتضمن أي دراسات تقريبًا السلوكيات التي لم يرفع فيها البالغون أصواتهم.
كما حدد المؤلفون المعايير الموحدة الأكثر شيوعًا التي يستخدمها الباحثون لقياس الإساءة اللفظية. وتتميز هذه المعايير الموحدة بأنها تمت تجربتها واختبارها باعتبارها وسائل قياس موثوقة. على سبيل المثال، حول ما إذا كان الناس سوف يستجيبون بطريقة مماثلة عندما يتم إعطاؤهم نفس الاستبيان مرتين في غضون أسبوعين.
إحدى المشاكل التي حددها الباحثون هي أن نصف الدراسات التي شملها الاستطلاع استخدمت استبيانًا غير قياسي إذ لم يكن من الواضح مدى جودة وسيلة القياس.
وبما أن نتائج الدراسات البحثية يمكن أن تتأثر بعوامل أخرى مثل عوامل الخطر الجينية أو أنواع أخرى من سوء المعاملة، فمن المهم أن تتوصل دراسات متعددة إلى نفس النتيجة إذا أراد العلماء تقديم توصيات.
في هذه الدراسة البحثية التي تم تحديد الفئة العمرية فيها بين الأطفال والمراهقين الصغار في السن، ربطت أربع دراسات فقط الإساءة اللفظية بالسلوك المنحرف. في جميع الفئات العمرية، ذكرت ثماني دراسات وجود صلة بين الإساءة اللفظية والاكتئاب. ولذلك من المهم إجراء المزيد من الأبحاث لدعم هذه النتائج.
والمشكلة الأخرى هي أن معظم الدراسات كانت مقطعية وليس طولية. تقوم الدراسات المقطعية بتقييم الأشخاص في وقت واحد فقط. ولا يمكننا أن نعرف ما الذي جاء أولاً من خلال هذه الدراسات الإساءة اللفظية أم مشاكل الصحة العقلية. من الممكن أن الآباء لم يعرفوا كيفية التعامل مع السلوك المنحرف واستخدموا أساليب تربية قاسية نتيجة لذلك.
تم البحث بشكل خاص مع الدكتورة فاليري براندت في العلاقة بين سوء معاملة الأطفال وأعراض عدم الانتباه وفرط النشاط. وكات النتائج أنها علاقة عكسية إذ أدى سوء المعاملة إلى زيادة هذه الأعراض، لكن هذه الأعراض أيضًا زادت من احتمال تعرض الطفل لسوء المعاملة في المستقبل.
وبشكل عام، تعد هذه المراجعة المنهجية المصممة جيدًا خطوة مهمة نحو تعريف موحد للإساءة اللفظية للأطفال. إن فهم المشكلة سيساعد في منع تصرفات الأهل الضارة في المستقبل.
- ترجمة: مجد علي
- تدقيق علمي ولغوي: حلا سليمان
- المصادر: 1