
الاستخدام المتكرر لوسائل التواصل الاجتماعي مرتبط بزيادة مستويات التوتر الانفعالي
كشفت دراسة قادها باحثون من مركز الصحة الكمية بمستشفى ماساتشوستس العام وكلية الطب بجامعة هارفارد عن وجود صلة بين الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي ومستويات مرتفعة من التوتر الانفعالي بين البالغين في الولايات المتحدة، خاصة بين المستخدمين النشطين الذين ينشرون بشكل متكرر.
ومع أن الدراسات السابقة التي تناولت العلاقة بين وسائل التواصل الاجتماعي والصحة النفسية ركزت أساسًا على أعراض الاكتئاب، فقد استكشف القليل منها تأثيرها على المشاعر السلبية الأخرى مثل التوتر الانفعالي. ويُعرّف التوتر الانفعالي بأنه ميل نحو الشعور بالغضب والإحباط في مواجهة المواقف اليومية، وهو عامل مرتبط بتدهور الصحة النفسية، وضعف الأداء الوظيفي، وحتى النزعات الانتحارية.
وقد سلطت الدراسة الجديدة الضوء على مدى ارتباط التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي بزيادة مستويات التوتر الانفعالي، وتأثير ذلك على اضطرابات الاكتئاب والقلق، وهي أبعاد بقيت غير مفهومة تمامًا في الأبحاث السابقة.
نشرت الدراسة بعنوان «التوتر الانفعالي واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لدى البالغين في الولايات المتحدة» في دورية JAMA Network Open، واعتمدت على بيانات من مشروع COVID States، وهو مسح وطني شمل 42,597 مشاركًا أُجري عبر الإنترنت بين 2 نوفمبر 2023 و8 يناير 2024.
اعتمد الباحثون على نموذج الانحدار الخطي لتحليل العلاقة بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومستويات التوتر الانفعالي، مستندين إلى بيانات ديموغرافية ومقياس التوتر الانفعالي المختصر (BITe)، والذي يتألف من خمسة أسئلة تقيم أعراض التوتر خلال الأسبوعين السابقين. ويُشار إلى أن الدرجات الأعلى تعكس مستويات أعلى من التوتر الانفعالي، مع الأخذ في الاعتبار أيضًا مؤشرات القلق والاكتئاب لتفادي أي تداخل في الأعراض النفسية.
وصُنف استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وفقًا للاستخدام المتكرر: من «عدم الاستخدام أبدًا» إلى «الاستخدام معظم اليوم». وشملت المنصات محل الدراسة: فيسبوك، إنستغرام، تيك توك، وتويتر (منصة إكس حاليًا). كما حُلّل تأثير التفاعل النشط عبر النشر المتكرر والانخراط في المحتوى السياسي.
بلغ متوسط أعمار المشاركين 46 عامًا، وكان 58.5% منهم نساء، و40.4% رجال، و1.1% من المثليين. وأظهرت البيانات أن 78.2% من المشاركين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي يوميًا. ووجد الباحثون أن الاستخدام المتكرر لوسائل التواصل الاجتماعي ارتبط بمستويات أعلى من التوتر الانفعالي، حتى بعد تعديل النتائج لأخذ أعراض القلق والاكتئاب بعين الاعتبار.
فعلى سبيل المثال، سجل المستخدمون الذين يقضون معظم يومهم على وسائل التواصل الاجتماعي درجات أعلى بمقدار 3.37 نقطة على مقياس BITe قبل التعديلات، وبزيادة بلغت 1.55 نقطة بعد التعديلات.
أما على مستوى المنصات، فقد أظهرت الدراسة علاقة مباشرة بين تكرار النشر وزيادة مستويات التوتر الانفعالي، حيث سجل المستخدمون الذين ينشرون عدة مرات يوميًا أعلى مستويات التوتر. وبرز تيك توك كأعلى المنصات تأثيرًا، حيث أظهرت بياناته زيادة بلغت 1.94 نقطة.
كما اتضح أن الانخراط في المحتوى السياسي – سواء من خلال نشر آراء سياسية أو متابعة الأخبار – ساهم في زيادة التوتر الانفعالي، إلا أن متابعة الأخبار السياسية بصورة أقل دقة ارتبط بانخفاض طفيف في هذه المستويات.
خلصت الدراسة إلى أن ارتفاع مستويات التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة النشر المتكرر، يرتبط بزيادة التوتر الانفعالي لدى البالغين. ومع أن الدراسة لم تستطع إثبات علاقة سببية مباشرة، إلا أنها تشير إلى احتمال وجود حلقة مفرغة تجعل التوتر سببًا ونتيجة في الوقت ذاته، مما يدفع المستخدمين إلى الانخراط المفرط ويزيد من حدة استجابتهم الانفعالية.
وأكد الباحثون الحاجة إلى دراسات إضافية لفهم الآليات الكامنة وراء هذه الظاهرة وتأثيراتها على الصحة العامة، بالإضافة إلى تطوير استراتيجيات تدخل فعّالة للتخفيف من حدة هذه العلاقة.
- ترجمة: أحمد العاني
- تدقيق علمي ولغوي: فريال حنا
- المصادر: 1