لا تحتوي العيون الزرقاء على صباغ أزرق، إذًا لماذا هي زرقاء؟

اللون الأزرق ليس شائعًا في الطبيعة، بغضّ النظر عن ريشة طائرٍ مثلًا، أو بعض بتلات الأزهار، أو ربما سلطعون أزرق نادر للغاية، من النادر أن ترى أمثلة على اللون الأزرق في الطبيعة. لذا، قد يبدو الأمر غريبًا بعض الشيء أن يملك بعض الناس عيونًا زرقاء.

في الحقيقة، لا تحتوي العيون الزرقاء على صباغ أزرق على الإطلاق. يعود لونها إلى ما يسمى بأثر تيندل، ظاهرة مشابهة للأثر الذي يجعل السماء تبدو زرقاء.

القزحية وهي الحلقة الملونة في العين، مكونة من طبقتين من الخلايا: السدى stroma ومن تحتها الظهارة epithelium.

في العيون الزرقاء، يكون السدى طبقة شفافة لا تحوي على أي صباغ بسبب طفرة جينية. عندما يخترقها الضوء الأبيض المرئي، فإنها تبعثر الأمواج الضوئية. يُبعثَر اللون الأزرق أكثر من بقية الألوان لأنه يسير كموجات أقصر، ما يؤدي إلى انعكاس اللون الأزرق بسهولة أكبر ويجعله مرئيًا أكثر. وهذا السبب أيضًا في أن ّنفس العينين الزرقاوين يمكن أن تبدو أكثر حيوية في بعض الأوقات من غيرها، حيث يعتمد لونها على نوعية الضوء الموجود في الغرفة.

أما السدى في العيون البنية فيحتوي على مستوى عالٍ من الميلانين، وهو صباغ بني وأسود، أي ببساطة ينعكس عنه لون بني. بالنسبة للعيون الرمادية، فهي ظاهرة شبيهة بالعيون الزرقاء ما عدا أن السدى فيها يحتوي على كولاجين أكثر. وهذا يجعل الطبقة أقل شفافية ويخمد أثر اللون الأزرق.

أما العيون الخضراء، لا زال يحدث أثر تيندل هنا. ولكن السدى يحتوي على تراكيز قليلة من الميلانين، وهذه يجعل انعكاس اللون الأزرق يبدو كلون أغمق وأكثر خضرة.

عندما تنظر إلى السماء في يوم صافٍ، تبدو أيضًا كأنها زرقاء بسبب تبعثر الضوء، وليس بسبب احتواء السماء على جزيئات مصبوغة باللون الأزرق. يعرف هذا الأثر ب تبعثر رايلايه Rayleigh scattering. مع أنه أثر مشابه بشكل كبير لأثر تندل، لكنه يختلف عنه لأن ّالجزيئات المبعثرة للضوء أصغر بكثير من الأطوال الموجية للضوء.

بالعودة إلى العيون الزرقاء، هذا ما سماه العلماء بالتلوين البنيوي، والذي يختلف عن التلوين الصباغي. في الحقيقة، في كثير من الحالات عندما ترى اللون الأزرق في العالم الطبيعي، يكون مجرد تلوين بنيوي. العديد من الطيور الزرقاء، كالببغاء ذي اللونين الأصفر والأزرق، لا تملك في الواقع ريشًا أزرق. يظهر لنا اللون باعتباره أزرق بسبب قنوات نانوية في بنية ريشها والتي تعدّل من خصائصها العاكسة للضوء. حتى أننا نرى بعض الثمار زرقاء بفضل هذه الحيلة.

  • ترجمة: لبنى عبيد
  • تدقيق علمي ولغوي: حلا سليمان
  • المصادر: 1