كشف أسرار الذّكاء الاصطناعيّ: التعلّم الآلي والشّبكات العصبيّة العميقة

اكتشف قدرات التعلّم الآلي والشّبكات العصبيّة العميقة في هذا المقال الوجيه.

مقدّمة في الذّكاء الاصطناعيّ

إنّ الذّكاء الاصطناعيّ أحد مجالات علوم الحاسوب، الذي يركّز على بناء آلاتٍ ذكيّة قادرة على أداء مهامٍ تتطلّب عادةً في إنجازها الذكاء البشريّ.

تتضمّن هذه المهام التعرّف التّلقائيّ على الكلام، اتّخاذ القرار، تقديم الحلول وغيرها الكثير.

حقّق الذكاء الاصطناعي تقدماً ملحوظاً في السنوات الأخيرة بفضل التطوّر في خوارزميّات التعلّم الآلي والشبكات العصبية العميقة.

مفهوم التعلّم الآلي

يشكّلُ التعلّم الآلي مجموعةً فرعيّة من الذّكاء الاصطناعي، يمكّن الحواسيب من التعلّم والتطوّر من التّجارب دون برمجتها بشكل مسبق.

يتضمّن تطوير الخوارزميّات التي تحلّل وتفسّر كمّيات هائلة من البيانات لتحديد أنماطٍ وصنع توقّعاتٍ محدّدة وقرارات.

هنالك ثلاثة أنواع رئيسيّة من التعلّم الآلي: التعلّم المُراقَب، التعلّم غير المُراقب والتعلّم المعزّز.

التعلّم المُراقب

يرتبط مفهوم التعلّم المُراقَب بتدريب نموذجٍ باستعمال بيانات مصنّفة، حيث تكون البيانات المُدخلة والمُخرجة معروفة.

يتعلّم النّموذج تحويل المُدخَلات إلى مُخرَجات من خلال تحديد الأنماط الموجودة في البيانات.

يُستخدم ذلك في مهامٍ عديدة مثل تصنيف الصّور، تحليل الآراء، وفلترة البريد العشوائي.

التعلّم غير المُراقَب

يُستعمل عندما تكون البيانات المُدخَلة غير مصنّفة. يتعلّم النموذج إيجاد نمط أو هيكليّة ضمن البيانات دون مُخرَجات محدّدة سابقاً.

من الأمثلة عليها التّحليل العنقودي وتقليل الأبعاد. تُستخدم غالباً في تجزئة المستهلكين، كشف الشّذوذ وأنظمة التّوصية.

التعلّم المُعزّز

يتضمّن التعلّم المُعزّز تدريب أداةٍ للتفاعل مع بيئةٍ ما والتعلّم من المراجعات.

يُستخدم هذا النّوع من التعلّم الآلي في الألعاب، علم الرّوبوتات، والأنظمة المستقلّة.

اكتشاف الشّبكات العصبيّة العميقة

إن الشّبكات العصبيّة العميقة والتي تُعرف أيضاً بالتعلّم العميق، هي المكوّن الأساسي لأنظمة الذكاء الاصطناعيّ الحديثة.

اُستلهمت من بنية ووظيفة الدّماغ البشريّ، وتتكوّن من طبقات متداخلة من العصبونات الاصطناعية تُدعى العقد.

يمكن لبنية التعلّم العميق أن تتعلّم تلقائياً استعراض البيانات من خلال عملية تدعى استخلاص الميزات feature extraction.

أساسيّات الشّبكة العصبيّة الاصطناعيّة

تتكون الشّبكة العصبيّة الاصطناعيّة من ثلاث طبقاتٍ، طبقة داخليّة- طبقة مخفيّة- طبقة خارجيّة.

تتضمن كلّ طبقة عقد مختلفة أو عصبونات تقوم بعمليّات رياضيّة على البيانات المدخلة.

تتضمن هذه العمليات وصلات مرجّحة وتوابع تفعيل التي بدورها تعطي الميزة اللاخطية للشّبكة.

بنية التعلّم العميق

تتميّز بنية التعلّم العميق بامتلاكها طبقات مخفيّة متعدّدة تسمح للشّبكة بتعلّم كيفية الاستعراض المتسلسل للبيانات.

هذا العمق يمكّن الشبكة من استخلاص الميّزات المُتشابكة وتخزين النّماذج المعقّدة.

تتضمّن بنى التعلّم العميق السّائدة الشّبكات العصبيّة الالتفافيّة CNNsلمعالجة الصور والشّبكات العصبيّة المُتكرّرة RNNsللبيانات المُتسلسلة.

تدريب الشبكات العصبية العميقة

يتضمّن تدريب الشبكات العصبيّة العميقة إمدادها ببيانات مصنّفة وتعديل القيم المُدخلة للشبكة (التي تُعرف بالتأثيرات والانحيازات)، لأجل تقليص الاختلافات بين النّتائج المتوقّعة والحقيقة الواقعية.

تُجرى عملية التّحسين باستخدام خوارزميّات التّحسين التدريجية مثل الانحدار المتدرّج العشوائيّ SGD أو متغيّراته.

تطبيقات الذكاء الاصطناعي، التعلم الآلي والشبكات العصبية العميقة.

إنّ لكلٍّ من الذّكاء الاصطناعيّ، التّعلم الآليّ والشّبكات العصبيّة العميقة تطبيقات في مجالات متنوّعة، ومن الأمثلة على ذلك:

التعرّف على الصور والرّؤية الحاسوبيّة

يمكن للأنظمة المطوّرة بالاعتماد على الذكاء الاصطناعيّ أن تقوم بتحليل الصّور وتمييز الأشياء، الوجوه والمشاهد بدقّة.

تُستعمل هذه التقنيّة في أنظمة التعرّف إلى الوجوه، السّيارات ذات القيادة الذاتية، المراقبة الأمنية، والتصوير الطبّي.

معالجة اللغة الطبيعية NLP

وهي تركّز في تمكين الحواسيب من فهم، تفسير وتوليد اللّغة البشرية.

وتُستخدم هذه التقنيّة في مجال المساعدين الافتراضيّين، التّرجمة، تحليل الآراء والدّردشة الآلية.

مركبات القيادة الذاتيّة

يستفيد مجال صناعة المركبات من الذّكاء الاصطناعيّ والتعلّم الآليّ لتطوير سيّارات بقيادة ذاتية تتمكّن من استشعار البيئة المحيطة، صنع القرارات والتوجيه بأمان.

الرّعاية الطبيّة

يُجري الذكاء الاصطناعي نقلةً نوعيّة في مجال الرّعاية الطبية من خلال المساعدة في تشخيص الأمراض، اكتشاف الأدوية، الطب الشّخصي ومراقبة المرضى.

تحلّل النّماذج الآليّة البيانات الطبية لتخمين الأمراض، العلاج المطلوب، وتحسين حالة المريض.

التحدّيات والعقبات أمام الذكاء الاصطناعي

في حين أنّ الذّكاء الاصطناعي يحقّق تقدماً ملحوظاً، إلا أنه يواجه العديد من العقبات والتحدّيات، سنعرض بعضاً منها:

· انحياز البيانات: تعتمد نماذج التعلم الآلي بشكلٍ كبيرٍ على نوعيّة ونموذجيّة البيانات التّدريبية. قد ينجم عن البيانات المُنحازة توقّعات مُنحازة وتعزيز التّفاوتات المجتمعيّة.

· إمكانيّة التّفسير: تعمل الشّبكات العصبيّة العميقة أحياناً كالصّندوق الأسود، فيكون من الصّعب فهم كيف لها أن تصل إلى قرارات معيّنة. إن عدم القدرة على تفسير ذلك يثير مخاوفاً حول الثّقة والمساءلة.

· الأخلاق والخصوصيّة: يثير الذّكاء الاصطناعيّ مخاوف أخلاقيّة حول الخصوصيّة، الأمان وسوء الاستخدام المُحتمل للبيانات الشخصيّة. من الضّروري تحقيق التوازن بين الابتكار والاستخدام المسؤول.

مستقبل الذكاء الاصطناعي

إنّ الذّكاء الاصطناعيّ في طريقه المستمرّ للتطوّر بسرعةٍ واعداً بمستقبلٍ مليءٍ بتطبيقاته المُبتكرة.

يشمل مستقبل الذّكاء الاصطناعيّ التّطوّرات في مجال التّعلم العميق، التّعلّم المُعزَّز، معالجة اللّغة الطبيعية والذّكاء الاصطناعي القابل للتّفسير.

من المتوقّع أن يُحدث الذكاء الاصطناعي مع استمرار الأبحاث والتطوّر ثورةً في الصّناعات، وأن يحسّن الجودة وحياة البشر.

الخُلاصة

إن الذّكاء الاصطناعي المطوَّر عبر التّعلم الآلي والشّبكات العصبيّة العميقة، يكشفُ أسرار الآلات الذكيّة.

حيث أنّ القدرة على التّعلم من البيانات وصنع توقّعات دقيقة قد قلبت موازين صناعاتٍ عديدةٍ وأحدثَت نقلةً نوعيّة في طريقة تفاعلنا مع التّكنولوجيا.

باستمرار تقدّم الذكاء الاصطناعي من الضّروري معرفة التّحديات والعقبات لتحقيق تطوّر مسؤول وأخلاقيّ.

  • ترجمة: نور علي عثمان
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1