أكبر جبل جليدي في العالم ينفصل أخيرًا عن القارة القطبية الجنوبية
انفصل جبل جليدي عملاق يسمى A23 a عن القارة القطبية الجنوبية عام 1986، والآن يتحرك أخيرًا بعيدًا عن القارة الجليدية بعد أن ظلّ عالقًا في قاع البحر لعقود من الزمن.
بدأ أكبر جبل جليدي في العالم A23 a، بالتحرك بعد أن ظل محاصرًا في مكانه قبالة ساحل القارة القطبية الجنوبية لمدة 40 عامًا تقريبًا، ومن المرجح أن تنجرف “الجزيرة الجليدية” العملاقة، التي يبلغ حجمها ثلاثة أضعاف حجم مدينة نيويورك، إلى “مقبرة الجبال الجليدية”، وقد يضعها ذلك على مسار تصادمي مع ملجأ مهم للبطارق قبل أن تتكسّر وتذوب.
وُلد هذا الجبل، الذي تبلغ مساحته حوالي 4,000 كيلومتر مربع (1,550 ميلاً مربعاً)، في عام 1986 عندما انفصل عن الجرف الجليدي فيلتشنر، لكن الجبل الضخم علق بعد فترة وجيزة عندما استقرت عارضته المغمورة في قاع البحر في بحر ويديل.
قال كريستوفر شومان، عالم الجليد في جامعة ميريلاند ومركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا، لموقع Live Science عبر البريد الكتروني: إن A23 a يحمل لقب أكبر جبل جليدي في العالم في عدة مناسبات، حيث جاءت ألواح جليدية ضخمة وذهبت بينما بقي A23 a في مكانه، وقد استعادت الكتلة الجليدية القديمة لقبها مؤخرًا في شهر حزيران/يونيو، عندما تمزقت الكتلة الجليدية السابقة A76 a التي كانت تحمل الرقم القياسي بعد أن قذفتها تيارات المحيط نحو خط الاستواء.
وفي 25 تشرين الثاني/نوفمبر، ذكرت وسائل الإعلام الرئيسية أن A23 a بدأ أخيرًا بالتحرك، ومع ذلك، فإن سعي الجبل للحرية بدأ فعليًا في عام 2020 عندما بدأ في الانفصال عن رباط قاع البحر، بحسب ما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC).
وتُظهر صور الأقمار الصناعية التي تمت مشاركتها على موقع X (المعروف سابقًا باسم Twitter) بواسطة هيئة المسح البريطانية لأنتاركتيكا أن A23 a بدأ أخيرًا بالتحرك من نقطة احتباسه في كانون الثاني/يناير من هذا العام. ومنذ ذلك الحين سافر مئات الكيلومترات على طول ساحل القارة القطبية الجنوبية.
لقد أصبح A23 a عالقًا بسبب سماكة الجليد فيه، وقال شومان: إن الجبال الجليدية بهذا الحجم يمكن أن يصل ارتفاعها إلى 400 متر (1,300 قدم) من الأعلى إلى الأسفل، مع غمر قرابة 90% من كتلتها.
وأضاف شومان: إن بقاءه في مكانه لعقود من الزمن “ليس بالأمر غير المألوف” بالنسبة للجبال الجليدية بهذا الحجم، وقد أشار المستكشفون الأوائل في القطب الجنوبي إليه على أنه “جزر جليدية”.
هذه الجبال المُحاصَرة قادرة على الحفاظ على معظم كتلتها الجليدية لأنها كبيرة جدًا وتبقى قريبة من القارة القطبية الجنوبية.
وليس من الواضح مقدار المياه المحبوسة داخل الجبل، لكن A68 a، وهو جبل جليدي آخر يعتبر الأكبر في العالم سابقًا، والذي كان بنفس حجم A23 a الآن، ألقى أكثر من تريليون طن من المياه خلال تواجده في المحيط.
من المحتمل أن A23 a تحرّر بسبب ذوبان الجليد الموجود على جانبه السفلي من الأسفل، مما أدى إلى انخفاض وزنه ورفعه عن قاع البحر، وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية أنّ هذا يحدث في النهاية لجميع الجبال الجليدية العالقة، ومن المحتمل أن لا علاقة له بتغير المناخ.
ستدفع تيارات المحيط A23 a شمالًا إلى ممر دريك، المعروف أيضًا باسم مقبرة الجبال الجليدية، وهو مسطح مائي مرت عبره معظم الجبال الجليدية الكبيرة الأخرى التي نشأت في بحر ويدل، بما في ذلك A76 a وA68 a، خلال مسيرتها البطيئة إلى مجاريها نحو قبورها المائية.
وتحتوي هذه المنطقة على العديد من الجزر التي يمكن أن تصطدم بها الجبال أحيانًا، بما في ذلك جزيرة جورجيا الجنوبية، وهي جزيرة مأهولة بالسكان في المحيط الجنوبي وتعد موطنًا لمستعمرات ضخمة من البطارق، ففي عام 2020 كان A68 a على مسار تصادميّ مع جورجيا الجنوبية، الأمر الذي أثار قلق العلماء كثيرًا بسبب قدرته على تعطيل قدرات تغذية طيور البطريق، ومع ذلك، تجنّبَ الجبلُ الجزيرةَ بصعوبة قبل أن ينكسر إلى أكثر من اثنتي عشرة قطعة أصغر.
قد تكون جورجيا الجنوبية على مسار A23 a، الأمر الذي يثير مخاوف من احتمال حدوث تصادم آخر في المستقبل، لكن شومان قال إن هذا “ليس مؤكدًا”.
وقال باحثون لرويترز إنه إذا أخطأ A23 a جورجيا الجنوبية، فإن حجمه قد يعني أنه سيظل متواجدًا متجهًا شمالًا حتى جنوب أفريقيا، حيث يمكن أن يؤثر بشكل كبير على طرق الشحن، ومع ذلك، يعتقد شومان أن خطوط الكسر في الجبل قد تجعله أكثر عرضة للتفكك قبل أن يصل إلى هذا الحد.
وسيواصل العلماء تتبع تحركات الجبل الجليدي لتضييق نطاقه وتحديد إلى أين سيتجه بعد ذلك.
- ترجمة: عبير ياسين
- تدقيق علمي ولغوي: فريال حنا
- المصادر: 1