قد تزيد نسبة تزاوج الناس من أقاربهم أكثر من قبل

تشارلز داروين هو مجرد مثال لأحد المشاهير الذين تزوجوا من أبناء عمومتهم. يعد هذا الأمر مدهشًا للغاية لندرته في عصور ما قبل التاريخ والسنوات الأولى من الزراعة. ولكن في وقتنا الحالي تَعتَبر العديد من المجتمعات هذا الأمر صادمًا ولكنه يضل شائعًا في مجتمعات أخرى.

ربما تكون المواعدة عبر الإنترنت قد فتحت بابًا مختلفًا للزواج إلى حد غير مسبوق ولكن في جميع أنحاء العالم هناك واحدة من كل 10 زيجات بين الأقارب من الدرجة الأولى والثانية. هذا النوع من الزواج ينطوي عليه خطر كبير بسبب زواج الأقارب ولكن قد يُعتقد أن البشرية معتادة على ما هو أسوأ بكثير. ومع ذلك، من المدهش أن دراسة الحمض النووي البشري في عصور ما قبل التاريخ تشير إلى أن الزواج من أبناء العمومة المقربين كان أكثر ندرة مما هو عليه اليوم.

يشكل زواج الأقارب تهديدًا لنجاح الأنواع لدرجة أن العديد من الحيوانات تبذل قصارى جهدها لتجنبه. تُعد الفيلة واحدة من العديد من الأنواع التي تطرد الذكور الصغار من القطيع حتى لا يتزاوجوا مع أخواتهم أو أبناء عمومتهم. وتذهب إناث النمس إلى الحرب حتى يتمكنوا من مقابلة شركاء ليسوا على صلة بهم.

في حين أن قلة من الناس سافروا أكثر من يوم سيرًا على الأقدام من قُراهم لغرض الزواج فلا عجب أن يتزاوج الناس غالبًا من أقاربهم المقربين لأنهم هم كل من التقوا بهم. من البديهي أن نعود إلى وقت ما قبل النقل الحديث أو حتى الخيول، إذ يُعتقد أن أسلافنا أنجبوا أطفالًا من نفس أعضاء المجموعات الصغيرة التي عاشوا فيها. وهي بالتأكيد نفس الطريقة الخيالية التي مثلت العصر الحجري في Clan of the Cave Bear (عشيرة دب الكهف). ومع ذلك، كشفت دراسة جديدة في Nature Communications عكس ذلك تمامًا.

من خلال غربلة بيانات 1785 شخصًا يعود تاريخها إلى 45000 إلى بضع مئات من السنين، 53 فقط بنسبة (3%) لديهم حمض نووي يشير إلى أن والديهم كانوا أبناء عمومة، في حين أن أحدها كان نتيجة سفاح المحارم بين الأخ والأخت أو الآباء والأبناء. انتشر 53 شخصًا بشكل عشوائي عبر التاريخ والقارات المأهولة بالسكان بدلًا من التمركز في حقبة زمنية معينة باستثناء ثلاثة من أصل 11 شخصًا من العصر الحديدي الجمهوري في روما.

كيف تمكن أسلافنا من فعل هذا هو الغموض بحد ذاته، ربما امتدت ممارسات سفاح المحارم إلى أبناء العمومة أو ربما كانت المهرجانات تجمع الناس البعيدين معًا وتعمل كنوع من أنواع تطبيقات المواعدة (التيندر) البدائي.

تشير الورقة البحثية أيضًا إلى أن: «الآباء يمكن أن يكونوا أكثر ارتباطًا ببعضهم البعض غالبًا من خلال العديد من الروابط العميقة في نسبهم كنتيجة مشتركة لصغر حجم السكان أو نتيجة لتأثيرات المؤسسين في المجموعات المترابطة».

يُعرف هذا باسم «الارتباط الخلفي»، وقد حقق المؤلفون فيه أيضًا. على مدار معظم التاريخ البشري وجدوا أن العلاقة الخلفية كانت كبيرة لكنها انخفضت بشكل كبير مع اعتماد الزراعة مما أدى إلى زيادة الكثافة السكانية.

من ناحية أخرى لم يستغل الجميع بركة التزاوج الأكبر كما يتضح من تزاوج الفراعنة المصريين المتكرر من أشقائهم. وعلى الرغم من نظرة ازدراء العائلات الملكية الأوروبية لهذه العلاقة إلا ان هذه العلاقة كانت كبيرة لدرجة أن الأمراض الوراثية أصبحت شائعة في حينه.

كان البحث ممكنًا لأن الأشخاص الذين لديهم آباء مرتبطون للغاية لديهم امتدادات من الحمض النووي مع اختلاف جيني ضئيل وتسمى «عمليات تجانس الزيجوسيتيل» أو ROH.

كتب المؤلفون: «كلما كانت علاقة الأنساب بين الوالدين أحدث، زاد تواتر وطول فترة ROH الناتجة».

  • ترجمة: أحلام العبسي
  • تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
  • المصادر: 1