ماهي شجرة الحياة؟

ترسم شجرة الحياة خريطةً للعلاقات بين جميع الكائنات الحيّة، ويتعرض هذا الرسم للتغيّر باستمرار.

إذ ترتبط جميع الكائنات الحيّة والمنقرضة مع بعضها البعض، ويمثّل هذا الارتباط ما يُدعى بشجرة الحياة، وهي أداة بيولوجية على شكل رسم بياني ترسم العلاقة بين الحيوان والنبات والكائنات الأخرى، وتتألّف من جذع يتفرّع إلى ملايين (الفروع) المتشابكة، وكل فرع يمثّل سلسلة جديدة من الحياة.

من الصعب تعقّب أصل هذه االأداة البيولوجية وذلك لأن العلماء حاولوا على مدار التاريخ تصوير العلاقات بين الكائنات الحيّة تصويرًا بصريًّا من خلال الرسم البياني على شكل شجرة، وينسب غالب العلماء هذا المفهوم الحديث إلى شارلز داروينغ.

قال إيان بارنز وهو عالم بيولوجي تطوري، في متحف التاريخ الطبيعي في المملكة المتحدة: «تعدّ آليّة ارتباط الفروع المختلفة التي أشار إليها داروين شيء عظيم». وقد أشار بارنز لموقع Live Science إن هذه الآلية هي بالطبع التطور.

وفقًا لداروين، فإن أصل الحياة على الأرض يعود إلى سلف واحد، وسيستمر البحث في المستقبل القريب لإظهاراحتماليّة وجود (سلف مشترك كوني أخير)، وهي خلية وجدت منذ نحو 2.4 مليون سنة تطورت منها كل أشكال الحياة. ويشكّل هذا السلف حاليًّا القاعدة المتينة لشجرة الحياة، ويتفرّع من هذا الأساس ثلاثة أجزاء قويّة (الفروع)، وهي المجالات الأساسية للحياة. إذ يقول بارنز: «يمكن أن تكون المجموعة الأولية مكوّنة من البكتيريا والحقيقيات والعتائق».

كما أوضح بارنز أنّنا إذا تتبّعنا الأغصان الأدق إلى الأغصان الأثخن للشجرة، سيظهر لنا كيف ترتبط كل أشكال الحياة على الأرض مع بعضها البعض، ومدى هذا الترابط في العلاقات، فكلما قلّ عدد الفروع بين نوعين، كلما كانت العلاقة بينهما أوثق.

وأضاف بارنز: «إنّ الشجرة ليست شيئًا ثابتًا وغير قابلٍ للتغيير»، إذ اعتمد العلماء في الماضي على الملاحظات الدقيقة للاختلافات الفيزيائيّة بين الأشياء الحيّة، وذلك لوجود هذه الأداة الوحيدة التي استُخدمت لتحديد كيفية ارتباط الكائنات فيما بينها. أما الآن، فقد حلّ محلّ هذه الأداة تحليل الحمض النووي DNA، الذي يستطيع تحديد مقدار المادة الوراثيّة المشتركة بين كائنين، وفي حالاتٍ عديدة يكشف تقارب العلاقة بينهما.

ينقسم كل فرع في الشجرة للسلف المشترك إلى حفيدين أو أكثر، وتعتمد هذه العمليّة على الانتقاء الطبيعي. فعلى سبيل المثال: حقيقات النوى هي أكبر الفروع، وتشمل كل أشكال الكائنات متعددة الخلايا على مدار ملايين السنين، ويقسم هذا الفرع إلى سلالات تطوريّة متمايزة تعرف باسم كلايدس clades، كما تضم الأسلاف والأحفاد التي تتولّد عنها.

تحتوي حقيقات النوى ثلاث كلايدات معروفة: النباتات والفطريّات والحيوانات. ويتفرع كلايد الحيوانات المعرّف باسم (المملكة) إلى فرعين: اللّافقاريّات (وهي الحيوانات التي ليس لها عمود فقري)، والفقاريّات (التي لها عمود فقري). ثم تتفرّع مجموعة الفقاريّات إلى عدّة كلايدات منها الثديّيات، ومنها تشعّبت التفرّعات إلى أن وصلت في نهاية المطاف إلى الإنسان العاقل.

في الحقيقة، لقد كشف تحليل الحمض النووي DNA أساس العلاقات التي تمثّلت في الماضي على الشجرة بدقة مدهشة. لكن أعادت أدواتنا الحديثة رسم الاتصال بين عدد من الفروع.

قال بارنز: «حتى الآن، إذا ولّدنا المزيد من بيانات تسلسل الحمض النووي DNA، أو حلّلناه بطرقٍ مختلفة، فإننا سنغّير العلاقات على الشجرة».

وأضاف إنّه وبالرغم من هذه التغيّرات المستمرّة، فإنَّ شجرة الحياة تبقى الأداة الأكثر فاعلية لتحديد العلاقات بين الأنواع. ومثالًا على ذلك، فقد ساعدت العلماء على تحديد هويّة العلاجات الدوائيّة الجديدة، وكيف كانت تسير الحياة وكيف استمرّت على مدار الأيام، كما أنها تساعد على مقارنة معدلات الانقراض في الماضي والحاضر وفهم أسبابها.

وأضاف: «إن العلاقات بين الكائنات الحيّة ليست رسمًا وحسب، وإنّما قد تكون ذات نفعٍ بحدّ ذاتها، وبمجرّد أن نتمكّن من وضع جدول زمني للأشياء، فإنّه يصبح في الواقع أداةً تحليليّة».

  • ترجمة: آيات حبيب
  • تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
  • المصادر: 1