استخدام التوتر لصالحك
لا يمر يوم دون أن نسمع عن التوتر: اختبارات التوتر، إدارة التوتر، وكيف أنه ربما سيكون السبب الأساسي لوفاتنا جميعًا. نتفاخر بكمية التوتر التي نواجهها، نشتكي منه، نحضر دروس اليوغا ونتأمل في محاولة للتخلص منه. أصبح التوتر محور اهتمامنا.
لكن ما سأقوله قد يبدو غير مألوف: ليس عليك القضاء على التوتر لتعيش حياة سعيدة ومرضية.
التوتر ليس عدوًا، بل حليفٌ إن أحسنت التعامل معه
تشير العديد من نماذج المساعدة الذاتية إلى أن الطريق إلى حياة مرضية يبدأ بالتخلص من الأفكار والمشاعر السلبية. ولكن من خلال عملي على مفهوم «المرونة العاطفية»، اكتشفت أن محاولات التخلص من التوتر قد تزيد من حدة المشكلة. بدلًا من محاربته، فمن الأفضل أن نتقبل قوته ونتعامل معه بذكاء، مثل ركوب موجة قد تكون عالية ولكنها تأخذنا إلى شاطئ أكثر أمانًا. بهذه الطريقة، يمكنك اتخاذ قرارات لا تُملى عليك من مشاعر التوتر.
فكر في التوتر كما لو كان محطة إذاعية مزعجة. لن تحاول تغطية صوتها بتشغيل موسيقى أخرى، أليس كذلك؟ بل ستغير التردد إلى محطة أخرى. وبالمثل، فإنومحاولة إخفاء التوتر بأفكار إيجابية أو تصرفات سطحية لا تؤدي غالبًا إلى حل المشكلة. وعندما نفشل في التخلص منه، نشعر بمزيد من القلق، وندخل في حلقة مفرغة من التوتر المستمر.
التوتر: سلاح تطوري بامتياز
عندما ننظر للتوتر من زاوية أوسع، نجد أنه أداة تطورية مذهلة. إنه استجابة تلقائية للخطر، آلية دفاعية تُشغّل في لحظات الطوارئ. عند مواجهة تهديد أو تحدٍ ما، تنشط استجابات التوتر في جسدك لتجعلك أكثر سرعة، أقوى في رد الفعل، وأكثر يقظة. التوتر هو أعظم سلاح لجسدك؛ كان سببًا في بقائنا على قيد الحياة عبر العصور، وحوّلنا من فريسة إلى صيادين.
لذا، لا يمكنك إلغاء استجابتك للتوتر مهما حاولت، ولا ينبغي عليك ذلك.
كيف تحول التوتر إلى قوة إيجابية؟
إذا لم يكن التخلص من التوتر ممكنًا، كيف يمكننا استخدامه لصالحنا؟ إليك ثلاث استراتيجيات فعالة:
1. غير منظورك تجاه التوتر
أظهرت أبحاث في علم النفس الصحي أن طريقة تفسيرنا لاستجابات أجسامنا للتوتر يمكن أن تحسن صحتنا البدنية. الأشخاص الذين يرون علامات التوتر، مثل تسارع نبضات القلب أو التعرق، كإشارات إيجابية تؤهلهم لمواجهة التحديات، يتمتعون بصحة أفضل وحياة أطول. لذا، بدلًا من الخوف من هذه الأعراض، اعتبرها تجهيزًا طبيعيًا من جسدك لتكون في أفضل حالاتك. عندما يبدأ قلبك بالخفقان بسرعة، اشكر جسدك لأنه يهيئك لمواجهة التحدي بثقة.
2. تحرر من الارتباط العاطفي
غالبًا ما نربط مشاعر التوتر بهويتنا، فنقول «أنا متوتر» كأنها صفة شخصية. ولكن في الحقيقة، التوتر هو استجابة جسمانية لشعور عابر مرتبط بظروف محددة. حاول أن تعيد صياغة ما تشعر به: بدلًا من «أنا متوتر»، قل: «أنا في موقف يتطلب تقديم عرض، وهذا يسبب شعورًا بالتوتر، وجسدي يستجيب بشكل طبيعي». عندما تفصل نفسك عن المشاعر بهذه الطريقة، تكتسب منظورًا أوسع يساعدك على التعامل مع الموقف بفاعلية.
3. كن فضوليًا حيال مشاعرك
لماذا تشعر بالتوتر؟ لفهمه والتعامل معه، عليك استكشاف أسبابه بفضول. ما الذي يثير توترك؟ هل هناك أشخاص أو مواقف محددة تؤججه؟ كيف تؤثر هذه المشاعر في سلوكك أو أفكارك؟ عندما تبدأ في التعرف على أنماط استجابتك للتوتر، ستجد أنك أكثر قدرة على التحكم فيه بدلًا من أن يتحكم هو فيك.
احتضن التوتر بدلًا من محاربته
على عكس الاعتقاد الشائع، قد لا يكون التخلص من التوتر ممكنًا أو حتى ضروريًا. بدلًا من ذلك، تعلم كيف تتقبل هذا الشعور وتستفيد منه. التوتر ليس عدوًا يجب القضاء عليه، بل أداة طبيعية تساعدك على البقاء، النجاح، والتفوق. اعتبره شريكًا في رحلتك، يهيئك لتقديم أفضل ما لديك عندما تحتاجه.
- ترجمة: كريستينا سليمان
- تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
- المصادر: 1