ماذا لو كان لديك أعيُن كالذبابة؟!
هل فعلتَ شيئًا مختلفًا بعينيك؟ هل استبدلتهما مثلًا بأعين ذبابة عملاقة؟ يبدو أنها أعيُن عملية وفعالة. ولكن كيف سترى العالم من حولك حينئذٍ؟ وكيف سيراك الآخرون؟ وكيف سيغير ذلك حياتك المُفعمة بالأزيز؟ وأعني بذلك حياتك العاطفية.
نبخس الذبابة حقها لو قلنا أن عينيها تختلفان قليلًا عن عينيك؛ إذ أن هذه الحشرة لديها عيون مُركبة، وهي أشبه بوجود مجموعة من العيون الصغيرة التي تسمح برؤية الحركة من اتجاهاتٍ عدة مختلفة. أما عيناك فهما منظمتان بشكلٍ أكبر كالكاميرا؛ فهناك قزحية تتحكم بمقدار الضوء الذي يتسلل إلى كل عينٍ، وعدسة تشكل الصورة، بالإضافة إلى شبكية تستكشف تلك الصورة.
ولك أن تقارن ذلك بعيون الذبابة المركبة التي تتكون من 4500 عدسة لكلٍ على حِدة. وحينها قد تعتقد أن تلك العدسات ستمنحها قدرات بصرية مذهلة، ولكن كل عين في الواقع لا ترى كل ذلك جيدًا. قْم بدمجها لتشكّل بذلك مجال رؤية بزاوية تُقدّر بحوالي 360 درجة. ومن ثمّ، هل إن كان لديك عيون كالذبابة ستحظى في الحال برؤية خارقة؟!
ربما كانت عيناك من قبل نافذة لجوهرك، ولكن الآن حين ينظر إليك أحباؤك فمن المؤكد أنهم سيحدقون من خلال نافذة مختلفة تمامًا.
وهنا قبل أن تحاول أن تُحلّق بعيدًا، ما عليك سوى استبدال الأعيُن، أما الأعضاء الأخرى بجسدك فستبقى كما هي. وحينئذٍ ما تراه سيكون مختلفًا تمامًا؛ إذ أنك ستمتلك صورة بزاوية 360 درجة تقريبًا لكل ما يحيط بك. ولا داع للقلق كثيرًا بشأن تسلل الناس نحوك. لكن لنظام الأمن المُدمج هذا ثمنه؛ فكل شيء سيصبح ضبابيًا، ولن يكون لديك حَدَقتان للعين، لذا سيترتب عليك التحكم بمقدار الضوء المتسلل من خلال العدسات؛ للمساعدة في إبقاء الأشياء واضحة. إضافة إلى ذلك، لن تكون قادرًا على رؤية الألوان كما اعتدت عليها. وفي هذا الصدد، فقد ارتقت عيناك البشريتان بشكلٍ مذهل، ولن تكون قادرًا الآن على رؤية كافة الظلال والأشكال ومستويات الإشراق؛ فالذباب لديه فقط خليتان من أجهزة الاستشعار، وهو ما يسبب خللًا في التمييز بين الألوان؛ فبأعيُن الذبابة الجديدة سيُستثنى حرفيًا اللون الأحمر من الصورة.
وعلى جانبٍ آخر، فهناك بعض الحشرات أيضًا ترى اللون بشكلٍ أفضل، ومنها النحل الذي يرى الألوان أفضل منّا. ومن المنطقي أنك حينما تفكر في التمييز بين الأزهار المختلفة ستجد ذلك أمرًا حيويًا لبقائها.
ولكن لنعد قليلًا لموضوع الذباب.. إن اكتشفت أنك تحظى بعيون ذبابة ذكر، سيكون لديك حينها ما يُطلق عليه اسم نطاق الحب، ما يُعزز قدرتك على معالجة وإبراز الإشارات البصرية بنسبة تصل إلى 60%. ويُمكّن ذلك ذكور الذباب من اكتشاف الحركة السريعة لنظيراتها الإناث بشكلٍ أفضل.
وأنت؟ أنت ستبدو غريب الأطوار، مجنونًا نوعًا ما؛ تدفع برأسك طوال اليوم سعيًا إلى إيجاد موعدٍ. وفيما بعد ستصبح إنسانًا لديه أعيُن مركبة هائلة، وبالتالي ستبدو بالفعل مجنونًا كتلك الحشرة. وهنا نجد أن كلمة مجنون تُعد وصفًا ملائمًا للمظهر البدني لتلك الأعين.
ليس الباحثون متأكدين من السبب وراء ذلك؛ فالبعض يظن أن التزاوج يلعب دورًا رئيسًا. ولكن من يعرف؟ قد تبدأ فجأة في جذب مئات الحشرات من الجنس الآخر؟ سيكون الضجيج الناتج عن ذلك أسوأ من ضجيج سيل الرسائل النصية.
ربما من الأفضل أن تُبقي عينيك البشريتين كما هما في النهاية. وبدلًا من ذلك، يمكنك أن تُجرّب كاميرا صنعها العلماء لاكتشاف الحركة كالتي تقوم بها الذبابة.
ولكن المشكلة ستكمن في لون الصور الذي سيصبح أسود وابيض. وأنا على يقينٍ من أن جهاز iPhone الخاص بك سيعمل بشكل أفضل، ولعلك تفضل بعد ذلك نوعًا مختلفًا من الرؤية، كالرؤية بنظام الأشعة السينية.
- ترجمة: مها عيد يماني
- تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
- المصادر: 1