اكتشاف جديد في الأمازون يُظهر دورًا غير متوقع للماء في النظام البيئي
أظهر تقرير حديث أن أكبر غابة مطيرة استوائية على وجه الأرض تبقى مفعمة بالحياة نتيجة لدورتها المائية المعقدة، والتي بدأنا مؤخرًا في إدراكها. ولكن، حتى الآن، تسببت أنشطة البشر في تغييرات مستمرة منعتنا من رؤية صورة واضحة لحياة الأمازون.
تشكل مجاري وأنهار غابات الأمازون ما يقارب خُمْسْ المياه العذبة على كوكبنا، مغذيًة مجموعة مذهلة من الثدييات والطيور، والنباتات، والكائنات البرمائية. وتساهم أيضًا في إمداد سكان حوض الأمازون الذي يبلغ تعدادهم 47 مليون نسمة، وتشمل مناطق عدة مثل الغابات الجبلية، والمستنقعات، وشبكة الأنهار التي تمتد عبر تسع دول في أمريكا الجنوبية.
وتغذي النظم البيئية والمائية المتشابكة التدفق المطري عاليًا في جبال الأنديز، إلى الأراضي المنخفضة في الأمازون، ونهاية الطريق في المحيط الأطلسي، ما يشكل مسارًا محددًا يُسمى (AAA pathway) إذ يتحول الماء الموجود على السطح إلى بخار ماء يرتفع إلى طبقات الهواء مكررًة نفس العملية. وفي تشبيه سابق للباحثين بينوا أن هذا النظام يعمل كمضخة تعيد استخدام الرطوبة، ما يساهم في المحافظة على هطول الأمطار في المنطقة.
وتستعرض عالمة الهيدرولوجيا في جامعة فلوريدا الدولية، كلير بيفردج وزملاؤها: “حتى الآن، تركزت معظم جهود الأبحاث والحماية، على الغابات المطيرة الاستوائية، ومع ذلك، يعتمد استمرارها على مسار تدفق المياه (AAA pathway)”.
ولا يقتصر تعدد مسارات الدوران المائي على التزود بالمطر فقط، وإنما تجديد التربة أيضًا، بداية من جبال الأنديز، مرورًا بالأنهار والغابات، وفي نهاية المطاف في المحيط يساعد تدفق العناصر الغذائية التي تمر عبر المياه في دعم الكائنات الحية المتنوعة الموجودة فوق الماء وتحتها.
يوفر المسار (AAA) حوالي 40% من ترسبات العناصر الغذائية الأساسية في المحيط الأطلسي، ما يساهم في تعزيز دورة حياة الكائنات.
وحسب ما ذكر الباحثون: “إن تيار نهر الأمازون يمتد داخل المحيط الأطلسي إلى الآلاف الكيلومترات، ما يجعله جوهريًا للحفاظ على صحة التوازن الغذائي، ومعالجة ثاني أكسيد الكربون في المحيط”.
بينما كان الأمازون في حالة دائمة من التعرض للفيضانات والجفاف، بسبب تأثيرات ظاهرة النينو والنينا، لم تعد هذه الدورات مسؤولة عن جميع التغيرات الملحوظة.
وترتفع درجات الحرارة خصوصًا في المناطق الجنوبية، متسببة في تقلبات شديدة في نظام (AAA) ما أدى إلى حصول فيضانات غير مسبوقة في المناطق الشمالية، وجعل فترات الجفاف طويلة مصحوبة بحرائق موسمية، ما يزيد احتمالية ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الأنديز.
ويؤثر تدمير الغابات وتغييرات الغطاء النباتي أيضًا على النظام AAAما يساهم في تفاقم أزمة التغير المناخي، وقد يؤدي هذا إلى عواقب وخيمة على النظام البيئي مستقبلاً.
ويحذر بيفريدج وفريقه “من أن التغييرات الشاملة على طول مسار AAAوالآثار المتراكمة، تحدث بسرعة تفوق قدرة النظم الاجتماعية والبيئية على التكيف معها، ما يهدد قدرتها على الصمود”.
ويشدد الباحثون على إجراء المزيد من الاستقصاء لفهم مسار AAA, ووقف فوري لإزالة الغابات، بالإضافة لعمل برامج لاستصلاح المناطق الهشة والمعرضة للخطر. كما أن الحفاظ على حوض الأمازون رطبًا هو أمر ضروري للعالم أجمع للتخفيف من حدة تأثير التغير المناخي.
ويقول الخبير والمختص في المياه العذبة في جامعة فلوريدا الدولية، الدكتور أنديرسون: “إن هناك ازديادًا ملحوظًا على أعداد المساحات المحمية خلال هذا القرن، مثل المتنزهات الوطنية، والمحميات، والأراضي التي يسيطر عليها السكان الأصليون، خصوصًا في المناطق المعترف بها رسميًا في الأمازون. ويكمن التركيز الأساسي على الغابات والنظم البيئية الأرضية”.
لقد حان الوقت لزيادة الدعم للمحافظة على النظم البيئية للمياه العذبة مثل الأنهار.
- ترجمة: يوسف سالم.
- تدقيق علمي ولغوي: رنا حسن السوقي
- المصادر: 1