اللفتات الصغيرة توثّق العلاقة بثلاث طرق
يقولون: إنها الأمور البسيطة. ولذلك سنبيّن كيف لهذه اللفتات أن تعزّز علاقة الحب.
لا يتعلق الحب في كل الأوقات بالمبادرات الكبرى، إذ يمكن أن يتمثل بنظرة متبادلة بينك وبين نصفك الآخر في يوم طلبك للزواج، وتستطيع حينها معرفة قبوله للخاتم، ولكيانك كله من أعماق قلبه.
إن لحظات التواصل الثمينة هذه، والتي باستطاعتها خلق روابط أبدية، لها دور الحفاظ على العلاقة أو تدميرها. فلا يحتاج الموضوع لسنة أو عشر لاتخاذ قرار حيال ما هو مهمّ ومؤثر في حياتك، لنقل مثلًا: أحب هذا الفلان بكل ما فيّ من روح. إذ تحدث هكذا قرارات في لحظة صغيرة، ولكنها تبقى ثابتة وقوية لزمن طويل.
ما المقصود باللفتات الصغيرة؟
تُعرف اللفتات الصغيرة بكونها تعاملات قصيرة ذات مغزى وقيمة تخلق بدورها اتصالًا عاطفيًا قويًا بين الناس. وغالبًا ما تحدث بصورة عفوية ولها القدرة على التأثير بصورة عميقة في قوة ونوعية العلاقة، وتتصف هذه اللفتات أيضًا بقدرتها على تأجيج مشاعر عميقة وتمتين الروابط من خلال مبادرات بسيطة، أو كلمات أو تصرفات قد تبدو ضئيلة الأهمية لوحدها، ولكن تأثيرها عميق وقت حدوثها.
الأخصائية النفسية الشهيرة باربرا فريدريكسون من جامعة ولاية كارولينا الشمالية والمعروفة بأبحاثها الرائدة في العواطف الإيجابية، تعيد تعريف الحب في كتابها الحب 2.0 (Love 2.0) وتقول: «إنه الطريقة التي تؤثر فيها عواطفنا العُليا على كل مشاعرنا وأفكارنا وأفعالنا وشخصيتنا».
وتقدم في بحثها أدلة علمية لتبين أن الحب ليس عاطفة دائمة الوجود وطويلة الأمد بإمكانها الحفاظ على الزواج ودعمه، أو بكونه الشغف الشديد لحب يافع، أو حتى علاقة متأصلة في القرابة. بل تصف باربرا الحب بأنه لحظة قصيرة من رنين الإيجابية. إنه ارتباط عابر وعميق وفيه موجة من المشاعر الإيجابية المُتَشَارَكة مع الطرف الآخر في الوقت نفسه.
وبإمكان هذه اللفتات، في حال حدوثها عن عمد، أن تشكل مخزونًا من الذكريات الإيجابية التي تمتّن الارتباط العاطفي وصموده ضمن العلاقة.
إليك الآن ثلاثة أشكال من اللفتات الصغيرة التي يمكنك خلقها في كل يوم لتوجِد أساسًا صلبًا لعلاقتكم.
1- لفتات يمكنها تعزيز الحب
إن واحدة من أقوى اللفتات لأي علاقة هي المبادرة الودية التي تظهر محبتك الأبدية لشريكك. يمكن لذلك أن يكون أمرًا بسيطًا، كأن تشتري له وجبته المفضلة بعد قضاء يوم عصيب، أو تكتب رسالة مؤثرة صادقة. يمكن لهذه التصرفات اللطيفة أن تظهر المودة الشديدة والالتزام بالعلاقة، مما يعزز الرابطة العاطفية، ويبيّن تقديرك واهتمامك بالشخص الآخر.
كتبت إحدى مستخدمات منصة ريديت Reddit التالي: «يعرفني شريكي حق المعرفة. فعلى سبيل المثال، كنا اليوم في متجر للفنون، وقد أراني لوحة مرسومة بألوان مائية من علامة تجارية غالية الثمن، والتي أفضّل شراءها بسعر رخيص. كانت هذه القطعة معروضة للبيع بسعر مخفّض نظرًا لكونها مستعملة بعض الشيء. لقد عرف شريكي بأني أحببت هذه القطعة، وكذلك علم برغبتي في شرائها وكان سعيدًا عندما حصلت عليها».
هذه المبادرات الصغيرة التي تدفعك للحماس لشراء شيء ما لشريكك وانت تعرف أن هذا سيسعده، هذا ما يبين قدر اهتمامك به وبالعلاقة التي تجمع بينكما. وهذا يعبر عن الوحدة كما لو أنك تقول: “أنت وحدك ملكي.” تعيد هذه المناسبات واللفتات القليلة تعزيز الحب وتقوي علاقتك بشريكك.
وهنا مستخدمة أخرى لمنصة ريديت تشارك إحدى هذه اللفتات الصغيرة التي تسببت بوقوعهم في الحب: «عندما اقتنى لي قلادة ذات رمز الفراشة، قد كنا معًا منذ الصف الثامن، ولكننا نشأنا فقيرين، وكان يعمل في بيع الوجبات خلال فترة المدرسة، وظننت السبب في ذلك ادخار المال للدراسة الجامعية. ثم أتى عيد الفصح، ولم أدرك ما الذي حصل إلا أنه ألبسني القلادة وهمس بأذني “أحبك”. الآن مازلت أملك القلادة، وأحيانًا أرتديها لهذا اليوم».
إن هذه الذكريات هي التي تجدد إيمانك بالعلاقة في الأوقات العصيبة، فهي تساعدك في الصمود خلال الأيام العاصفة المليئة بالأبواب المغلقة والمراسلات المحظورة.
2- خلق لفتات صغيرة لتقوية الصداقة
تكون العلاقة بحال أفضل عند اعتبار الشريك على أنه صديق أيضًا، وتؤكد الحظات المعبرة عن الصداقة حاجتك لتكون شخصًا مُقَدَّرًا ومفهومًا بحق.
إنه لشيء مريح وجود الفرد الذي يفهم شعورك مهما كان. فهذه التعاملات البسيطة، والملحوظة أيضًا، كنظرة تبين التفهم، أو ضحكة تشاركتماها، أو مبادرة داعمة للآخر، تقوي الرابطة بينكما وتخلق إحساسًا عميقًا بالارتباط والأمان.
«أحب مناداته لي، وهو متحمس قائلًا: علمت بأن الفرقة الموسيقية أو الكوميدي الفلاني سيقوم بجولة، أتريدين أن أحجز التذاكر؟ لقد قام بهذا الأمر بضعة مرات بالفعل. وهو يعرف عند مروري بيوم سيء، أننا سنحتاج للخروج لتناول الطعام واحتساء المشروبات فيما بعد. وكذلك يعلم متى لا أرغب بذلك. من الواضح جدًا حبه لي، فهو يستطيع تفهمي ويريد تجربة الأمور التي تعجبني». هذا ما شاركته مستخدمة ريديت أخرى في منشورها، مشيرة لهذه اللفتات الصغيرة من شريكها، التي تمنحها الشعور بأن هناك من يفهمها، ويحبها.
3- لفتات بسيطة بهدف الشعور بالأمان
من المهم جدًا تأكيد الحاجة للشعور بالسلامة والأمان في العلاقة. وتتمثّل بعض هذه اللحظات العميقة ببلوغ الاعتمادية، بإدراكك أنك بأمان بصحبة هذا الشخص، فوجود من بإمكانك الاعتماد عليه مهما حصل يوفر شعورًا كبيرًا بالراحة والاستقرار. إذ يبني هذا الدعم المستمر الثقة والأمان، مما يجعل العلاقة صامدة أمام صعوبات الحياة.
ويقول مستخدم ريديت آخر: «لا يمكنني ان اقول الكثير، ولكننا، أنا وشريكتي، قد مررنا بالكثير من الصدمات، والتواصل العيني هو مفهوم صعب بيننا. قد نستلقي جنبًا إلى جنب ونحن نشاهد مقاطع التيكتوك أو نتحدث عن أصدقائنا، أو عن الأشياء البسيطة التي بمقدورها إسعادنا، وفي لحظة نتوقف في خضم الحديث ينظر كل منا لعيني الآخر، آخذين أعمق الأنفاس وراسمين أكبر الابتسامات. إني أعتقد أن هذه اللحظات القليلة تؤكد لي أنها تحبني وأنها تستمع إلي، وهذا ما يشعرني بالأمان».
إنه لشعور ثمين عند معرفتك أن نصفك الآخر يمكنه الاعتماد عليك في أوقات الحاجة ويمنحك نوعًا من الطمأنينة التي كنت تفتقدها طيلة حياتك. ومع أنها ضئيلة عند النظر إليها بصورة موضوعي، إلا أنها مشابهة لقطرات الماء التي تتجمع فيما بعد مشكلة المحيطات. فإن أردت أن تكون علاقتك مليئة بالمرح والحب والعاطفة، عليك أن تبدأ بتجميع هذه اللفتات البسيطة المليئة بالحب والحنان.
- ترجمة: حسن شاهين
- تدقيق علمي ولغوي: فريال حنا
- المصادر: 1