رقعة خلايا جذعية مبتكرة تساعد في استقرار قلب امرأة في انتظار عملية زرع قلب

أُبقيت امرأة تعاني من قصور في القلب على قيد الحياة لفترة كافية للخضوع لعملية زرع قلب، ويعود ذلك جزئيًا إلى تقنية ترقيع أنسجة القلب المشتقة من الخلايا الجذعية التي طُوّرت حديثًا.

أفاد علماء بأن امرأة تعاني من فشل في القلب تمكنت من البقاء على قيد الحياة بمساعدة تقنية الخلايا الجذعية الجديدة “المبتكرة”.

فقد تعرضت امرأة بالغة من العمر 46 عامًا لنوبة قلبية في عام 2016، ثم أصيبت بعد ذلك بقصور حاد في القلب، إذ لم يستطع القلب ضخ الدم بكفاءة كافية لتلبية احتياجات الجسم. وكانت المريضة تنتظر عملية زرع قلب عندما خضعت لعملية الخلايا الجذعية التجريبية كجزء من تجربة سريرية.

وقد أفاد بحث علمي نُشر يوم الأربعاء (29 كانون الثاني/يناير 2025) في مجلة Nature، أنه أثناء الجراحة، زُرِعَت رقعات صغيرة من خلايا عضلة القلب في قلب المرأة، التي زُرِعَت بدورها من الخلايا الجذعية في المختبر. وقد حافظت هذه الرقعات العشر، التي تتكون كل منها من نحو 400 مليون خلية قلبية، على استقرار المرأة حتى تتمكن من إجراء عملية زرع قلب بعد ثلاثة أشهر.

قال الدكتور إنجو كوتشكا، جراح القلب في المركز الطبي الجامعي في جوتنجن بألمانيا، والمشارك في الدراسة، في مؤتمر صحفي، حسبما ذكرت مجلة Nature News: «لقد أصبح لدينا الآن، ولأول مرة، عملية زرع بيولوجية أُقيمت في المختبر، لديها القدرة على تثبيت وتقوية عضلة القلب».

على عكس العديد من أنواع الخلايا الأخرى، مثل خلايا الجلد، لا تستطيع خلايا عضلة القلب النمو مجددًا أو إصلاح نفسها بسهولة إذا تعرضت للتلف بسبب الإصابة مثل التعرّض لنوبة قلبية. إذ يمكن أن يؤدي مثل هذا الضرر إلى قصور في القلب، الذي يؤثر على ما يقارب من 6.7 مليون بالغ تتراوح أعمارهم بين 20 عامًا وما فوق في الولايات المتحدة، وذلك وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC). ووفقًا لتقاريره عام 2022، أُدرِج قصور القلب كسبب مساهم أو أساسي للوفاة في أكثر من 450 ألف شهادة وفاة في الولايات المتحدة.

يموت أكثر من نصف الأفراد الذين يعانون من قصور القلب الشديد في غضون عام ما لم يتلقوا عملية زرع قلب، ولكن وفقًا لما ذكرته مجلة Nature News، هناك قلوب محدودة متاحة من المتبرعين.

ولإكمال عمليات زرع القلب المحدودة هذه، أجرى العلماء تجارب على زرع خلايا عضلة القلب بدلًا من ذلك. وفي بحث علمي جديد نُشِرَ في مجلة Nature، وصف الباحثون طريقةً لتنمية أنسجة القلب من الخلايا الجذعية المعروفة باسم الخلايا الجذعية متعددة القدرات المستحثة (iPSCs). إذ يُنشئ العلماء هذه الخلايا الجذعية من خلال جمع الخلايا البالغة الطبيعية ثم إعادة برمجتها مرة أخرى لتصبح في حالة “متعددة القدرات”، والتي يمكن أن تتطور إلى أي نوع من الخلايا في الجسم تقريبًا.

وقد ساعد العلماء هذه الخلايا الجذعية المحفّزة متعددة القدرات على التطور إلى خلايا عضلة القلب والنسيج الضام في المختبر، ثم خلط الباحثون النسيج الناتج بالكولاجين لإنشاء رقعات صغيرة يمكن زراعتها على سطح القلب.

قال الدكتور جياني تشانغ، خبير الهندسة الحيوية للخلايا الجذعية المحفزة متعددة القدرات في جامعة ألاباما في برمنغهام، والذي لم يشارك في هذه الدراسة، لمجلة Nature: «تقع الزرعة خارج القلب بشكل أساسي. ويُعدّ ذلك سابقة علمية وإنجاز كبير».

اختبر العلماء أولًا رقعات مماثلة على قرود المكاك الريسوسي (Macaca mulatta) المصابة بقصور في القلب، وزُرِعت الرقعات التي اختُبِرَت على القرود باستخدام خلاياها الجذعية. وبعد ستة أشهر، نمت جدران قلب العديد منها بشكل أكثر سماكةً إذ أصبح بإمكانها ضخ ما يصل إلى 10% من الدم لكل نبضة قلب مقارنةً بمجموعة من القرود غير المعالجة.

أثناء إجراء الرقعات، أُعطِيت جميع القرود أدوية مثبطة للمناعة، لمنع أنظمتها المناعية من رفض هذه الزرعات. بالإضافة إلى ذلك، لم يُصب أي من القرود بأورام أو ضربات قلب غير منتظمة، وهي المشكلة التي كانت موجودة في دراسات مماثلة أُجريت في الماضي.

لقد سمح نجاح تجربة القرود بإجراء التجربة على متطوعين من البشر، وكانت أحدهم تلك المرأة البالغة من العمر 46 عامًا. وبعد خضوعها لعملية زرع قلب، فحص الباحثون قلبها القديم ورأوا أن الرقعات المزروعة نمت بها أوعية دموية صغيرة، الأمر الذي يشير إلى أنها كانت تتلقى الدم والأوكسجين من الجسم.

قال ولفرام هوبرتوس زيمرمان، أحد مؤلفي الدراسة وعالم الأدوية في المركز الطبي الجامعي في جوتنجن، في المؤتمر الصحفي: «من الواضح الآن أنه يمكننا إضافة عضلات إلى القلب المريض، وأننا نستطيع القيام بذلك دون مخاوف تتعلق بالسلامة».

إن الأمل النهائي هو أن يساعد هذا النهج الأفراد على البقاء على قيد الحياة لفترة كافية لتلقي قلب من متبرع ما، وليس اعتباره كبديل كامل لعمليات زرع الأعضاء.

في تجربة جارية، زرع العلماء حتى الآن الرقعات في 15 فردًا آخرين. كما يجرون التجربة على المزيد من قرود المكاك لإيجاد طريقة لتقليل استخدام الأدوية المثبطة للمناعة، والتي تساعد في منع الرفض ولكنها يمكن أن تجعل المريض عرضةً للإصابة بالعدوى ومشاكل صحية أخرى.

  • ترجمة: رهف الأمير أحمد
  • تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
  • المصادر: 1