ما مدى تكرار غسلُ الملابس الرّياضيّة؟

عند عودتك للمنزل بعد جلسة تمارينٍ رياضيةٍ شاقّة أو ممارسة الجري، هل تضعُ الملابسَ المبلّلةَ بالعرق في الغسالة مباشرةً؟ أو هل تترُكها على كرسيّ ما أو في الخزانة حتى يحينَ الموعدُ التالي لارتدائِها؟

أثارتِ الحكومةُ الفرنسيةُ جدلًا واسعًا في وقتٍ سابقٍ من العام 2025 عندما تحدثَتْ عن عدد المرّات التي يجبُ فيها غسلُ الملابس، إذ أوصَت بعدمِ غسلِ الملابس الرياضية إلا بعد ارتدائها ثلاثَ مراتٍ مُتتالية.

وتنبعُ هذه التوصيات من مخاوفَ مشروعة متعلقة بالبيئة، إذ تستهلكُ كلّ دورةِ غسيل كمياتٍ كبيرة من المياه والطاقة الكهربائية، كما أن الغسيل المتكرّر يُسرّع من عملية تلفِ الأقمشة ممّا يزيدُ من هدر المنسوجات.

ولكن ماذا عن صحتنا؟ إذا كنت تشعرُ بالقلق إزاءَ ارتداءِ الملابس الرياضية ذاتِ الرائحة الكريهة، فإليك ما يتوجّب معرفته.

الملابسُ الرياضية والتعرّق

صُنِعت الملابس الرياضية سابقًا من الألياف الطبيعية التي غالبًا ما تكونُ قطنية، أما الآن فهي في معظمها مكوّنةٌ من أليافٍ اصطناعيةٍ عالية الكفاءة. إذ تعملُ هذه الأنواع على التحكّم بالرطوبة، وتنظيمِ الحرارة، وتحسينِ التهوئة، والتحكم بالروائح.

فقد أظهرت ِالأبحاثُ أن ملابسَ التمارين الرياضية ذاتِ الألياف الاصّطناعية على وجه التحديد، يمكن أن تشكّل بيئةً صالحةً لنموّ البكتيريا بكمياتٍ كبيرة حتى عندَ ارتدائها لمرّة واحدة فقط. فالبولييستر يحبسُ الرطوبةِ مما يخلق بيئةً دافئةً ورطبة مناسبة للبكتيريا.

كما أن البكتيريا تتكاثرُ بسرعةٍ أكبرَ عند وجود رطوبةٍ في الملابس كالرّطوبة الناتجة عن التعرّق، وكلّما ازدادتِ الرطوبة ازدادتِ الرائحة المنبعثة.

لكِنْ، ومع تقدّم الصناعات النسيجية التي تدمج جزيئاتِ الفضة النانوية في الألياف النسيجية (وهي جزيئات دقيقة تُستخدم لقدرتها على مقاومة البكتيريا)، ومعالجة الأقمشة القائمة على الزيوت الأساسية، والمعالجاتِ طويلةِ الأمد المُضادة للميكروبات، بالإضافة إلى التحسينات الهيكليّة في الألياف، جميعُها تهدفُ لإنتاج ملابسَ أكثرَ متانةً وقدرةً على مُقاومة البكتيريا.

إذًا، هل يعد ارتداءِ ملابس الرياضة مرة أخرى آمِنًا؟

تَعتِمدُ إجابة هذا السؤال على عدة عوامل أهمها:

نوعُ القماش

تتكاثرُ البكتيريا المسبّبة للرائحة في الملابس المصنوعة من موادّ طبيعية، كالقطن مثلًا، بكميةٍ أقلّ مقارنةً بالملابس ذاتِ الألياف الاصّطناعية، إذْ يُمكن للفرد ارتداؤُها عدة مراتٍ لممارسة الرياضة قبل أن تصبحَ بحاجةٍ للغسل.

كثافة التمرين وكميّة التعرّق

يُمكن إعادةُ ارتداءِ الملابس عدة مراتٍ قبل غسلِها في التمارين الخفيفة التي لا تتطلب مجهودًا كبيرًا، ولا تُؤدّي للتعرّقَ المُفرط كاليوغا أو المشي، وذلك مقارنةً بالرياضاتِ الشاقة، إذ يرتبط تكاثرُ البكتيريا ارتباطًا مباشرًا بمستوى الرطوبة في الأقمشة. (في الواقع، حَدّدت توجيهاتُ الحكومة الفرنسية عددَ مراتِ الغسل بناءً على كمية التعرق).

تغيُّر الفصول

يؤثّرُ تبدّلُ المناخ كدرجةِ الحرارة، والرطوبة والتهوئة بشكلٍ واضح على كمية البكتيريا المتكاثرة في الأقمشة، لذا من المنطقي أن يقلّ عددُ مرات غسلِ الملابس في الأشهر الباردة والتي تقلّ فيها كمية إفرازِ الجسمِ للعرق.

الصحّة الشخصيّة

يجبُ على البعضِ أن يُولِي اهتمامًا لغسلِ الملابس الرياضيّة أكثرَ من غيرهم، فالمُصابون بأمراضٍ جلدية أو ذوو المناعة الضعيفة هم أكثر عُرضةً للالتهابات الجلدية. فإذا كنت ترتدي قميصًا قطنيًا وسروالًا قصيرًا، يمكنك القيامُ ببعض التمارين الخفيفة كالمشي صباحًا، وعليه يمكِنُك أن تعيد ارتداءَ الملابس أكثر من مرّة قبل غسْلِها، خاصةً إذا كنتَ تقوم بتهوئتها جيّدًا بعد كل استخدام.

فيما إنه يجبُ غسلُ الألبسةِ الاصطناعية أو أي نوع ملابس تُلبَس عند ممارسة الرياضاتِ المتوسّطة أو المكثّفة بعدَ كل استخدام، إذ تُعتَبر دورةُ الغسيل الباردة مناسبة، خاصةً بالنسبة للملابس التي تُلامس المناطقَ التي تكثُرُ فيها البكتيريا مثل منطقة الإبطين أو الفخذ أو القدمين.

نصائح للعناية بالملابس بين الاستخدامات:

1- اقلِب الملابسَ من الداخل إلى الخارج وعلّقها حالَ الانتهاءِ من التمرين، إذ تُساعد هذه الطريقة في تعريضِ البكتيريا للهواءِ الطلق.

2- تأكّد من تجفيفِ الملابس تمامًا قبل تخزينِها.

3- خزّن الملابس ضمنَ أماكنَ ذو تهوئة جيدة وتجنّبْ وضعَها في أماكنَ مغلقة مثل سلاّتِ أو أكياسِ الغسيل.

4- علّق الملابس في أماكن مُعرّضة للشمس كُلما أمكن ذلك، فالأشعةُ فوقُ البنفسجية تُساعد على التخلص من البكتيريا بطرقٍ طبيعية.

5- افصِل الملابس النظيفة عن تلك المتسخة.

الخُلاصة

يعودُ الالتزامُ بمرّاتِ غسلِ الملابس وتوقيتِها إلى الاختيار الشّخصي، إذ يجبُ على كلّ منا الموازنةَ بين الفوائد البيئية والمخاوفِ الصحية المُحتملة وعادات مُمارسة الرياضة.

ولا ينطبقُ ذلك على جميعِ أنواع الملابس، فبعضُها يجب غسلُه بعد كلّ استخدام مثل حمّالات الصدر الرياضية، والملابس الدّاخلية، والجوارب، بالإضافة إلى أيّ ملابسٍ متّسخة أو ذاتِ رائحةٍ كريهة، خاصةً تلك التي تُرتَدى في التمارين الرياضية المُجهِدة أو أثناءَ الطقس الحار.

كَتبتْ هذا المقال: كارولينا كوينتيرو رودريغيز، مُحاضِرة ومديرة برامج، حاصلة على بكالوريوس في الأزياء من جامعة RMIT. أُعيدَ نشرُ هذا المقال من موقع The Conversation بموجب ترخيص Creative Commons.

  • ترجمة: حمزة عيسى
  • تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
  • المصادر: 1