استطلاع رأي مرعب ChatGPT قد تفوّق على ويكيبيديا

يُظهر رسم بياني مذهل، انتشر على نطاق واسع على موقع Reddit الأسبوع الماضي، النسبة المئوية المزعومة لمستخدمي الإنترنت الذين يزورون ChatGPT – روبوت الدردشة الرائد من OpenAI -متجاوزين بذلك ويكيبيديا خلال العامين الماضيين.
تُظهر البيانات، التي جمعتها شركة أبحاث السوق البريطانية GWI ، انخفاضًا مطردًا في نسبة مستخدمي ويكيبيديا حول العالم، باستثناء الصين. يبدو أن ChatGPT الذي أطلق في أواخر عام 2022 قد تجاوز الموسوعة الإلكترونية بشكل ملحوظ.

إذا صدقنا البيانات – المستندة إلى إجابات الاستبيانات وليس زيارات المواقع – فمن المنطقي القلق بشأن موثوقية المعلومات التي يبحث عنها الناس على الإنترنت. وبرغم أن ويكيبيديا ليس مصدرًا معصوما من الخطأ، خالٍ من التحيز أو عدم الدقة، فقد ثبت أيضا أن الذكاء الاصطناعي التوليدي أقل موثوقية بكثير، وذلك بفضل الهلوسة والتحيزات المنتشرة في بيانات التدريب. وبينما تعتمد ويكيبيديا على عرض الاستشهادات بشكلٍ بارز، غالبًا ما تجد أنظمة الذكاء الاصطناعي مثلChatGPT صعوبة في تفسير مصدر معلوماتها، حتى أنها تلجأ إلى اختلاق مراجع مزيفة بالجملة.
هناك أيضًا تساؤلات جدية حول الأخلاقيات والاستخدام العادل. ففي الوقت الذي تضم فيه ويكيبيديا جيشًا مكونًا من أكثر من 49 مليون محرر بشري يضمنون دقة 64 مليون مقالة حول العالم، لا يزال غير معروف على وجه التحديد ما الذي دُربت عليه نماذج اللغة الكبيرة التي تدعم ChatGPT – ولكن من المرجح أنها تحتوي على بيانات مستمدة مباشرةً من ويكيبيديا، والتي تستفيد منها OpenAI الآن.

صرح كبير صحفيي البيانات فيGWI “كريس بير” من خلال رسالة بريد إلكتروني لموقعFuturism : أن ChatGPT شهد زيادة بنسبة 36% في عدد المستخدمين من الربع الرابع من عام 2023 إلى الربع الرابع من عام 2024، بينما بقيت المنصات الأخرى على حالها أو شهدت زيادة أو نقصانًا طفيفًا”، وأضاف: “يصل ChatGPT إلى شريحة مستخدمين أكبر، وفي وقتٍ أسرع، من أي منصة أخرى تقريبًا في التاريخ”. كما أشار بير إلى الاعتماد الواسع النطاق بين طلاب الجامعات، حيث يستخدمه 49% منهم، مقارنةً بـ 53% ممن يستخدمون أمازون!
إن تطبيق ChatGPT، الذي صُنِّف أسرع التطبيقات نموًا في تاريخ الحوسبة، سرعان ما أصبح ظاهرة عالمية. ويقول بير في هذا الصدد: “بناءً على بحثنا، يُعتبر ChatGPT الأكثر شيوعًا في دول الجنوب. وتشمل الأسواق التي نشهد فيها أعلى معدلات استخدام له كينيا والهند والإمارات العربية المتحدة والبرازيل”. وأضاف بير: “استُبعدت الصين لأن السلطات الصينية حظرت العديد من المنصات الإلكترونية، مما جعل البيانات غير تمثيلية”.

مع ذلك، يصعب التوصل إلى أي استنتاجات قاطعة في ظل غياب تحليل أكثر تفصيلاً لأرقام الاستخدام الفعلية، حيث صرح متحدث باسم مؤسسة ويكيبيديا لموقع Futurism – وهي منظمة غير ربحية تدير ويكيبيديا- إن المؤسسة لم تلاحظ أي “انخفاضات ملحوظة في حركة المرور على مواقع ويكيبيديا منذ أوائل عام 2021” من حيث “عدد مشاهدات الصفحات وحركة القراء”.
حيث تُظهر تحليلاتنا أن عدد مشاهدات صفحات ويكيبيديا يبلغ حوالي 15 مليار مشاهدة شهريًا (وقد تراوحت هذه المشاهدات باستمرار بين 15 و18 مليار مشاهدة منذ أكتوبر 2020، بما في ذلك ارتفاعات وانخفاضات عرضية في عدد الزيارات). بعبارة أخرى، تحافظ حركة مرور ويكيبيديا على ثباتها، كما تقول المنظمة ، لكن البيانات الصادرة من GWI وشركات أخرى تشير إلى أن استخدام ChatGPT قد تجاوزها بسرعة.

يبدو أن مُقدّر حركة مرور الويب، Similarweb، يُؤكد بيانات GWI. حيث تحتل ويكيبيديا حاليًا المرتبة العاشرة عالميًا من حيث عدد الزيارات مقارنةً بجميع المواقع الأخرى، بينما يحتل ChatGPT حاليًا المرتبة السادسة بأكثر من 4.5 مليار زيارة شهرية. وإذا كان عدد زيارات ويكيبيديا يشهد أي انخفاض، فقد يكون ذلك مرتبطًا أيضًا بصعود الذكاء الاصطناعي.
صرح بير لموقع Futurism قائلًا: “أعتقد أن الاتجاه نحو انخفاض عدد الزيارات طويلة الأمد لويكيبيديا يعود بشكلٍ كبير إلى إضافة محركات البحث المزيد من الإجابات التي تتطلب نقرة واحدة”. موضحا: “في السابق، كانت محركات البحث تُرجع صفحة ويكيبيديا كأول نتيجة، أما الآن، فمن المرجح أن ترى توقعات الطقس، أو طول شخصية مشهورة، أو أي شيء آخر، داخل جوجل نفسها”.
وأضاف: “من المرجح أن تُفاقم ميزات الذكاء الاصطناعي من وضع جوجل، إلى جانب ChatGPT، هذا هو التوجه السائد”.

يُسلّط النقاش الضوء على مدى انتشار ChatGPT والتقنيات المرتبطة به في غضون سنوات قليلة. فهو يُساعد الطلاب على كتابة المقالات، والمعلمين على تصحيح الأوراق، وتلخيص البيانات لموظفي المكاتب، ويدل المتجولين التائهون. ولكن بأي ثمن نتخلى عن مقالات ويكيبيديا المُراجعة بعناية لصالح روبوتات دردشة مُضلّلة أو مُتملقة في كثير من الأحيان؟
بالنظر إلى أحدث البيانات، فإن مشكلة الهلوسة تزداد سوءًا مع ازدياد تطور روبوتات الدردشة المُزوّدة بالذكاء الاصطناعي. كما أدت جهود الشركات لدفع مخرجات روبوتات الدردشة الخاصة بها في الاتجاه الصحيح إلى الفوضى والارتباك.

إن موضوع المعلومات المُراجعة بعناية وموثوقيتها أصبح أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى في عالمٍ يعجّ بالتضليل الإعلامي ونفايات الذكاء الاصطناعي. ففي الشهر الماضي فقط، هددت إدارة ترامب بإلغاء إعفاء ويكيبيديا من الضرائب، متهمةً المؤسسة بانتهاك القانون عبر مزاعم لا أساس لها من الصحة تفيد بأن الموسوعة قامت بنشر دعايات. ومن وجهة نظر النقاد، كان ذلك محض استعراض واعتداءً على حرية التعبير. وصرحت مؤسسة ويكيبيديا في بيانٍ لها آنذاك: “ويكيبيديا من آخر المواقع الإلكترونية التي لها مستقبل واعد، إذ تضم أكثر من 65 مليون مقالة كُتبت للإعلام لا للإقناع”. “رؤيتنا هي عالمٌ يمكن فيه لكل إنسان أن يشارك بحرية في تجميع المعرفة”.

  • ترجمة: رجاء الغيثي
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1