لماذا تدور الأرض؟
تدور الأرض دورة كاملة كل أربعٍ وعشرين ساعةً من الغرب إلى الشرق، مسببةً شروق الشمس من الشرق وغروبها في الغرب، ما يجعلُ النجوم تبدو وكأنها تتحرك عبر السماء.
كما وتدور الأرض على طول خطّّ وهمي يدعى ‘محور الدوران’ من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي، ويشير محور الدوران هذا إلى نجمٍ لامع يدعى بولاريس Polaris، والذي يمكن رؤيته في الليالي الصافية في نصف الكرة الشمالي.
لكن لماذا تدور الأرض في المقام الأول؟ وماذا سيحدث إذا توقفت فجأةً عن الدوران؟
ولفهم السبب دعونا نلقي نظرةً على ما يمكن أن نتعلّمه من الأجسام الأخرى في الفضاء.
كلّ شيء في النظام الشمسي يدور
تدور الشمس في نفس الاتّجاه الذي تدور فيه الأرض، وهو عكس اتجاه عقارب الساعة.
ليس ذلك فحسب، بل وتدور الأرض أيضًا حول الشمس في نفس الاتجاه، كما تفعل معظم الكواكب الأخرى وأكثر من مليون كويكب وكوكب قزم.
يدور كلٌّ من المشتري وزُحل أسرع قليلاً من الأرض، ويستغرق الدوران حوالي 10 ساعات فقط.
إنّ دوران زُحل مائلٌ قليلاً، لذلك نرى مناظر متغيرة لحلقاته بمرور الزمن.
هناك استثناءان لطبيعة الدوران هذه: “أورانوس والزهرة”.
حيث أنّ أورانوس مائلٌ بشكل أكبر من باقي الكواكب، إذ يدور فعليًّا على جانبه، ولا أحد يعلم تمامًا كيف أو لماذا له هذا النحو في الدوران، وإحدى التفسيرات تقول أنّه لربما اصطدم بكوكبٍ آخر.
أمّا كوكب الزهرة الذي يشمله هذا الاستثناء أيضًا، فإنّه يدور باتّجاه عقارب الساعة، ولم نتأكّد بعد مما إذا كان قد تشكّل بهذه الطريقة أو تعرّض لاصطدام.
يعتقد معظم العلماء الآن أنّ دورانه قد انعكس بمرور الوقت بسبب قوى المد والجزر التي تشمل الشّمس والغلاف الجوي السميك لكوكب الزهرة.
إنّ دوران الزهرة وأورانوس بطريقة عكسيّة (عكس عقارب الساعة) يقود علماء الفلك إلى التساؤل حول كيفية تشكيل النظام الشمسي لهذا الاختلاف في اتجاه الدوران هذا؟
تولد النجوم وتدور ببطء
للمزيد من الأدلّة، يمكننا أن ننظر إلى نجمٍ شاب يشكّل للتو نظام الكواكب الخاص به.
أحد هذه الأنظمة النجمية الشهيرة هو نظام ‘بيتا بيكتوريس’، حيث يُحاط النجم بقرصٍ رقيق مكوّن من الغبار، والغاز، وجزيئات صغيرة تسمّى ‘planetesimals’، والتي تتراوح أحجامها بين حبّات الرمل والصخور الكبيرة، وأخرى بحجم الجبال.
إنّ علماء الفلك متأكّدون من أنّ هذا القرص قد تشكّل من المواد التي بقيت عندما وُلد النجم قبل 20 مليون سنة.
يولد كل نجم من سحابةٍ من الغاز والغبار، وتتحرك هذه السحابة عبر الفضاء محاطةً بسحبٍ أخرى مماثلة. كما وتتسبب قوة الجاذبية في شدّ هذه السُّحب باتجاه بعضها البعض أثناء مرورها، مما يجعلها تدور ببطء.
وعندما تنهار إحدى هذه السّحب لتشكّل نجمًا، فإنها تستمر في الدوران، إذ يتشكل النجم ويدور في وسطٍ ما يشبه فطيرةً مسطحة من الغاز والغبار الدوار يسمى ‘قرص كوكبي بدائي’، وكلّ ذلك (النجم والغاز والغبار) يدور في نفس الاتجاه.
يعتقد علماء الفلك أنّ نظامنا الشمسي يشبهُ إلى حدّ كبير نظام ‘بيتا بيكتوريس’ في سنواته الأولى.
نعتقد أنّه يمكن أن يتجمع الغاز والغبار معًا داخل القرص في عمليةٍ تسمّى ‘التراكم’، والتي تعني أنّه عندما يكبر كوكب صغير، يصبح أثقل، وتستقطب جاذبيته المزيد والمزيد من القطع الصغيرة، وعندما يصبح الكوكب الصغير ضخمًا بما فيه الكفاية، تبدأ قوّة الجاذبيّة في سحقه، مما يجعله أكثر كثافة، وذو سرعة دورانٍ أعلى، مثل لاعبة تزلّج على الجليد تجمع ذراعيها لتدور بسرعة.
يؤدّي ارتفاع الضغط في باطن الكوكب إلى ذوبان النواة.، وبالتالي تغرق المواد الأكثر كثافة نحو نواته، وتطفو المواد الأخف على سطح الكوكب، وينتهي المطاف بتشكّل كوكبٍ ذو نواةٍ حديدية محاطة بالصخور، وربما الماء والجليد على الحواف الخارجية.
ماذا سيحدث إذا لم تدُر الأرض؟
دوران الأرض مهم للحياة، وهو أمرٌ أساسي في تعاقب النهار والليل، كما يؤثّر بشكلٍ كبير على درجات الحرارة، فعلى سبيل المثال: عطارد -الذي يدور ببطء شديد- لديه اختلافٌ في درجات الحرارة بشكلٍ كبير خلال النهار والليل، إذ يمكن أن تصل درجات الحرارة إلى 800 درجة فهرنهايت (430 درجة مئوية) ثم تنخفض إلى 279 درجة فهرنهايت تحت الصفر (سالب 173 درجة مئوية) في الليل.
بالإضافة إلى أنّه مهمّ أيضًا للمد والجزر في المحيط، لأنّه وبدون ارتفاع وانخفاض منسوب المياه اليومي، لا تستطيع الكائنات الحية الانتقال من البحر إلى اليابسة.
لذلك، يعتقد علماء الفلك أنّ الأرض تدور لأنّ النظام الشمسي بأكمله كان يدور بالفعل عندما تشكّلت الأرض، ولكن لا يزال هناك الكثير من الأسئلة حول كيفية تغيّر دوران الكواكب بمرور الوقت، وكيف يؤثّر الدوران على تطور الحياة.
- ترجمة: عبير زبون
- تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
- المصادر: 1