شفاءٌ مذهل من الإيدز والسّرطان لرجلٍ من كالفيورنيا

يتصدّر السرطان والإيدز قائمة الأمراض الأسوأ، و’بول إيدموندز’ من كالفيورنيا أصيب بكليهما.

شُفي المصاب من كلا المرضين بعد تلقّيه علاجًا معينًا منذ خمس سنوات، وأصبح الآن في حالة هجوع (remission) من إصابته بالسرطان النّقويّ الحاد وخلال عامين آخرين سيتخلّص من إصابته بالإيدز وسيكون قد أتمّ خمس سنوات منذ آخر علاج تلقّاه.

وللاحتفال نشر الفريق الطبّي المسؤول عن هذا العلاج المُذهل رسالةً وصف فيها هذه الحالة في مجلّة NEW England الطبيّة.

يُعرف العلاج المسؤول عن حالة الهجوع بزرع الخلية الجذعيّة أو بلغةٍ طبية: (الزرع الخيفيّ للخليّة المكوّنة للدم).

وهو الجزء الأخير من علاج سرطانات الدّم، مثل: ابيضاض الدم والورم النقويّ واللمفوما، حيث تتخرّب الخلايا الجذعيّة المكوّنة للدم في نقي عظم المرضى المعالَجين بالإشعاع أو العلاج الكيميائي.

تُنقل خلايا سليمة مكوِّنة للدم من متبرّع مشابه جينيًا (وليس مطابقًا) وتُزرع في جسم المريض وتبدأ في إنتاج خلايا سليمة غير سرطانية.

وفي هذه الحالة ووفقًا لما يقوله الأطبّاء، تأتي الخلايا الجذعيّة الممنوحة بفائدة إضافية، ألا وهي طفرة جينية مرتبطة بمقاومة فيروس نقص المناعة (HIV-1).

عاش إيدموند مصابًا بفيروس نقص المناعة (HIV-1) لمدّة 31 عامًا قبل إجراء عملية الزرع.

وصرّح إيدموند: “كان النّاس يموتون خلال بضع سنوات من اكتشافهم لإصابتهم”. ويصف تجربته في مدينة سان فرانسيسكو خلال الثّمانينات قائلًا: “كأنّ سحابةً سوداء استقرّت فوق المدينة”.

شُخّصت إصابة إيدموند بفيروس نقص المناعة والإيدز عام 1988، واصفًا شعوره تلك اللحظة كَمن حُكم عليه بالإعدام، كما قال لمؤسّسة السرطان الوطنيّة في مدينة الأمل.

خضع إيدموند للعلاج المضادّ لفيروس نقص المناعة منذ عام 1997، والذي كبح الفيروس بشكلٍ فعّال لينخفض إلى مستويات لا يمكن كشفها.

لكن العلاج المضاد الفيروسيّ لا يشفي من الإيدز، إذ يبقى الحمض النوويّ للفيروس موجودًا في الخلايا المناعية في دمه، واستمرّ هذا الأمر إلى أن أنتج العلاج السرطاني نوعًا مختلفًا من الحمض النووي في جسمه.

احتوَت الخلايا الجذعيّة التي تلقّاها إيدموندز في عملية الزرع نسختين من طفرات جينيّة نادرة تُدعى CCR5 delta-3، والتي تجعل من حاملي هذه الطفرات مقاومين الإصابة بالإيدز. يمتلك هذه الطفرة بين 1-2% من مجمل سكان العالم، لكن ومن خلال برنامج مدينة الأمل لزرع نقي العظم وخلايا الدم الجذعيّة وجدوا مانحًا مناسبًا لإيدموندز يملك هذه الطفرة.

يرتبط فيروس HIV بمستقبل CCR5 ليتمكّن من دخول الخلية المناعية ومهاجمتها، لكن وجود طفرة CCR5 تعني أن الفيروس لا يستطيع الدخول عبر هذا المسار.

استبدلت عملية الزرع الخلايا الجذعية ونقي العظم كليًّا لدى إيدموندز بالخلايا الجذعية والنقي من المانح ومنذ هذه العملية اختفت علامات الإصابة بالابيضاض النقويّ الحاد وفيروس نقص المناعة HIV.

إنه شخص واحد من خمسة أشخاص فقط حول العالم خضعوا لهذا العلاج وحصلوا على الشفاء الكامل.

بعد عملية الزّرع، اختفى الحمض النووي الفيروسي بعد أن كان مستوطنًا في خلايا دمه.

وافق إيدموندز على إيقاف علاجه المضاد لفيروس نقص المناعة HIV لمدة 25 شهرًا بعد الزّرع والتي كانت قد تؤدّي إلى عودة انتشار الحمض النووي الرّيبي للفيروس في دمه في حال كان الفيروس لا يزال موجودًا لديه.

كتبَ الأطباء: “خلال فترة متابعة المريض، كان خاليًا من الإصابة بفيروس HIV-1 لمدة 35 شهرًا بعد إيقاف علاجه المضاد للفيروس”.

أظهرت هذه الحالة أن المرضى الأكبر سنًّا الذين يخضعون لعلاج ضد السرطان بزرع خلايا الدم الجذعية منخفضة الكثافة يمكن أن يشفوا من إصابتهم بفيروس HIV-1.

تأتي عملية زرع الخلايا الجذعية مع مخاطر كبيرة، لذا لا يمكن لجميع المرضى المصابين بفيروس HIV أن يتلقوا هذا العلاج؛ فهو قابل للتطبيق على المصابين بسرطانات دم مهدّدة للحياة مع احتمالية الشفاء من فيروس HIV.

تأمل جانا دكتر، وهي طبيبة مشاركة في حالة إيدموند في مدينة الأمل، أن يستفيد آخرون من هذا العلاج (اثنان في واحد) في المستقبل.

تقول الطبيبة: “فكرة أنّ الأشخاص المستفيدين من عملية زرع الخلايا الجذعية لعلاج السرطان سيشفون أيضًا من إصابتهم بفيروس HIV في نفس الوقت مذهلة”.

  • ترجمة: د. نور علي عثمان
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1