أصبح لدينا فكرة عمّا سيحدث عندما تنطفئ شمسنا
في يومٍ ما، سوف تموت الشّمس!
لا يمكن لنجمنا الجميل أن يدوم إلى الأبد. في نهاية المطاف ستنفذ العناصر التي تُغذّي اندماجه محوّلةً إيّاه إلى قزمٍ أبيض (هو تحوّل النّجم إلى جسمٍ كرويّ كثيف من الكربون عندما ينفذ الهيدروجين في لبّه) سينتفخ ليصبح عملاقًا أحمر قد يصل نصف قطره إلى المريخ قبل أن يقذف مادّته الخارجيّة، بينما ينهار داخله إلى بقايا نجميّة تضيء بالحرارة المتبقيّة بعد موته.
لدينا فكرة جيّدة جدًا حول طريقة حدوث هذا الأمر بالنّسبة للشّمس، إذ سيبدأ ذلك بعد حوالي 5 مليارات سنة.
ولكن ماذا سيحصل للكواكب، والأرض؟ وماذا سيحصل لنا أيضًا؟
حلّل فريقٌ من العلماء بقيادة الفيزيائيّ أمورنرات أونجويروجويت من جامعة نارسوان في تايلاند، التّغيّرات طويلة الأمد في سطوع ثلاثة أقزام بيضاء، واستنتجوا ما يعنيه ذلك من تغييرات بالنّسبة لأنظمة الكواكب المحيطة بها.
لحسن الحظّ يمكننا أن نطمئن إلى أنّ البشريّة (أو أيًّا كان التّطوّر الذي وصلنا إليه) ستكون قد اختفت أو انقرضت في حال لم تنتقل إلى مكان آخر من الكون قبل حدوث تلك التّغييرات. أمّا بالنّسبة لموطننا وبقيّة الكواكب الأخرى القريبة منه فإنّها لن تجد وسيلةً للهروب من الضّرر. فوفقًا لتحليل النّجوم القزميّة البيضاء، فإنّ فاجعة وفاة الشّمس ستطلق العنان لمذبحةٍ في النّظام الشّمسيّ.
باختصار، عطارد والزّهرة هالكان، وكذلك الأمر بالنّسبة لجميع الأشياء الأخرى الموجودة في عمق دائرة النّظام الشّمسيّ، سينتهي بهما المطاف ممزّقين إلى أشلاء وستقوم الشّمس بالتهامهما.
قد تنجو الأرض من تلك الكارثة وربّما لن تفعل، وهذا يتعلّق بطريقة تغيير مدارها بناءً على تناقص كتلة الشّمس والتّفاعلات المتغيّرة بين الكواكب.
وإذا نجت بأعجوبة فإنّها ستبدو مختلفةً تمامًا عن العالم الخصب والصّالح للعيش كما هو الحال في يومنا هذا.
يقول الفيزيائيّ بوريس غانسيكي من جامعة وارويك في المملكة المتّحدة: “ليس من الواضح إذا كان بإمكان الأرض أن تتحرّك بسرعةٍ كافية قبل أن تتمكّن الشّمس من اللّحاق بها وإحراقها، ولكن إذا حصل ذلك واستطاعت الهروب فإنّها ستفقد غلافها الجويّ ومحيطها، ولن تكون مكانًا لطيفًا جدًا للعيش”.
كيف نستطيع معرفة كلّ ذلك من خلال النّظر إلى النّجوم القزمة البيضاء؟ من خلال دراسة التّغيّرات في سطوعها.
يمكن أن تشير التّغيّرات في سطوع النّجوم إلى عدّة أشياء، ولكن إذا كانت هذه التّغيّرات منتظمةً بين ارتفاع وانخفاض في شدّة الضّوء فإنّ ذلك يشير إلى وجود شيء ما يدور حول النّجم، ويحجب بعضًا من ضوئه بشكلٍ دوريّ.
حسب الأبحاث السّابقة فإنّ تغيّر السّطوع لدى النّجوم الثّلاثة التي حلّلها الباحثون في دراستهم الأخيرة ناتجٌ عن دوران سحبٍ من الحطام الكوكبيّ حولها.
يقول أونجويرويت: “أظهرت الأبحاث السّابقة أنّه عند اقتراب الكويكبات والأقمار والكواكب من الأقزام البيضاء، فإنّ الجاذبيّة الهائلة لهذه النّجوم تمزّق تلك الأجسام الكوكبيّة الصّغيرة إلى قطعٍ أصغر فأصغر”.
من خلال دراسة 17 عامًا من البيانات المختلفة المتعلّقة بالنّجوم القزمة البيضاء، استطاع الباحثون تخيّل كيفيّة تطوّر هذه العمليّة.
أظهرت النّجوم الثّلاثة علامات عبور -انخفاض في سطوع النّجوم-تتعلّق بسحبٍ عملاقة غير منتظمة من الحطام، والتي ربّما سُحِقَت من قِبل القزم الأبيض إلى غبار أصغر فأصغر قبل أن تختفي.
أظهر أحد النّجوم علاماتٍ على حدوث نوع من الأحداث الكارثيّة عام 2010، كما أظهر نجم آخر ذات العلامات عام 2015، بينما كان النّجم الثّالث يعاني من تناقصٍ غير منتظم في السّطوع كلّ بضعةِ أشهر، وتقلّباتٍ فوضويّة كلّ بضع دقائق. تتصرّف النّجوم الثّلاثة الآن بشكلٍ طبيعيّ تمامًا، دون وجود أيّ أحداث عبور.
هذا يشير إلى أنّ تقطيع أوصال الكواكب والتهامها يحدثُ بشكلٍ سريع، وفي حال كان مصير الأرض أن تُدمّر، فمن غير المرجّح أن يكون بهذا العنف.
يقول غانسكيه: “الخبر المحزن هو أنّ الأرض ستبتلعها الشّمس المتمدّدة على الأرجح، قبل أن تصبح قزمًا أبيض. أمّا فيما يتعلّق ببقيّة النّظام الشّمسيّ، فإنّ بعض الكويكبات الواقعة بين المريخ والمشتري، وربّما بعض أقمار المشتري قد تنزاح وتنتقل بالقرب من القزم الأبيض في نهاية المطاف لتخضع لعمليّة التّمزيق التي قمنا بالتّحقيق فيها”.
لا داعي للقلق، فمحيطات الأرض ستغلي في غضون مليار سنة تقريبًا، وذلك قبل أن تتحوّل الشّمس إلى قزمٍ أبيض بوقت طويل.
نُشر البحث في الإشعارات الشّهرية للجمعيّة الفلكيّة الملكيّة.
- ترجمة: روان نيوف
- تدقيق علمي ولغوي: الأيهم عبد الحميد
- المصادر: 1