القرود قادرة على تذكر أصدقائها القدامى

توضح دراسة جديدة أن القرود قادرة على تذكر أصدقائها الذين لم ترهم منذ أكثر من 25 عامًا، وهذا يتجاوز قدرة الدلافين على التذكر.

بعد يوم طويل، تفضل هذه القرود الجلوس وشرب العصير، فيما تستمتع بتصفح صور أصدقائها القدامى.

ربما لا تكون هذه الميول مفاجئة بالنسبة لحيوان ذكي، ولكن الأمر المثير للاهتمام هو أن البونوبو والشمبانزي تتذكر أصدقائها القدامى عند رؤيتهم بعد نحو 26 عامًا، وذلك وفقًا لبحث نُشر في كانون الأول/ديسمبر 2023 في مجلة العلوم النفسية والمعرفية Psychological and Cognitive Science.

تعد الدلافين الحيوانات الوحيدة، إلى جانب البشر، التي نعلم أنها تتمتع بذاكرة طويلة الأمد كهذه، إذ أظهرت قدرتها على تمييز معارفها بعد 20 عامًا من الالتقاء بهم.

لقد كنا على علم أن هذه الحيوانات ذات طبيعة اجتماعية قوية، ولكن لم نحدّد بالضبط كيفية تأثير الذاكرة على هذه الجوانب الاجتماعية. وفي حديثه ل Business Insider، صرّح الأستاذ المشارك كريستوفر كروبيني، وهو أستاذ مساعد في علم النفس بجامعة جونز هوبكنز: «إنها حيوانات مدهشة، إنها تشبهنا إلى حد كبير في العديد من الطرق المثيرة للاهتمام».

الشاشة والعصير والتتبع البصري

صرّح كروبيني أنه، ولفترة طويلة، كان لدى العلماء شك حول قدرة القرود التي لم يروها لسنوات على تذكرهم عند عودتهم، الأمر الذي دفعهم إلى الاستفسار عن مدى توسّع ذاكرة العلاقات الاجتماعية للحيوانات.

ولكي يتمكنوا من معرفة ما تتذكره الحيوانات، أجرى الباحثون اختبارات على 26 قردًا من حديقة حيوان إدنبرة في اسكتلندا، ومأوى كوماموتو في اليابان، وحديقة حيوان بلانكيندال في بلجيكا.

في كل موقع، أعدّ العلماء شاشة عرض خارج أقفاص القرود، ووضعوا زجاجة بها فوهة يمكن للقرود شرب عصير الفاكهة المخفف منها. وبهذه الطريقة، ستكون القرود هادئة نسبيًا أثناء مشاهدة الصور وسيتمكن الباحثون من تتبع حركة أعينها.

صرحت لورا سيمون لويس، الباحثة الرئيسية وزميلة ما بعد الدكتوراه في قسم علم النفس بجامعة كاليفورنيا، بيركلي، ل Business Insider: «يبدو أنها تجربة مثيرة لها بشكل كبير. إذ يبدو أن العديد منها يستمتع فعلًا بالمشاركة».

باستخدام تقنية تتبع العيون، استطاع العلماء استخلاص الصور التي كانت القرود تحدّق فيها لفترة أطول: صور أصدقاء ضائعين منذ فترة طويلة أو غرباء. وقد شملت الصور على القرود المألوفة، تلك التي توفيت أو عاشت سابقًا معها، أو نُقلت إلى مجموعة جديدة.

اكتشف العلماء أن القرود قضت في المتوسط 0.25 ثانية إضافية محدّقةً في صور القرود التي كانت تعرفها مقارنةً مع الغرباء. وفسّرالعلماءالوقت الأطول الذي قضته في النظر إلى الصورة على أنه تذكُّر.

قال كروبيني: «إذا لم تتعرّف على تلك الأفراد بأي شكل من الأشكال، فكان من المتوقع منها أن توجّه نظراتها بالتساوي نحو الصورتين على الشاشة، أليس كذلك؟».

كما وجد العلماء أن القرود تحدّق لفترة أطول في قرود أخرى كانت على علاقة جيدة معها، بالمقارنة مع تلك التي ربما كانت في صراع معها.

على هذا الأساس، ووفقًا لتفسير لويس، يبدو أنها تميل بشدّة نحو «ما يمكن أن نسميه أصدقائها».

مستقبل القرود

قال كروبيني: «لا تعد هذه الدراسة مجرد لمسة إنسانية، إنما تلقي الضوء أيضًا على حقيقة أن القرود مهدّدة بخطورة بالانقراض، وإذا لم نعمل بشكل نشط واستباقي على الحفاظ عليها، فإننا نواجه خطر فقدان هذا النوع في حياتنا».

كما قالت لويس أن العلماء أخذوا ذلك في الاعتبار عند إعداد هذه الدراسة.

لقد جعل العلماء المشاركة طوعية، دون إجبار الشمبانزي والبونوبو على الاقتراب من الشاشة، بل وضعوها ببساطة خارج مسكنها لتتفاعل معها بما تراه مناسبًا.

وأضافت لويس أنه من المهم جدًا أن نتعامل بحذر مع الحيوانات المهددة بالانقراض.

وطالما أن القرود ما زالت موجودة ويُعتنى بها بشكل جيد، فإن لويس تتطلع بشغف إلى جميع المعلومات التي يمكن استخلاصها منها.

وتعتقد أنه في المستقبل قد نتمكن من فهم المزيد حول طريقة تذكر القرود، وما إذا كانت تشعر بالاشتياق لتلك الحيوانات الأخرى التي لم تعد تراها.

وتعبّر لويس عن حماسها للاستكشافات البحثية المحتملة في المستقبل لفهم سيرة ذاكرتها بشكل كامل.

  • ترجمة: نور بكداش
  • تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
  • المصادر: 1