هل من الممكن حقًا إبطاء الضوء؟

تمكّن العلماء من إبطاء سرعة الضوء بمقدار 10000 مرّة خلال أحد التجارب.

اكتشفَ العلماء مؤخّراً بأنّهُ يمكن إِبطاء سرعة الضّوء في حالات محددة، ووضّحت دراسة جديدة طريقة تَعِد أن تكون واحدة من أكثر الأساليب المفيدة حتى الآن، لتحقيق ذلك.

يقول الباحثون في هذا الاكتشاف من جامعة Guangxi وَ Chinese Academy of Sciences في الصّين، بأنَّ طريقتهم استطاعت أن تكون مفيدة في الحوسبة والاتصالات البصرية.

تتحرك أشعة الضّوء خلال الفضاء الفارغ بسرعة واحدة -وبسرعة واحدة فقط- 299,792 كيلومتر (حوالي 186,000 ميلًا) في الثانية.

فإذا قُمتَ بإدخال المجال الكهرومغناطيسي إلى مسارها -مثل تلك المحاطة بالمادة العادية- فإن تلك السرعة الاستثنائية تبدأ بالتّباطؤ.

معظم المواد الشّفافة تعمل على إبطاء الضّوء بنسبة ضئيلة، وتلك التَغيُرات في السّرعة هي التي تُسبب انكسار الضوء عندما ينتقل من وسط لآخر.

لكن حقيقةً الضّوابط اللازمة لهذه الانكسارات تتطلّب أَدوات خاصّة، مثل: (البلورات الضّوئيّة أو الغازات الكموميّة شديدة البرودة).

و كتب الباحثون في ورَقتهم التي نُشِرت: “نعتقد بأن عملنا يوفّر اتجاهًا جديدًا تمامًا لتحقيق تفاعلات فائقة القوَّة بين الضوء والمادة في الرقائق الضوئية النانوية”.

تعتمد الطّرق الجديدة على ما يُعرَف بالشَّفافية التّحريضيّة الكهرومغناطيسية (EIT)، والتّي تستخدم بعضًا من ذكاء خدعة الليزر لمعالجة الإلكترونات داخل الغاز الذّي خُزِّن في الخلاء لتحويله بشكل أساسي من شكل غير شفاف إلى شفاف.

هذا يعني أن ضوء اللّيزر يستطيع أن يمرّ من خلاله، ولكن بسبب كيفية تأثيره به فهو يتباطأ أيضًا، الأمر الذي يجعله مثيرًا للاهتمام بالنّسبة للفيزيائيين، كما أن ذلك يعني فقدان الكثير من الضّوء والطَّاقة على طول الطريق الذي يُسلك.

ولتقليل كمية الضياع في الضوء والطاقة وتحسين فعاليّة كامل النِّظام، أخذ الباحثون مبادىء من (EIT) في التَّحكم بالضَّوء، وصممَّوا مادة جديدة لإبطاء سرعته.

إن هذه المادة هي نوع من أنواع الأسطح الكهرومغناطيسية الفوقية وهي بنية اصطناعية ثنائيّة الأبعاد مع خصائص غير موجودة في الطّبيعة.

صُنعت الأسطح الخارقة التي صممها الفريق من طبقات سيليكون رقيقة، مثل: (رقائق الحوسبة اليوم)، ووُجِدَ أنّها أفضل بكثير من الخيارات الموجودة في الطّريقةِ التّي تحفظ وتطلق الطَّاقة (في هذه الحالة: من الضوء).

بالاعتماد على النَّتائج التي حصل عليها الباحثون، يمكن أن يتباطأ الضوء بمقدار أكثر من عشرة آلاف مرة في هذا النِّظام، وفي نفس الوقت يُقَلَّل الضّوء المفقود بمقدار أكثر من خمس مرات مقارنةً بطرائق مماثلة.

إن المفتاح لوجهة النَّظر الجديدة هو الطريقة التي تم بها بناء وحدات صغيرة مُثبَّتة على الأسطح -والتي تُعرف بالذرات الفوقية المحوَّلة-، بحيث تكون قريبة من بعضها بشكل كافٍ لدمجها معًا مما يؤثِّر على الطّريقة التي يتُّم التّعامل بها مع الضوء خلال عبوره.

ويمكن القول أنَّ كُل هذا العلم المعقَّد هو من أجل أفضل تحكُّم بكيفية انتقال الضّوء، نظرًا لكونه يؤدي دورًا أساسيًا، في كُل شيء انطلاقًا من الإنترنت واسع النّطاق وصولًا إلى الحوسبة الكمومية بالإضافة لوجود العديد من التّطبيقات الممكنة.

لم تكن تلك الطَّريقة الوحيدة التّي وجَدها العلماء لإبطاء الضوء -غير التّباطؤ الطبيعي الذي يحدث في مواد أخرى كالماء- لكن تأثيره وإمكانية توسعّه تجعله خيارًا واعدًا إضافيًّا للدراسة،

وكتب الباحثون: “بوجود هذه الاكتشافات، تفتح دراستنا طريقًا جديدًا لضبط تدَّفق الضَّوء في الأسطح الكهرومغناطيسية”.

  • ترجمة: حلا عمران
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1